لتقول بعض ما نريد قوله في مقام علا بفعله تتدفق ينابيع الكلام من مشارق الأرض ومغاربها عرفانًا وامتنانًا لمن استحق العرفان والامتنان ولا توفي الذي سبقت أفعاله الأقوال حقه، نعي أن للكلام دلالاته وأن للدلالات دلالاتها حين يتعلق الأمر برمز مثل فقيدنا أميرنا ووالدنا المغفور له سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح -طيب الله ثراه وأسكنه فسيح جنانه- ومن دلالات الكلام التي لا تخطئها عين أن فقيدنا دخل التاريخ من بوابة قلوب الناس في جميع أنحاء المعمورة لتقام الصلوات على روحه وتفتح له بيوت العزاء أينما يممنا وجوهنا على كوكب تسوده الصراعات والحروب ويجتاحه الوباء، اتفقت شعوب الكوكب على مواقفه وعطائه رغم كل ما يفرقها من عوامل وأسباب الفرقة والنزاع، لم تبخل عليه بالدمع الذي يذرف على الأحبة ولم يشغلها عن الترحم عليه مصائبها وانشغالاتها، دلالة تلد أخرى، ومن بين الدلالات الوليدة في هذا المقام أن فقيدنا من القيادات والزعامات التي صارت مضرب مثل للحكمة والخير والعطاء وتجسيد القيم الإنسانية، ترك سيرة تحتذى ليبقى تكرار ظاهرة صباح الأحمد تحديًا لكل عامل في الشأن العام على ظهر البسيطة. عاش صباح الأحمد حياته بوصلة لكل حالم بخير البشرية، وما كان رحيله غير إيذان بتحول البوصلة إلى إيقونة في ضمير القريب والبعيد لغة لإعادة تأثيث الكون بالنخوة والمحبة، عِبَر لا تُحصى في آيات الجمال التي تركها الوالد للأبناء، منارات تعينهم في التعامل مع بحار تتلاطم أمواجها ورياح عاتية تهب على المعمورة من كل الاتجاهات للوصول إلى شواطئ الأمان ومواصلة مسيرة بناء لم تتوقف لحظة واحدة، لم تخلق الأنهار التي سخرها الباري عز وجل لإرواء الأرض العطشى بقيم الخير لكي تتوقف عن الجريان، ولنا في نقاء سريرة سمو الأمير الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح -حفظه الله ورعاه- حسن العزاء، عهدنا سمو الشيخ نواف رافدًا لنهر عطاء لا ينضب شاء الباري عز وجل أن يكمل المسيرة في واحد من أحلك الظروف، يعينه شعب تشرب التجربة، وطن صار للخير والتسامح وحب الآخر عنوانًا، وعالم تجسد أمامه الخير في أهل الخير، يتجاوز سمو الأمير الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح مقولة خير خلف لخير سلف التي تتردد في مثل هذه الأحوال، فهو الحارس الأمين لمكانة الكويت في قلب العالم، حامل إرث لا تقوى على حمله الجبال، وقائد لشعب وفيٍّ استحقه بجدارة. ** **