من يحضر الأمسيات القائمة والمنتشرة في ربوع هذه الأرض الغالية التي تتغنى بالأدب والأدباء يجد العمق الثقافي والأدب الذي تمتد جذوره إلى ثقافات عريقة قديمة.. بل يلمس مدى التقارب الفكري والتلاحم العقلي بين أبناء هذا الوطن.. فبالأمس وفي أمسية اثنينية النعيم الثقافية التي يرعاها ويحتضنها ابن الأحساء البار محمد بن صالح النعيم وفي قصره العامر التقى رجال الفكر والأدب في ندوة مخصصة لأعمال الأديبة الأميرة سلطانة بنت عبدالعزيز السديري حيث شارك الجميع من الحاضرين في مقدمتهم صاحب الأمسية والمحتفي بأعمال الأديبة سلطانة الأستاذ محمد النعيم بكلمة ترحيبية وساهم في هذه الندوة وفي محاورها الأستاذ أحمد بن إبراهيم الديولي بتعريف شامل عن سيرة الأديبة سلطانة ثم اعتلى المنبر الأستاذ عبدالله بن ناصر العويد شاعر الأحساء وعضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية بقصيدته التالية: هنئونا بأختنا سلطانة مُزْنة في إبداعها هتّانه واحة الأحساء أصبحت في ابتهاج إذْ لها في القلوب أسمى مكانة هذه اثنينية ل«نعيم» كرّمت من أفكارها مزدانة سدرة في مدينة الشعر.. مدّت ظلها، إذْ أفنانها ريّانة السّديريةُ انبرتْ لنشاط أدبي فيمموا بستانه يمموا منهل الثقافة.. تلقوا أعذب الشعر يعتلي أحضانه بدواوينها خذوا رحلاتٍ تجدوا بحراً.. مجرياً شطآنه تتباهي مراكز ونوادٍ بكتاباتٍ كللتها الأمانة قدمت نحو المكتبات أزاهيرَ عطاءٍ تفوحُ في كلِّ خانة فتلقتها المكتبات بيمنٍ بوركت دوماً أختنا سلطانة ثم توالت محاور الندوة فهذا الصحفي عبدالله الخضير تحدث عن حوار أجراه مع أديبتنا سلطانة وها هي الدكتورة فاتن حجازي تتحدث عن بنية القصيدة في شعر سلطانة السديري أما الدكتور نسيم عبدالعظيم فهو أيضاً تحدث عن قراءة في شعر سلطانة.. ويشارك في هذه الأمسية من خارج الأحساء وبواسطة الهاتف من حائل الدكتور محمد الشنيطي تحدث عن القصة في أدب سلطانة «دراسة نقدية وقصة رسالة إليه» أما من تبوك تشارك الأديبة سارة البلوي تحدثت عن صالون سلطانة السديري الأدبي والثقافي بداياته وأهدافه وموضوعاته.. ومن إذاعة الرياض شاركت الإعلامية فاطمة العنزي في ورقة عمل مقالة عن «سلطانة.. الأديبة، الإنسانة» ومن ضمن ما قالته فاطمة عن إنسانية سلطانة: «سلطانة السديري تدخل لأعماق النفس لترويها بحب ليس له مثيل وتجعل ربوعها مزهرة.. أجد الساعة في مجلسها ورفقتها الخاصة أغلى بكثير مما هو متعارف عليه من ساعات معتمدة في جامعات العالم.. ولا يلجأ شخص لدارها العامرة بالصداقة والأخوة والنقاء والوضوح إلا وجد ما يبحث عنه.. عرفتها جمعية خيرية متطوعة لعمل البر.. فكم اقتسمت لقمة العيش مع من لجأ إليها وهو محتاج ولا غرابة وهو حال الكثيرات من سيدات هذه الأسرة الكريمة السديري وخير مثال يحتذى به والدة خادم الحرمين الشريفين صاحبة السمو الأميرة حصة الأحمد السديري رحمه الله». بعد كل ما سمعت ماذا عساني أن أقول وأنا المتابع لكل ما تكتبه بنات هذا الوطن.. فالكاتبة السعودية لم تفتح عينها لتجد الطريق أمامها مزروعاً بالورود.. ورغم كل المعوقات والإحباطات وبفضل ما وصلن إليه من النضج والإدراك وما حصلن عليه من مستوى رفيع من التعليم والثقافة جعلهن لم يختفين عن الساحة الفكرية بل قدمن ما لم يقدمه غيرهن واستطعن بإيمان عميق وعزيمة قوية الخروج من دائرة التعتيم إلى دائرة الضوء وأديبتنا الأميرة سلطانة السديري المؤمنة بقدرتها الأدبية وعقليتها الواعية كما قال عنها العلامة الشيخ حمد الجاسر «المرأة عندنا تمسك بالقلم تجيد.. طبيعتها اللطف والرقة والنعومة، تتمتع بصفاء الذهن، ولهذا كثيراً ما يأتي أدبها أوقع في النفس.. النفس تميل وتطمئن إلى ما تبديه الفتاة من آراء لأنها تحاول الدخول عن طريق العاطفة إضافة إلى إيجادها الوسائل التي يستوعبها العقل بسهولة، ما أسعد شعباً تؤرخه امرأة. فالحديث عن سلطانة الأدب يطول لكن تبقى سلطانة الشابة سلطانة الأم سلطانة الأخت سلطانة التي عانقت حروفها هامات النخيل وداعبت كلماتها عذوبة الشمال.. ستبقى سلطانة بنت هذه الأرض التي قال عنها خليفة المؤمنين عمر بن الخطاب «أصابت امرأة وأخطأ عمر» فمن كان في مثل موهبتها وفي قدراتها الأدبية يستحق كل هذا ويحق لها الوفاء من المجتمع الثقافي الذي حري به أن يحتفى بهذه الطاقة الأدبية والفكرية.. ودامت لنا ومن يحذو حذوها.