تجاوزت المساعدات السعودية العينية والنقدية إلى كوسوفا والشيشان مبلغ البليون دولار منذ 1999 وحتى اليوم، وذلك التزاماً من الرياض باستراتيجيتها القائمة على تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص في العيش والأمان الاجتماعي والسياسي لجميع شعوب العالم. ومن هذا المنطلق واصلت المملكة دورها الإسلامي والعالمي في تقديم مساعدتها للشعوب المتضررة والمنكوبة، ومن ذلك مسلمي كوسوفو المتضررين من حملات الإبادة والتطهير الديني والعرقي التي شنها الصرب في يوغسلافيا، ما دفعهم إلى الفرار بأعداد كبيرة إلى الدول المجاورة. وشيدت المملكة جسراً جوياً لمساعدتهم بدأته في السابع من نيسان (أبريل) 1999، إذ وصلت - بحسب وكالة الأنباء السعودية - إلى مطار تيرانا عاصمة ألبانيا طائرتان سعوديتان محملتان ب120 طناً من المواد الغذائية والخيام والبطانيات والبسط لمساعدة ألبانيا في جهودها لتقديم العون إلى لاجئي كوسوفا، الذين بلغ عددهم أكثر من 50 ألف لاجئ. وأعرب المسؤولون الألبان عن شكرهم وتقديرهم للمملكة على هذه المساعدة والاستجابة السريعة لحاجة الحكومة الألبانية لمساعدات إغاثية لمواجهة أزمة اللاجئين، مؤكدين أن المساعدات دلالة صادقة على أن الشعب السعودي وقيادته يقفان إلى جانب الشعب الألباني وحكومته. وبعد أقل من أسبوعين غادرت الرياض طائرة سعودية تحمل على متنها 10 أطنان من المواد الإغاثية لمساعدة اللاجئين والمهجرين من الشعب الكوسوفي، كما غادرت جدة في اليوم ذاته طائرة إغاثة متجهة إلى تيرانا، على متنها طنان من الأدوية وعدد كبير من الخيام. وعبّر رئيس مقدونيا كليرو قليقوروف، عن سعادته بإسهامات المملكة واستجابتها للطلب الذي رفعته حكومة مقدونيا لأجل مساعدة الكوسوفيين في مقدونيا، كما عبّر وزير الإعلام المقدوني رجب زلاتكو، عن عميق شكره لحكومة وشعب المملكة ووفد اللجنة السعودية على اهتمامه واستجابته السريعة لمعاناة النازحين الكوسوفيين، مشيداً بسرعة تعرف وفد اللجنة بالمشكلات الحقيقية. وقال زلاتكو: «لا نستغرب هذه الوقفة من السعودية لأنه عرف عنها مثل تلك المواقف الإغاثية على مستوى العالم»، مشدداً على أن «ما حدث للشعب الكوسوفي مأساة لم تحدث في تاريخ البشرية». وسجل رئيس مفوضية الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين والمنسق المقيم للأمم المتحدة بالنيابة الدكتور مصطفى عمر، تقديره البالغ لما تقدمه المملكة من عون ومساعدات لمواجهة الأزمات والكوارث الإنسانية في مختلف دول العالم، ومنهم المتضررين من شعب كوسوفو المسلم. وأبرز جوانب العلاقة التاريخية التي ربطت السعودية والأممالمتحدة ووكالاتها المتخصصة خلال ما يقرب من نصف قرن. ونوّه رئيس لجنة الصليب الأحمر الدولي إيرك ويتسبلرج، بالمساعدات التي تقدمها السعودية إلى لاجئي كوسوفا. وقال في 18 مايو 1999: «إن المساعدات السعودية المقدمة إلى لاجئي كوسوفا، مساعدة مهمة وفعالة، إذ تكونت مؤسسات كثيرة للدعم بكونه عمل إنساني ضخم، وخصوصاً في المجال الطبي». ... الرياض تتكفل بنفقات المشيخة الكوسوفية وقت الأزمة امتداداً للجسر السعودي المتواصل لإغاثة شعب كوسوفا المهجرين إلى ألبانيا، قامت اللجنة السعودية المشتركة لإغاثة شعب كوسوفا عن طريق جمعية المشيخة الإسلامية الكوسوفية في تيرانا، بافتتاح مكتب لجمع الكوسفيين المرتبطين بالمشيخة من أئمة ودعاة ومفتين، وتقديم الرواتب الشهرية التي كانوا يستلمونها من قبل، حرصاً من السعودية على استمرار ممارسة عملهم الدعوي والتعليمي والثقافي. وأعرب ممثل المشيخة الإسلامية الكوسوفية في ألبانيا آنذاك رسول ناسيم رجب، عن بالغ شكره وتقديره لحكومة المملكة، والشعب السعودي، واللجنة السعودية المشتركة، على ما يولونه من جهود كبيرة في الإسهام بإغاثة الشعب الكوسوفي. وفي 24 مايو 1999 أفتتح رئيس ألبانيا البروفيسور رجب ميداني، المستشفى السعودي الميداني في تيرانا الذي أنشأته اللجنة السعودية المشتركة بدعم من الخدمات الطبية في القوات المسلحة السعودية، بحضور المسؤولين المعنيين بالصحة في ألبانيا. وضم المستشفى في مرحلته الأولى 50 سريراً لجميع التخصصات الرئيسة، وغرف عمليات، وعناية مركزة، ومختبر، وأشعة، وصيدلية تحوي جميع ما يحتاجه المريض من أدوية. وتواصلاً لمساعدات المملكة في إغاثة شعب كوسوفا المهجرين إلى ألبانيا سلّم سفير الرياض لدى روما (آنذاك) الأمير محمد بن نواف، رئيس وزراء إيطاليا ماسيمو داليما، شيكاً بمبلغ مليون دولار أميركي، في 10 حزيران (يونيو) 1999 يمثل تبرعاً شخصياً من ولي العهد (آنذاك) عبدالله بن عبدالعزيز - يرحمه الله - لمصلحة عملية «قوس قزح» لمساعدة لاجئي كوسوفا في ألبانياومقدونيا التي تشرف عليها رئاسة مجلس الوزراء الإيطالي. وقال داليما: «إن هذا التبرع يدل دلالة واضحة على مواقف المملكة الثابتة والراسخة في مجال النشاطات الإنسانية ومساعدة المنكوبين».