ترتبط أنواع اضطرابات السلوك الاجتماعي، باستمراء مخالفة أبسط قواعد الأنظمة العامة التي يفرضهما المنطق والذوق السليميْن. فعلى سبيل المثال، يتعرّض كثير من قائدي المركبات لمضايقات ومخالفات صريحة لقواعد المرور بشكل يومي وفظّ، إلى حدّ أن بعضهم يألفها نتيجة ولا يعدّها مخالفة من الأساس، كما أن استمرار حدوثها بصورة وقحة، ليس إلا دليلاً على خلل سلوكي كبير، يجب التوقف عنده لتحليله ودراسة أسبابه وتداعياته المجتمعية، وطرق علاجه السلوكية والنظامية. فتجاوز كثير من قائدي السيارات للخط الأصفر من جهة أقصى اليسار، والانعطاف سريعاً جهة اليمين أو اليسار دون إعطاء إشارة تنبيه، إضافة إلى الوقوف بصورة خاطئة دون الالتفات إلى أبسط قواعد الذوق السليم، والسير بعكس اتجاه الطريق، ليس بعيداً عن سلوكيات خاطئة أخرى ينتهجها كثير من أفراد المجتمع كجزء من ثقافتهم الحياتية، مثل عدم التزامهم بالصف في أماكن التسوّق وغيرها، واستمرائهم التدخين في أماكن يُحظر فيها التدخين، دون إبداء بادرة أسف أو خجل تجاه غيرهم، وإهمالهم أبسط السلوكيات الحضارية برميهم النفايات في قارعة الطريق، في إشارة قويّة إلى خُلُق الأنانية المفرطة، وسلوك الاستهتار بمشاعر وحقوق الآخرين، وتكريس لثقافة تجاوز الأنظمة العامة، وتخطّي حدود الأدب والتصرفات اللائقة. إن انتشار كثير من السلوكيات المَعيبة، تُنغّص متعة العيش بسلام ضمن ضوابط الأخلاق والقوانين، وتدل على اضطرابات تربوية وأخلاقية وفكرية وسلوكية، أصابت كثيرًا من أفراد مجتمعٍ يتأثر بهم ويتأثرون به، ويُجَمِّلون صورته أو يُشوِّهونها، وتضع مسؤولية كبرى على المُربِّين والمُثقفين والقنوات الإعلامية إضافة إلى المسؤولين، للوصول إلى صيغة تربوية ثقافية نظامية قانونية مُتكاملة، تعمل على تهذيب الأخلاق العامة، وترفع درجة التحضّر والذوق العام، وتزيد من شعور الفرد بأخطائه ومسؤوليته، وتشجعه على احترامه لنفسه، فضلاً عن احترام الآخرين، كما تحاسب بحزم وصرامة المتجاوزين للأنظمة الإدارية والاجتماعية، حفاظاً على هيبة القوانين، حتى لا يأمنَ أحد العقوبة، فيسيء بعضهم الأدب. قد يبدو نهاية المقال لبعض الناس مجرّد تنظير أو مثاليةٍ مُفرطة، لكنه في كثير من المجتمعات المتقدمة واقعٌ ملموس، وسلوك اجتماعي عمليّ، تَحقَّق نتيجة إرادة قوية، وتوافق مجتمعي، خلال سنواتٍ من العمل المُخلص، لنشر ثقافة "احترام الخط الأصفر". [email protected]