اعلنت الحكومة اليمنية أن آثار الأزمة العالمية أظهرت في شكل قوي التحديات الاقتصادية الكبيرة التي تواجهها البلاد، في ظل الاعتماد شبه الكلي على صادرات النفط في تمويل واردات الخزانة العامة كمصدر أساسي للدخل من العملات الأجنبية. وأوضح وزير المال اليمني نعمان الصهيبي أن الأزمة المالية انعكست على الموازين الاقتصادية الكلية للبلاد، متمثلة في الزيادة المتوقعة في عجز الحساب الجاري وعجز ميزان المدفوعات الكلي وزيادة في عجز الموازنة العامة للدولة. وعدد الصهيبي خلال طرحه البيان المالي لمشروع الموازنة العامة للسنة المالية المقبلة أمام مجلس النواب تداعيات الأزمة المالية العالمية، ومنها الانخفاض الكبير في عائدات الصادرات النفطية للبلاد بسبب الهبوط الكبير في سعر النفط الخام والانخفاض الحاد في كميات النفط المنتج وتراجع الاستثمارات الخاصة، إضافة إلى تأثر قطاعات السياحة والتجارة والنقل. وأورد مشروع الموازنة الجديدة أن دخول الغاز مرحلة الإنتاج هذه السنة أدى إلى تحوّل معدل نمو قطاع النفط والغاز خلال السنوات الثلاث الماضية من نمو سلبي إلى نمو إيجابي بنسبة 2.7 في المئة، إلى جانب تراجع معدل نمو القطاعات غير النفطية إلى 4.5 في المئة. وتراجعت عائدات الصادرات النفطية بنسبة 75 في المئة، ما أدى إلى تحول فائض الميزان التجاري الذي تحقق خلال السنوات السابقة إلى عجز، على رغم تراجع مدفوعات الواردات بسبب انخفاضها نحو 24 في المئة. ولفت الصهيبي إلى تراجع حجم الاحتياط الخارجي للمصرف المركزي اليمني من 8.1 بليون دولار نهاية عام 2008، إلى أدنى مستوياته عند 6.8 بليون دولار منتصف السنة الحالية، لكنه تحسّن نهاية الربع الثالث فارتفع إلى 7.2 بليون دولار مع رفع صندوق النقد الدولي قيمة حصة اليمن في حقوق السحب الخاصة للدول الأعضاء إلى 305 مليون دولار. وتتوقع الحكومة اليمنية أن يحقق الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في الموازنة الجديدة معدل نمو يبلغ نحو 7.2 في المئة، بسبب الزيادة الكبيرة في إنتاج الغاز المتوقع أن يرتفع بنسبة 458 في المئة السنة المقبلة، مقارنة بالسنة الحالية، ما يجعل نمو الناتج المحلي الحقيقي لقطاع النفط والغاز يصل إلى 20 في المئة، على رغم تراجع إنتاج النفط الخام. ويُتوقع ان تتمكن الحكومة من السيطرة على عجز الميزان التجاري عند مستوى 4.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي السنة المقبلة. وانتهجت الحكومة اليمنية سياسة حذرة في تقدير إيرادات الصادرات النفطية وحددت متوسط سعر برميل النفط الخام ب55 دولاراً. ولاتزال الموارد النفطية تمثل المورد الرئيس لتمويل الإنفاق العام في البلاد، ويُتوقع أن تبلغ 754.6 بليون ريال يمني (3.7 بليون دولار)، منها 79.9 بليون من مبيعات الغاز. وبلغ معدل التضخم 7.9 في المئة عام 2007 وارتفع إلى 10.8 في المئة عام 2008، ويتوقع تراجعه إلى نحو 8.5 في المئة نهاية السنة الحالية، نتيجة الانخفاض الملحوظ في أسعار السلع الأساسية والمواد الغذائية المستوردة. وتبقى مستويات استثمارات القطاع الخاص المحلي متدنية، إذ لم تتجاوز نسبتها نحو 28 في المئة من الاستثمارات الاجمالية عام 2008 و33 في المئة هذه السنة، في ظل استمرار ارتفاع نسبة الاستثمارات الحكومية التي بلغت 45 في المئة العام الماضي و48 في المئة هذه السنة.