فيا أيها المسلمون ان الواجب على من نقل إلي أحد أن فلاناً يقول فيه كذا وكذا أن ينكر عليه وينهاه عن ذلك ويذكره بما قال عليه الصلاة والسلام : (لا يبلغن أحد من أصحابي عن أحد شيئاً فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر) ، وترهبه بقوله: ( لا يدخل الجنة نمام) نعوذ بالله من النميمة ومن أهلها. إذا تبين لكم أن النميمة دواء وبيل وشر خطير يترتب عليه أعظم الشرور والمفاسد فعلى كل واحد منا إذا نقلت إليه النميمة ، كأن يقول لك: قال فيك فلان كذا وكذا أو فعل بحقك كذا وكذا فالواجب أن لا تصدق النمام لأن النمام فاسق ،والله تعالى يقول في شأن الفاسق : ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة) ويجب أن تنهي هذا الناقل وتنصحه إن كنت تظن به خيراً، وأنه يتأثر بالموعظة الحسنة ، فتذكره بما جاء من الآيات والأحاديث الصحيحة في عظم النميمة وخطرها ، وتبين له ما يترتب عليها من إيذاء المسلمين وظلم الناس في أعراضهم وأرزاقهم وتحذره من عاقبة وشايته ، وتأمر أن لا يظن بأخيه الغائب السوء فإن الله عز وجل يقول: ( يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ) وخير علاج يقضى عليه أن ينصرف الناس عن النمام ولا يستمعون إليه ، وروى عن ابن عمر بن عبدالعزيز أنه دخل عليه رجل فذكر عنده وشاية في رجل اخر فقال عمر : إن شئت حققنا هذا الأمر الذي تقول فيه وننظر فيما نسبته إليه ، فإن كنت كاذباً فأنت من أهل هذه الآية : (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) وإن كنت صادقاً فأنت من أهل هذه الآية : ( هماز مشاء بنميم) وإن شئت عفونا عنك ، فقال: العفو يا أمير المؤمنين لا أعود إليه أبداً ، ثم اعلم أن من نقل إليك كلام الناس وأفضى سرهم، فإنه ينقل عنك كلامك ويفشي سرك إلى الآخر. وقال رجل لعمرو بن عبيد: إن رجلاً - وذكرااسمه- ما يزال يذكرك في قصصه بشر، فقال له عمرو : يا هذا ما رعيت حق مجالسة الرجل حيث نقلت إلينا حديثه ولا أديت حقي حين اعلمتني عن أخي ما أكره ولكن أعلمه: أن الموت يغمنا والقبر يضمنا والقيامة تجمعنا والله تعالى يحكم بيننا وهو خير الحاكمين ، وروى أن سليمان بن عبدالملك كان جالسا وعنده الزهري رحمه الله ، فجاءه رجل فقال له سليمان : بلغني أنك وقعت في وقلت كذا وكذا فقال الرجل ما فعلت ولا قلت فقال سليمان: إن الذي أخبرني صادق فقال له الزهري: لا يكون النمام صادقاً ، فقال سليمان : صدقت ، ثم قال: للرجل اذهب بسلام . وروى أيضاً أن بعض السلف زار أخاً له وذكر له بعض اخوانه شيئاً يكرهه فقال له : يا أخي أطلت الغيبة وأتيتني بثلاث جنايات - أي مخالفات - بغضت إلى أخي - أي جعلته مكروهاً عندي - وشغلت قلبي بسببه ، وأتهمت نفسك الأمينة. أحبتي إحفظوا ألسنتكم من هذه الآفة السيئة: النميمة، فإ فيها إفساداً لذات البين ، وفي إفساد ذات البين تعاون على الاثم والعدوان والله جل وعلا يقول : (ولا تعاونوا على الاثم والعدوان) ولذلك سماها النبي (عليه الصلاة والسلام) : (الحالقة، لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين) فعلى كل مسلم ان يسعى في كل امر يؤلف بين قلوب اخوانه ويجمع كلمتهم وان ينابذ ويبغض كل ما يؤدي الى الافساد في الارض بسبب النميمة، فقد سمعتم في الحديث انها سبب لعقوبة الله وعذابه في القبر كما قال عليه الصلاة والسلام : (واما الآخر فكان يمشي بالنميمة) وحسب النمام عقوبة وعذاباً ان لا يدخل الجنة فاتقوا الله واصلحوا ذات بينكم واطيعوا الله ورسوله ان كنتم مؤمنين. فاللهم اهدنا لمحاسن الأخلاق وصالح الأعمال، وجنبنا مساوىء الأخلاق ومنكرات الأعمال اهدنا الى صراطك المستقيم انك جواد كريم، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين والله من وراء القصد.