مَا إن جَفّ حبر مَقال: «إضَاءة سِرَاجي في سِيرة يوسف العَجاجي» -المنشور في هذه الزَّاوية يوم الخميس 11/3/2010م- حتَّى تَوالت الرّدود والصّدود، والتَّعليقات التي فَاقت الحدود، وهذا مُؤشِّر إيجابي، وتَأمُّل إبداعي، وقد كُنتُ أظنُّ - وليس كُلّ الظَّن إثماً - أنَّني الوحيد الذي اكتشفتُ «بئر نفط ثَقافياً» اسمه «يوسف العَجاجي»، وإذا بي لم أقل إلَّا مَا يَعرفه النَّاس؛ عن هذا المُثقَّف الحسَّاس! حَسناً.. سأتجاوز عن الرّدود المَنشورة في موقع الجريدة، والتي فَاقت ال(50)، سأتجاوز عنها، لأنَّ الكُلّ يَستطيع أن يَرجع إليها ويَقرأها، لذا سأُركِّز على نَاحيتين: الأولى: استقبال بَعض الصُّحف الإلكترونيّة؛ وفَرَحِها بما نُشر عن «أبوريان العَجاجي»، ففي صَبيحة نَشر المقال، أرسل لي الصَّديق الممتاز «أبوحاكم» «تركي الروقي» - صَاحب ورَئيس تَحرير جريدة «الوئام» الإلكترونيّة - قائلاً: (نَشرنا مَقال «إضاءة سِراجي» في «الوئام»، تَقديراً لشيخ مَذهبنا القومي «العَجاجي»)، وقَد دَخلتُ عَلى مَوقع «الوئام»، فرأيته مَنشوراً نَقلاً عَن «المدينة»..! والثانية: عَلى صَعيد ردَّة الفعل الثَّقافيّة، فقد أرسل لي مُفكِّرنا الصّديق «إبراهيم البليهي» رسالة جواليّة، تَتضمَّن صَدى جَميلاً وتَفاعلاً نَبيلاً، حول شَخصيّة «يوسف العَجاجي» وتوجّهه العروبي، ونَظراً لأن رسالة «البليهي» فيها مَضامين؛ تَصلح أن تَكون محاور للحديث والنِّقاش، استأذنته لنشرها في هذه الزّاوية، لأجعل الخَاص عَاماً، وإليكم الرِّسالة التي وَردتني مِن المُفكِّر «أبي عبدالرحمن البليهي»، وليُفسّرها كُلٌّ مِنَّا عَلى طَريقته..! يَقول المُفكِّر «أبوعبدالرحمن»: (أحسنتَ أيُّها الرَّائع، ف«يوسف» رَجُلٌ حُرّ، نَأى بنفسه وهَرب بكَرامته، حين كَان الهَرَب صَعباً، لكن العجيب، أنَّ رَجُلاً حُرًّاً مِثله يَعجبه قومه، الذين لا يَعترفون للفَرد بحُريّته، أليست هذه مَأساة فَظيعة..؟! ثُمَّ كيف يَعشق المُستبدِّين الذين يُؤمنون بالسُّلطة المُطلقة، ويُمارسونها كأسلوب حياة تلقائي، ولا يُؤمنون بأي حَق للإنسان..؟! فالقيمة المحورية في حَياتهم هي السُّلطة، أمَّا الإنسان فمُجرَّد وسيلة ورَقم.. رَجُل - مِثل يوسف - أمضَى عُمره حُرًّا في بلاد حُرَّة، مَا الذي يَعجبه في العَرب..؟! إنَّ هذا لمِن أعجب العَجب، لقد سَمعتُ عن «العَجاجي»، وأُعجبت به، لكن إعجابه باستبدَاد العَرب وقبوله لواقعهم البَائس، هو شيء مُحيّر..! كما أنَّ المُحبّ الحَقيقي للعَرب، هو الذي يَكشف أمراضهم، ويُشخِّص عِللهم، ويُحاول الإسهام في شِفائهم، أمَّا الذي يَتغنَّى بأمجَاد «موهومة»، فهو يُساهم في تَعميق خَنادق التَّخلُّف)..! حَسناً.. ماذا بقي..؟! بَقي القول: إنَّ حزمة الأسئلة، وربطة الاستفهامات، التي زَرعها «البليهي»، على صَفحة رسالة الجوَّال، تَبحث عن إجابة، ولن أكون - هُنا - إلَّا مِن رُسل السَّلام، الذين يَحملون الكَلام مِن «البليهي» إلى «العَجاجي»، ومِن «العَجاجي» إلى «البليهي»، لنَعرف مَدى الحريّة والقِيَم المُطلقة للسُّلطة، والاستبداد العَربي، ومَدى اعتراف العَرب بحريّة الآخرين في الدُّنيا والدِّين..! هذا مِن نَاحية.. ومِن نَاحية أُخرى، كم أتمنَّى على مُلحق «الأربعاء الأسبوعي» - تحت إشراف صَديقنا الصَّحفي «فهد الشريف»- أن يَنقل المَعركة إلى «ميدانه الأربعائي»، فمِثل هذه القضيّة لها جذور ثَقافيّة عَميقة، لا تَستوعبها إلَّا صَفحات الأربعَاء..!.