شوارعنا داخل المدن، خصوصا الكبرى منها، تفضح عورات سلوكية مرورية من بعض قائدي السيارات، وكأنهم لم يسمعوا عن حاجة اسمها قواعد المرور، ولا بأن القيادة فن وذوق وأخلاق، وهي احترام للنفس أولا. ففي شوارع كثيرة لا ضابط فيها ولا رابط ولا رقيب ولا حسيب من المرور، وكل واحد يسوي ما في نفسه في السير والوقوف والتجاوز حتى الوقوف فوق الرصيف نفسه، حلا لمشكلة مواقف لم تتوفر بالشكل الحضاري إلى اليوم، وكأنها من المستحيلات السبع. فإذا كان كل هذه المثالب مخالفة لقواعد السير وتحدث يوميا في شوارع مختلفة، فأين المرور؟ وما لزوم التعليمات المرورية صغيرها وكبيرها، أبسطها وأخطرها، إذا لم تطبق على رؤوس الأشهاد حتى تكون عبرة لمن يعتبر، وهذه هي مشكلتنا في التهاون مع المخالفات، باستثناء السرعة وقطع الإشارات التي تفرغت لها كاميرات ساهر ل(قفش) المتجاوز، ففي الحياة لا أحد يتعلم مجانا إلا من اتعظ بغيره واحترم نفسه باحترام القوانين، والحكمة تقول (من أمن العقوبة أساء الأدب)؛ لذلك أتمنى لو أعطت إدارات المرور اهتماما بهذه المظاهر السلبية من المخالفات في السير والوقف، إذا أردنا أن تكون شوارعنا أكثر انضباطا مروريا كثقافة أخلاقية حتى لا يبدو مجتمعنا وكأنه لا يحترم القوانين إلا ب(العين الحمراء!)، وفي أي مجتمع ملتزم تجد السلوك العام هو احترام قواعد المرور بكل تفاصيلها وبشكل ذاتي تلقائي، كاحترامهم لكل شيء يسهل الحياة وحرصهم على احترام القوانين، كحرصهم على النظافة العامة للشوارع وجوانبها ومحيط منازلهم. أتمنى لو وضعت إدارات المرور حلولا لتلك الفوضى بتوسيع خارطة الكاميرات لمراقبة مخالفات الوقوف الخاطئ والتجاوز في السير، وقد وفرت التقنيات الحديثة كل الحلول المتطورة، وبالتالي المطلوب تعميم منظومة المراقبة المرورية.. وقد يقول قائل «لعل للسائق عذرا وأنت تلوم»، وأقول: لا عذر في مخالفة، ولا عذر أيضا لغياب الحلول من مواقف وغياب كاميرات المراقبة وضعف الثقافة المرورية، حتى لا تصبح تلك الفوضى مستعصية كالأمراض المزمنة التي يجب التعايش معها، ولا بد من حلول شاملة لتعزيز الثقافة المرورية، وهذه مسؤولية أهل المرور أولا، فهم أدرى بشعاب شوارعنا والمخالفات والأخطاء.. وإذا ارتقينا بهذه الثقافة المتحضرة، عندئذ تكون كاميرات ساهر جزءا من أنظمة المرور، وليس مجرد بعبع وعين حمراء للمخالفين.