سنكون في جنازته الثلثاء 2 كانون الأول (ديسمبر) 2014 ولن تعوزنا السبل لارتداء أجمل ثيابنا وأكثرها أناقة. هكذا يرغب سعيد عقل (مواليد مدينة زحلة 1912) برؤية الشعراء، وهو لم يستسغ يوماً انتساب الشعر الى الفوضى والعبث لغة وجسداً ومعنى. سنكون هناك نستعيد ذكراه بعدما انقطعت الصلات فصار صفحة في كتاب ماضينا، ناصعة لكنها تطوى أو تنشر بحسب الحاجة. وربما يكون موته مناسبة لاستنهاض اللغة العربية بمعاودة قراءة شعره ونثره. فقد انحدرت لغتنا وانحطت أساليب تعليمها بحيث يحتاج دكاترة في الأدب العربي إلى من يصحح كتاباتهم بل يعيد صوغها لتدخل قوام الكلام السليم، ولا نطمح إلى دخولها قوام الكلام الجميل. المهنة شاعر. هكذا نظر سعيد عقل إلى وظيفته في الحياة. والشعر عنده لغة وحلم. أما اللغة فهي نحت للكلام واختزال له ليضم أوسع المعاني في أضيق الألفاظ. وفي ذلك احترام لأصول البلاغة مع تطويرها نحو جمالية شعرية تعادل الطبيعة في وطنه لبنان. وأما حلم الشعر لديه فهو في منبر يطلّ على سامعين ينفعلون ويكون سماعهم سبيلاً إلى إنعاش الجمال في أرواحهم واليقظة في شعورهم الوطني. نصف مهمة الشاعر عند سعيد عقل هو تمجيد لبنان وجذب المريدين إلى هذا الوطن القطب، سواء كانوا من أبنائه أو من الغرباء الذين يحولهم الانجذاب إلى أقرباء. سعيد عقل يجمع الجمال ولبنان على منبر واحد. نستعيده فتنهض النشوة والاحتفال بالحياة وتمجيد الإنسان من كلاسيكياته العربية ورومانسياته بالمحكية اللبنانية. ذو كيمياء خاصة جعلت شعره نقطة انطلاق لا بد منها للحداثة، وهو بهذا المعنى أستاذ معلن لأدونيس ونزار قباني وغير معلن لشوقي أبي شقرا، وهو قمر أضاء ليل بول شاوول ومجايليه في سبعينات القرن الماضي... وهو بهذا المعنى أيضاً أستاذ بالاستتباع لمحمود درويش. ما أحوجنا إلى إعادة قراءة شعر سعيد عقل ونثره، لنرفع الكلام العربي من مستوى الطين الى مستوى اللؤلؤ.