سعت السلطات الإسرائيلية امس الى تهدئة غضب اليهود الأثيوبيين (الفالاشا) بعد يوم على اندلاع اشتباكات عنيفة اثر تظاهرة احتجاج على عنف الشرطة والتمييز الذي يتعرض اليه الإسرائيليون من أصول اثيوبية. واعترف الرئيس رؤوفين ريفلين امس بأن الدولة العبرية ارتكبت «اخطاء» بحق اليهود الأثيوبيين، ووصف معاناتهم ب «الجرح المفتوح»، بينما استقبل رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو امس ممثلين عن الإسرائيليين من اصول اثيوبية. وقال ريفلين في بيان: «ارتكبنا أخطاء. لم نمعن النظر، ولم نستمع بما فيه الكفاية» لمعاناتهم. وأضاف: «كشفت التظاهرات في القدس وتل ابيب جرحاً مفتوحاً في قلب المجتمع الإسرائيلي... معاناة مجتمع يصرخ بسبب شعوره بالتمييز والعنصرية من دون ان يلقى استجابة». 50 جريحاً وأصيب اكثر من 50 شخصاً بجروح، غالبيتهم من عناصر الشرطة، في صدامات دارت وسط تل ابيب مساء اول من امس اثر تظاهرة احتجاجية على عنف الشرطة والتمييز الذي يتعرض اليه الإسرائيليون من اصول اثيوبية. وأطلق عناصر من شرطة الخيالة القنابل الصوتية لتفريق جموع المتظاهرين ومنعهم من اقتحام بلدية تل ابيب، كما أفاد مراسل وكالة «فرانس برس. كما رشق بعض المتظاهرين عناصر الشرطة بالحجارة والزجاجات الفارغة وكراس اخذوها من المقاهي المجاورة. واستخدمت الشرطة خراطيم المياه لتفريق المتظاهرين الذين فروا الى الشوارع المجاورة، لكنهم ما لبثوا ان عادوا للتجمع، في عمليات كر وفر متكررة. وأعلنت الشرطة ان 46 من عناصرها وسبعة متظاهرين على الأقل، اصيبوا بجروح في الصدامات، مشيرة الى انها اعتقلت 26 متظاهراً. وقدّرت عدد المشاركين في التظاهرة بنحو ثلاثة آلاف شخص، فيما نقلت وسائل الإعلام عن منظمي الاحتجاجات ان عدد المتظاهرين بلغ عشرة آلاف. وجاءت الاحتجاجات بعد ايام من تظاهرة غاضبة في مدينة القدس تخلّلتها صدامات اصيب فيها عشرة متظاهرين وثلاثة شرطيين بجروح وتنادى اليها المحتجون إثر بث تسجيل فيديو ظهر فيه رجلا شرطة يضربان جندياً اسرائيلياً من اصل اثيوبي. وقال الجندي الأثيوبي سامس باكادا امس لإذاعة الجيش الإسرائيلي انه لم يتمكن من المشاركة في التظاهرة الأحد لأنه كان يرتدي الزي العسكري، مؤكداً: «انا ضد العنف، لكن يجب الاستماع الى اصوات مجتمعنا» الأثيوبي. وأعلن نتانياهو مساء الأحد انه «سيتم درس كل الشكاوى» المقدمة ضد الشرطة، لكنه اكد انه «ليس هناك اي مكان للعنف». تجدد التظاهرات وكان متوقعا ان يقوم الاثيوبيون بتظاهرة جديدة امس في القدس امام مكتب رئاسة الوزراء، في وقت نشرت الشرطة الاسرائيلية قوات معززة واغلقت المداخل المؤدية الى الموقع، على الرغم من غياب المتظاهرين. ويعيش اكثر من 135 الف اثيوبي يهودي في اسرائيل التي هاجروا اليها في موجتين عامي 1984 و1991، الا انهم يجدون صعوبة في الاندماج في المجتمع الاسرائيلي. وتقول الجمعية الاسرائيلية لليهود الاثيوبيين ان متوسط دخل اليهودي الاثيوبي في اسرائيل يقل بمعدل 40 في المئة عن متوسط الدخل. ويعيش اكثر من ثلث الاسر الاثيوبية تحت خط الفقر (38,5 في المئة) في مقابل 14,3 في المئة من السكان اليهود. واكدت حاغيت هوفاف من الجمعية ان «انفجار العنف الاحد لا يأتي فقط ضد العنف الذي تمارسه الشرطة، لكنه يمثل الغضب ضد التمييز»، مشيرة الى ان اليهود الاثيوبيين «يرغبون في ان يكونوا اسرائيليين بشكل كامل والتمتع بفرص متكافئة» مع غيرهم. وقال وندي اكالي (54 عاما) وهو مدير عام المنظمات الاثيوبية في اسرائيل: «لقد طفح الكيل». واضاف: «يشعر الشبان من مجتمعنا الذين ولدوا هنا وادوا خدمتهم العسكرية، بالاستثناء فقط بناء على لون بشرتهم. المجتمع الاسرائيلي عزلنا في احياء غيتو». وتعهد الناشط الاثيوبي بيني مالاسا ان يواصل المجتمع الاثيوبي «نضاله لكن من دون عنف. انا احب هذا البلد، وارغب في ان يكون لاطفالي مستقبل هنا. لكني اليوم اشعر انني اسود اكثر مني يهودي لان الدولة جعلتنا مواطنين من الدرجة الثانية».