فرض الرئيس أوباما بعض أشد القيود صرامة على ممارسات جماعات الضغط السياسي المعروفة بجماعات (اللوبي) في تاريخ الولاياتالمتحدة. لكن فرد ويرثايمر الخبير في شؤون جماعات الضغط يقول إن الأمر سيستغرق وقتا قبل أن يتبين إن كان ذلك الأسلوب الجديد سيكون له تأثير ملحوظ في الحكومة الأمريكية. وطبقاً لما قاله الخبير ويرثايمر، وهو رئيس منظمة لا تبتغي الربح اسمها الديمقرطية 21، فإن الرئيس أوباما شرع في تغيير أسلوب ممارسات جماعات الضغط بطريقة لم نشهدها من قبل من الرئاسة الأمريكية. وجماعات الضغط هي الجماعات المتخصصة في الدعوة لموضوعات أو قضايا معينة عن طريق ممارسة نفوذها على المسئولين في الحكومة والتأثير على القرارات التي تُتخذ بشأن تلك الموضوعات والقضايا. وكان الخبير ورثايمر قد تحدث مع المراسلين الصحفيين في مركز الصحفيين الأجانب التابع لوزارة الخارجية الأمريكية يوم 17 شباط/ فبراير، حول دور جماعات الضغط في نظام الحكم بالولاياتالمتحدة. ويذكر أن منظمة الديمقراطية 21 التي يرأسها تسعى إلى القضاء على النفوذ غير الملائم في السياسة الأمريكية. وأشار ويرثايمر إلى أن من بين أول الإجراءات التي اتخذها أوباما عقب توليه منصب الرئاسة، أنه وقع أمراً رئاسياً تنفيذياً فرض فيه قيودا لم يسبق لها مثيل على دور أعضاء جماعات الضغط في الفرع التنفيذي للحكومة الأمريكية. ويحظر الأمر التنفيذي على الذين عينهم الرئيس أوباما في مناصب معينة قبول أي هدايا من جماعات الضغط، كما يحظر عليهم العمل على قضايا أو موضوعات يكون قد سبق لهم السعي لممارسة ضغط على المسئولين بشأنها أثناء وجودهم في القطاع الخاص. كما يمثل هذا الأمر التنفيذي المرة الأولى التي تحظر فيها حكومة أمريكية على المعينين من قبل الفرع التنفيذي ممارسة أي نوع من أنواع الضغط السياسي على الحكومة التي كانوا مسئولين فيها بعد تركهم مناصبهم الرسمية. وهذا يعني أنه سيكون محظورا على المعينين تعيينا سياسيا تولي أي وظيفة أو منصب يتطلب ممارسة ضغط سياسي على الفرع التنفيذي طالما ظل أوباما في منصب الرئاسة. ووصف ويرثايمر القيود بأنها (خطوة أولى قوية جدا) تشير إلى الالتزام الجاد للرئيس بمنع أي نفوذ جائر في الحكومة. ثم أضاف إن (تحقيق أي تقدم كبير يجب أن يتم على مدى فترة زمنية طويلة. وينبغي أن يمتد ويتواصل خلال الفترات القادمة ولا يقتصر على الإجراءات المُتّخذة خلال الأيام الأولى لتولي منصب الرئاسة). كما أشار ورثايمر إلى أن تلك القيود ليست فريدة من نوعها في تاريخ الولاياتالمتحدة، وإنما هي أيضا لم تُطبّق في أي دولة أخرى على الإطلاق. وكان أوباما قد أبدى اهتماما في منصبه كعضو في مجلس الشيوخ، وحينما كان مرشحا لمنصب الرئاسة لاحقا، بالحد من نفوذ جماعات الضغط السياسي. وحسبما قال ويرثايمر، فإن أوباما (له سجل طويل يؤكد جديته الشديدة والتزامه الصارم تجاه هذا الموضوع). ولفت ويرثايمر الأنظار إلى أن أوباما حينما كان عضوا في مجلس الشيوخ عن ولاية إلينوي كان بين كبار الشخصيات القيادية التي ساهمت في إقرار تشريع خلال العام 2007 وضع قيودا صارمة على الوسائل التي يمكن أن يؤثر بها أعضاء جماعات الضغط على أعضاء الكونغرس. انظر: مقال آخر متعلق بجماعات الضغط باللغة الإنجليزية. وعن ذلك التشريع، قال ويرثايمر (لقد نتجت عنه قواعد أخلاقية مشددة جديدة للكشف عن ممارسات جماعات الضغط... فهذا التشريع أغلق الباب تماماً أمام أعضاء جماعات الضغط ومنظماتهم فيما يتعلق بإمكانية تحمل نفقات أو تكاليف سفريات أو تنقلات أعضاء الكونغرس، أو الترفيه عنهم، أو إطعامهم). وعمن يمارسون الضغط على المسئولين الأمريكيين، قال ويرثايمر إنه يوجد في الولاياتالمتحدة آلاف الأشخاص ممن يمارسون الضغط على المسئولين الأمريكيين، وهم يمثلون طائفة عريضة ومتنوعة من المصالح، من بينها قضايا وموضوعات دولية. كما أن معظم دول العالم، إن لم يكن كلها، تسعى لأن توظف لحسابها أولئك الأشخاص للعمل من أجل تحقيق مصالحها في واشنطن. وهناك نقطة مهمة أوضحها ويرثايمر حينما تحدث عن وجود فارق بين ممارسة الضغط والرشوة. إذ قال إن الرشوة تتضمن دفع مقابل مادي أو الحصول على امتيازات أو هدايا أو ما شابه ذلك مما يحقق استفادة شخصية للمسئول. وأوضح الخبير أن الولاياتالمتحدة لديها منذ زمن بعيد قوانين تمنع الرشوة وتعاقب المرتشي والفاسد، وأضاف أن الرشوة نادرة الحدوث في الولاياتالمتحدة. أما ممارسة الضغط من خلال أشخاص أو جماعات، فهي نظام موجود في كل النظم الديمقراطية في جميع أرجاء العالم، ومن خلاله يسعى من يملكون ثروات ضخمة وتكون لهم مصالح كبيرة يريدون ضمانها إلى أن يكون لهم نفوذ أو تأثير كبير في قرارات الحكومة. إنه فعل يتصف بالمشروعية وليست فيه أي مخالفة أو انتهاك للقوانين، وهو نظام متأصل في نظام الحكم بالولاياتالمتحدة. وأشار ويرثايمر، وهو نفسه ممن يمارسون الضغوط على مسئولي الحكومة بصفة رسمية، إلى أن ممارسة الضغط على الحكومة (إجراء طبيعي يلجأ إليه الناس عند محاولتهم حماية مصالحهم.. لكن المشكلة تكمن في أن القواعد تسمح لمن يمارسون الضغط باستخدام الأموال وغيرها من المزايا المالية من أجل أن تكون لهم الأفضلية على كل من سواهم في التأثير على قرارات الحكومة).