استقبلت طهران سيرغي ريابكوف مساعد وزير الخارجية الروسي أمس، بتحذير موسكو من أن امتناعها عن تسليم إيران نظاماً متطوراً للدفاع الجوي من طراز «أس-300» سيؤدي إلى الإضرار بالعلاقات بين البلدين. في غضون ذلك، اجتاز الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد عقبة أساسية في اتجاه تنفيذ مشروعه الاقتصادي الطموح الذي يستهدف «ترشيد الدعم الحكومي» للسلع والبضائع الأساسية ومنها الوقود ومشتقاته، والمُطبق منذ الحرب العراقية - الإيرانية (1980–1988)، إذ نجح في تمرير مشروعه التي قدمه الى مجلس الشورى (البرلمان) ويعتبر الأول من نوعه منذ ثلاثة عقود. ووافق المجلس على صيغة المشروع، طالباً الإشراف على آلية صرف تعويضات نقدية للمتضررين، إذ يتضمن المشروع فتح حسابات مصرفية ل36 مليون شخص أي حوالى نصف عدد السكان من ذوي الدخل المحدود، في مقابل إلغاء الدعم الحكومي للسلع الضرورية التي كانت الحكومة توزعها على المواطنين بأسعار مخفضة، مثل الرز والزيت والسكر والقمح والوقود والماء والكهرباء. وسعي النواب الى مناقشة تفاصيل المشروع، خشية انعكاسه سلباً على المواطنين، بتسببه بتزايد التضخم والركود الاقتصادي. وتعتبر حكومة نجاد ان المشروع سيحدث تحولاً كبيراً في البنية الاقتصادية لإيران، بتحرّر الموازنة من العبء المالي الكبير الناجم عن الدعم الحكومي للسلع الأساسية، كما يحرر المشروع في حال نجاحه، الحكومة من مشقات الالتفاف على العقوبات الغربية، ما يجعلها اكثر مناعة أمام الضغوط الهادفة الى ثنيها عن تخصيب اليورانيوم. وتأتي مصادقة المجلس على المشروع الحكومي في ظل مخاوف النواب المحافظين من استعداد نجاد لتقديم تنازلات للغرب في الملف النووي، من اجل تخفيف الضغط الخارجي على الحكومة لتمكينها من إصلاح الوضع الاقتصادي الداخلي. ويتعيّن أن يصادق مجلس صيانة الدستور على قرار البرلمان، ليصبح نافذاً. على صعيد آخر، صعدت طهران مطالبتها بإتمام صفقة الصواريخ التي أبرمتها مع موسكو العام 2007 والتي لم تنفذ روسيا بنودها من دون أن تقدم أي تبرير لذلك. وأفادت مصادر روسية أخيراً أن هذه الصفقة جُمّدت إلى إشعار آخر نتيجة «ظروف سياسية»، علماً أن هذه الصواريخ توفر حماية للمنشآت النووية الإيرانية، من أي هجوم جوي قد يستهدفها. وحذر علاء الدين بروجردي رئيس لجنة الشؤون الخارجية والأمن القومي في مجلس الشورى الإيراني الروس من اتخاذ قرار رسمي بعدم تسليم إيران نظام «أس-300»، معتبراً أن ذلك سيكون «فصلاً جديداً من الوعود التي نكث بها الروس، ما يشكل نقطة سلبية في العلاقات بين البلدين». وتابع: «نظراً الى علاقات التعاون الواسعة بين البلدين، فان فشل المفاوضات في أن تثمر (اتفاقاً) حول هذه القضية سيتعارض مع مصالح روسيا». ويبني خبراء روس مفاعل «بوشهر» النووي جنوبإيران، والذي أُرجئ افتتاحه مرات عدة. وتزامنت تصريحات بروجردي مع وصول ريابكوف أمس، الى طهران حيث التقى سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي سعيد جليلي. وأفادت وكالة «فارس» بأن محادثات ريابكوف مع المسؤولين الإيرانيين خلال زيارته التي تستمر يوماً واحداً، تتمحور حول «القضايا التي تخص البلدين والمنطقة». كما تأتي تصريحات بروجردي بعد ساعات من تحذير الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف طهران من أن عقوبات إضافية قد تُفرض عليها، إذا اتخذت «موقفاً أقل إيجابية» في المحادثات مع الدول الست المعنية بملفها النووي. في غضون ذلك، تراجع بروجردي عن إعلانه السبت الماضي رفض إيران إرسال اليورانيوم منخفض التخصيب الى الخارج، في مقابل الحصول على وقود لمفاعل طهران للبحوث الطبية. وقال: «خيارنا الأول هو شراء الوقود المخصب بنسبة 20 في المئة. وفي حال لم نتمكن من شرائه، عندها نقوم بعملية تبادل محدودة، شرط الحصول أولاً على الوقود المخصب بنسبة 20 في المئة». وأوضحت صحيفة «إيران» الحكومية، مبدأ «التبادل التدريجي لليورانيوم» في مشروع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مشيرة الى انه يتضمن حصولها على «دفعة أولى» من الوقود المخصب بنسبة 20 في المئة، قبل 15 شهراً من إرسالها اليورانيوم المنخفض التخصيب الى الخارج.