كتبتُ قبل ذلك حول ارتكاب كثير من قائدي المركبات مُضايقات ومُخالفاتٍ صريحة لقواعد المرور بشكل يومي وفظ، إلى حد التعوّد عليها وعدم الانتباه لفداحتها، لكن استمرار حدوثها بصورة فجّة يُشير بوضوح إلى وجود خللٍ سلوكي كبير، من الضروري تحليله ودراسة أسبابه وتداعياته المُجتمعية، وطرق علاجه السلوكية والتربوية والنظامية. فتجاوز كثير من قائدي السيارات لكتف الطريق بقطعهم الخط الأصفر من جهة أقصى اليسار أو اليمين، والانعطاف دون إعطاء إشارة تنبيه، إضافة إلى الوقوف بصورة خاطئة دون الاهتمام بأبسط قواعد الذوق السليم، والسير بعكس اتجاه الطريق، وترك الأطفال يلعبون ويمرحون داخل السيارة دون وسائل أمان، كلها سلوكيات قبيحة ينتهجها كثير من الأشخاص ضمن ثقافة تتضمن أيضاً عدم التزامهم بدورهم في الصف ، واستمراءهم التدخين في أماكن يُحظر فيها، وإهمالهم أبسط السلوكيات الحضارية برميهم النفايات في قارعة الطريق، في إشارة قويّة إلى خُلُق الأنانية المُفرطة، والاستهتار بمشاعر وحقوق الآخرين. إن انتشار السلوكيات الاجتماعية المَعيبة، تُنغّص مُتعة العيش بأمان ضمن ضوابط الأخلاق والقوانين، وتدل على اضطرابات تربوية وأخلاقية وفكرية وسلوكية ونظامية، وتضع مسئولية أخلاقية على المُربِّين والمُثقفين والقنوات الإعلامية، ومؤسسات الدولة، للوصول إلى صيغة تربوية ثقافية نظامية قانونية مُتكاملة، تعمل على تهذيب الأخلاق العامة، وترفع درجة التحضّر والذوق العام، وتزيد من شعور الفرد بمسؤوليته، وتشجّعه على احترام نفسه والآخرين، كما تحاسب بحزم وعدالة المتجاوزين للأنظمة الإدارية والاجتماعية، حفاظاً على هيبة القوانين ورادع السلطان، حتى لايأمنَ أحد العقوبة، فيسيء بعضهم الأدب. من المهم التأكيد على أن الالتزام العام بأنظمة وقوانين المرور في كثير من المُجتمعات المدنية الأخرى واقعٌ ملموس، وسلوكٌ اجتماعي عملي، تَحقَّق نتيجة الإرادة القوية والمنطق السّليم والدراسات الميدانية، وتقديم المصلحة العامة والارتقاء بالذوق العام، وتكريس مبدأ الوطنية، والتقليل من الظلم الاجتماعي، خلال سنوات من العمل المُخلص، لنشر ثقافة «احترام الخط الأصفر» - على سبيل المثال - التي من الممكن الالتزام بها في المجتمع السعودي بحسب جديّة «المُرور» في تطبيق الرصد الآلي لمخالفة التجاوز الخاطئ للخط الأصفر في جميع مدن المملكة كما تم نشره في وسائل الإعلام، فضلاً عن غير ذلك من المخالفات المرورية.