إن من أصعب المواقف في هذه الحياة الفجيعة بفقد أحد الأعزاء والمحبين، فما بالكم إذا كان هذا العزيز الغالي هو أحد الوالدين! حينها يكون الموقف أشد صعوبة وألماً، وهذا الموقف يحتاج إلى مزيد من الصبر والتحمل، والرضا بقضاء الله وقدره ورباطة الجأش، وهذا ما لمسته من شيخنا معالي الدكتور عبدالرحمن السديس - إمام وخطيب الحرم المكي الشريف والرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي - حينما فقد والده الوقور فضيلة الشيخعبدالعزيز السديس -غفر الله له ورحمه. وعزاؤنا أن الشيخ الوالد وإن فارق الحياة فهو باقٍ بيننا بذكره ومآثره وعمله الصالح: يا آل السديس لا تأسوا فميتكم أبقى عزاءً عظيماً للمصابينا إنا نواسيكم في فقد شيخكمُ بأحرف شدوها نجوى المواسينا ويكفي للشيخ عبدالعزيز - رحمه الله - أثر صالح باقٍ ما خلفه من أبناء بررة، فهم فرع من تلك الدوحة المباركة الخيرة المتواصلة، ولا غروى أن يحزن القلب على فراق محبوبه وتدمع العين, فلنا قدوة في ذلك وأسوة بنبينا صلى الله عليه وسلم إذ يقول: (إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون).. ونحن نقول: وإنا على فراق الوالد الشيخ عبدالعزيز لمحزونون.. فصبراً آل السديس.. رسالةُ عزاءٍ أوجهها أصالةً عن نفسي ونيابة عن زملائي من طلبة العلم لأبنائه البررة ولكل أسرته الكريمة، سائلين الله عز وجل أن يغفر للوالد الفقيد وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يرفع درجته في المهديين، وأن يخلف عقبه في الغابرين، ولسان حال شيخنا معالي الدكتور/عبدالرحمن السديس وإخوته يتمثل بتلك الأبيات في رثاء الوالد رحمه الله ومطلعها: في رحمة الله لم تظلم ولم تخن يا راحلاً عن حياة البؤس والفتن في رحمة الله أودعناك خالقنا رب رحيم يجازي الحسن بالحسنِ في رحمة الله يا أغلى أحبتنا لو نملك الأمر ما جئناك بالكفنِ لو كان في الأمر ما يدعو لنجدتنا كنا اجتهدنا ببذل المال والبدنِ لكنه قابض الأرواح ليس لنا في رده حيلة, يمشي على سننِ أودعتك اليوم رباً لا تضيع لنا ودائع عنده في السر والعلنِ سبحانك الله هذا دربنا وغداً نلقى الأحبة في منأى عن الحزنِ لله ما أسرع الدنيا إذا انقلبت يوماً على أهلها بالهم والمحنِ يانفس صبراً على ما كان واحتسبي فإن ذا العرش ذو جودٍ وذو مننِ رباه فأغفر لمن تحت الثرى ولمن وفاته بعد حسن الفعل لم تحنِ.