التقيت أحد الشعراء المبتعدين عن النشر في الآونة الأخيرة في صالون أدبي لأحد الشعراء قبل أيام وشرح باستفاضة سبب ابتعاده عن النشر، وإن كنت لا أتفق معه لأن ردة فعل أي موقف يجب ألا تتجاوز هذا الموقف في حدودها وتكون أكبر منه حجماً وهذا هو الطبيعي المعتاد المتعارف عليه؛ لأن الموهبة إذا صُقلت بكل مقومات نجاحها بالقراءة وما سواها من مسببات تبرز التجربة بجلاء مشرّف بعد أن تتبلور تجربة صاحبها تماماً، يجب أن يكون لديه من المقدرة على المواجهة المنصفة مع الآخرين كإنسان سوي ما يحفظ له حضوره الذي يستحقه شاء من شاء وأبى من أبى، أما ان يبتعد كل مبدع عن الساحة لموقف سيء يبدر من آخر تجاهه فهذا أمر غير مقبول، فمثلاً يقول زميلنا الشاعر المبتعد لأن (فلانا) من الشعراء كان صديقي وفوجئت بأنه نمّام بين الشعراء ويقوّلهم ما لم يقولوه لأسبابه فأجبته ألم يقل الله سبحانه {هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ} (القلم 11)، وألم يقل الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي رواه عنه حذيفة - رضي الله عنه -: (لا يدخل الجنة نمَّام) متفق عليه، قال زميلنا الشاعر: بلى، قلت إذن كان المفترض أن تكتب قصيدة تعالج فيها كشاعر - هذه الإشكالية - تفعيلاً لدورك الاجتماعي الإيجابي - إذا سلّمنا - بأن الشاعر يؤثر ويتأثر بعيداً عن أي شخصنة محرجة في الأمر، أما ان تأخذك حساسيتك المفرطة بعيداً عن ساحة الشعر لهذا السبب التافه فاسمح لي أنك أنت من أخطأت بحق موهبتك وبحق ذائقة الناس الرفيعة الذين عودتهم لسنوات على متابعة شعرك الرائع، أما من أشرت إليه فدعه وشأنه مع شاكلته (إن الطيور على أشكالها تقع) (Birds of a feather flock together). وقفة للأمير الشاعر محمد السديري رحمه الله: يا بعد فرق الناس رجلي وخيّال والطيب بيّن مثل حيدٍ مشفّي وإن جاك مكّارٍ على الناس محتال ليَّاك مع ما قال لك تستخفّي الناس فيهم للاجاويد ختّال للخبث عن درب الفضيله يلفّي وان حدّتك دنياك في بعض الأحوال اعنز على ليثٍ عرينه يدفّي ما يلتفت في قول شامت وعذال وان كبرت القالات ما يستخفّي أخطر على المخطين من ليث الأشبال ومن حق عدوانه لحقّه يوفّي