حمّل مستثمرون وأصحاب مكاتب الاستقدام وزارة العمل مسؤولية انتشار السماسرة والسوق السوداء في قطاع الاستقدام، بسبب ما وصفوه بقرارات الوزارة التعسفية والمتضاربة، ما أسهم في توقف مكاتب استقدام رسمية عن العمل والاستغناء عن عدد من موظفيها وتكبدها خسائر كبيرة. وقررت وزارة العمل أخيراً تحديد سقف أعلى لكلفة استقدام العمالة المنزلية من بنغلاديش والنيجر، كما حددت مدة استقدام العمالة المنزلية ب60 يوماً كسقف زمني أعلى لمدة الاستقدام، وفرضت غرامات مالية في حال تأخر وصول العامل أو العامل البديل عن 60 يوماً. وقال المستثمر تركي العريني في حديثه إلى «الحياة» إن قرارات وزارة العمل الأخيرة الخاصة بالاستقدام تسببت في توقف مكاتب الاستقدام عن استقبال الطلبات الجديدة حتى الانتهاء من الطلبات التي لديهم سابقاً، وذلك على أمل إمكان تطبيق تلك القرارات بعد الانتهاء من جميع ما لديها من طلبات. وأضاف أن غالبية أصحاب مكاتب الاستقدام اعترضوا رسمياً على تلك القرارات وأبلغوا الوزارة بذلك، كما وكلوا محامياً للترافع ضد الوزارة لنقض تلك القرارات غير القابلة للتنفيذ والتي أضرت المواطنين وأصحاب المكاتب، ونشطت عمل السوق السوداء والسماسرة السعوديين والأجانب غير المرخصين بمزاولة هذا النشاط وبكلفة مبالغ فيها ومن دون أي ضمانات أو رقابة من أية جهة تذكر، ما أجبر غالبية أصحاب النشاط على الاستغناء عن كثير من موظفيهم السعوديين لعدم إمكان سداد مستحقاتهم مع توقفها عن استقبال الطلبات الجديدة. ورأى أن «تدخل وزارة العمل في ملف ومفاوضات الاستقدام تسبب في إيجاد معوقات كثيرة في دول تصدير العمالة، وخلق سوقاً سوداء وخدمات التأجير بأنواعها، خصوصاً في شهر رمضان مع حاجة المواطن الماسة ومن عنده ظروف تجبره على استقطاب عاملة منزلية بأي طريقة كانت». من جهته، قال المستثمر ناصر الشتوي إنه «على رغم محاولاتنا التواصل من وزارة العمل إلا أنها رفضت ذلك، على رغم تحديد متحدث رسمي للمكاتب وأُعطي صلاحية التفاوض والدفاع عن حقوق المكاتب، إضافة إلى ممثل لدى الجهات ذات العلاقة لحل المعوقات التي تعترض هذا القطاع إلا أنه لم يلق الترحيب المتوقع من الوزارة، وبدأت في إرسال رسائل كيدية للمكاتب تدعي وجود قضايا تطالب بحلها خلال 24 ساعة أو إيقاف «مستخدم مساند» و«مستخدم التفويض الإلكتروني»، علماً أن المستفيد من هاتين الخدمتين المواطنون». وأوضح في حديثه ل«الحياة»: «الوزارة تهدد مكاتب الاستقدام بالحسم من الضمان المصرفي وتعليق التراخيص، وعند مراجعة الوزارة ومكاتب العمل للتحقق من صحة تلك الرسائل الكيدية توالت على المكاتب لجان التفتيش وتحرير مخالفات على أمور ضعيفة مثل عدم وجود أصحاب المكاتب في مكاتبهم وعدم العمل بموجب العقد الجديد الذي سبق وأن اعترضنا عليه». ووصف الشتوي قرارات الوزارة الأخيرة وبرنامج مساند وغيرها بأنها «قرارات صورية يستحيل تنفيذها أو قبولها من كل دول إرسال العمالة لما فيها من تدخلات في أنظمة الدول الأخرى وغيرها من الأسباب»، لافتاً إلى أن هناك تضارباً وتناقضات غريبة في قرارات الوزارة تثبت فشل كل خطوة تقدم عليها. وتابع: «في السابق تم إصدار قرار وتعميم صارم بعدم تسليم أي مواطن أية تأشيرة على بنغلاديش إلا من طريق مكتب استقدام أهلي لاستخراجها من طريق برنامج مساند ولمتابعة الطلب وعدم تدخل السماسرة في جلب العمالة، وبالأمس تصرح الوزارة للمواطنين بإمكان استخراج التأشيرات من طريق برنامج مساند، ما يسهل لهم تقديم طلباتهم بدلاً من مراجعة مكاتب الاستقدام لحصولهم على التأشيرة المطلوبة والبحث عن المكتب المتمكن من استقدام العمالة المطلوبة في ظل توقف عدد كبير من المكاتب عن استقبال الطلبات». واستطر بقوله: «هذا يجعلنا نتساءل عن الفائدة من استخراج التأشيرات في ظل عجز مكاتب الاستقدام عن تطبيق القرارات الجديدة في الوقت الراهن من دون وضع حلول للمعوقات وتعديل القرارات أو إلغائها؟ وما الفائدة من تسليم المواطن التأشيرة والوزارة تعلم صعوبة واستحالة إحضار العاملة المنزلية وبالتالي لجوء المواطنين للسوق السوداء وتكبد المزيد من الخسائر من دون أي ضمان أو حسيب أو رقيب». بدوره، قال المتحدث الرسمي لمكاتب الاستقدام ماجد محمد الهقاص، إن الاتفاقات السابقة والجديدة التي أبرمتها وزارة العمل منذ توليها المفاوضات مع دول إرسال العمالة جميعها فشلت والبقية آيلة إلى الفشل، ومنها على سبيل المثال الفيليبين التي يستغرق توثيق العقود من سفارتها أو قنصلياتها بالمملكة وقتاً طويلاً وبأعداد محدودة لكل مكتب أسبوعياً، ويتم إيقاف أي مكتب من دون أي سابق إنذار. وقال: «إندونيسيا توقفت مفاوضات اللجنة الوطنية للاستقدام سابقاً معها بحجة الراتب، وطلبت من وزارة العمل عدم إصدار التأشيرات للمواطنين واليوم نجد العاملات الإندونيسيات يعملن لدى بعض شركات الاستقدام بمهنة عاملة نظافة مباني ويتم تشغيلها لدى المواطنين لفترات بسيطة بمبالغ عالية جداً بمهنة عاملة منزلية في مخالفة صريحة لنظام العمل والعمال وبمباركة وزارة العمل وعلمها ودعمها، ويوجد ما يثبت ذلك». وزاد: «وكذلك الهند التي ظلت تطالب بدفع تأمين قدره 2500 دولار من كل مواطن يرغب في عاملة غير متعلمة لعدم ثقتهم بدفع حقوق العاملات، وقبلت الوزارة لعلمها عدم إمكان حفظ حقوق العمالة أياً كانت، ما اضطر المواطن إلى صرف النظر عن تلك الدولة وفشل هذا الاتفاق. وأشار الهقاص إلى أنه بالنسبة لبنغلاديش فإنه منذ توقيع الاتفاق معها وإصدار التأشيرات منذ ثلاثة أشهر لم يصل إلا العشرات فقط من العمالة المنزلية النسائية في ظل إصدار مئات الآلاف من التأشيرات حتى الآن.