أبلغ الحديث ما يفيض من الوجدان، تتلقفه القلوب ليستقر في أعماق أعماقها، يضيف جديداً لأفق ممتد من الطمأنينة ويوسع الفضاء المفتوح على معاني الإخوة، تتردد في آذاننا كلمات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله ورعاه- في رثاء أخيه -المغفور له بإذن الله تعالى- سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، ونحن نحتفل بالذكرى السادسة للبيعة سبق وجدان خادم الحرمين الشريفين الكلمات التي اختارها بدقة حين رثى سموه، فهو الأخ العزيز والصديق الكريم والقامة الكبيرة صاحبة المكانة العظيمة والتقدير الذي تستحقه. لم تفاجئ عبارته (نفتقده كما يفتقده شعبه) أهل الكويت الذين يعون عمق العلاقة بين زعيمين التقيا على خدمة بلديهما وشعبيهما وأمتيهما العربية والإسلامية، التقطوا إشاراته إلى عمق العلاقة والمصير المشترك بحب الواعي لرسوخ ما يجمع بين البلدين الشقيقين، وأهمية أخذه بعين الاعتبار والمضي به في عالم مضطرب، ولتأكيده على الوقوف إلى جانب الكويت وهي تودع أميرها إلى مثواه الأخير ما يحاكي ذاكرة الكويتيين التي تحفظ بامتنان موقف -المغفور له- الملك فهد بن عبد العزيز، حين فتح أبواب المملكة للكويتيين في زمن الغزو الصدامي الغاشم، كان المعدن النفيس لسلالة الملك المؤسس حاضراً في ثبات مواقف المملكة تجاه الكويت وأهلها وقت الشدائد. لم يكن خافياً في يوم من الأيام وسيظل عنواناً للذين أخذوا على عاتقهم رفع راية الإسلام والمسلمين إلى ما شاء الله. وفي سياق حديث خادم الحرمين لحظة الفقد دلالات بناء على قاعدة العلاقات الأخوية، لتتواصل مسيرة خير الأمتين التي ترسخت على مدى العقود الماضية مع سمو الأمير الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح وولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، عبَّر الملك سلمان بكلماته عن سيرة ومسيرة حكم سلالة آل عبد العزيز المباركة -بإذن الله- العامرة بالوفاء والحرص على الأشقاء وسلامهم واستقرارهم وأمنهم ومنظومة القيم التي حثنا عليها الخالق -عز وجل- وبشَّر بها آخر الأنبياء والمرسلين، حملها الملك المؤسس خلال حربه لتوحيد المملكة وتوارثها خير خلف عن أسلافهم، وتتجسد اليوم لتكون علامة مضيئة في ظلام تحولات إقليمية ودولية، وتأكيداً على علاقات الأخوة بين العرب والمسلمين، تتجه أنظار أبناء الأمتين إلى مملكة الخير في احتفالاتها بمبايعة ملك الحكمة خادم الحرمين الشريفين دون أن تفارق أعينهم العزيمة والحكمة التي ورثها عن أبيه عبد العزيز آل سعود -طيب الله ثراه- يشدون على يديه الممسكتين بالبوصلة وكلهم ثقة في إصراره على العبور إلى مستقبل تستحقه شعوبنا. ** **