أخطأ سامي الجابر ذلك المساء مرتين الأولى في التوقيت والثانية في مخالفة المنهج الذي اختطه وأعلنه، وهو العمل بصمت بعيداً عن فوضى الإعلام التي يطلق عليها مجازاً حرية وانفتاحاً. ولكنه أصاب في قول الحقيقة مجردة من الزيف والمجاملة وحرك المياه الراكدة، ولأن هناك كثيرين لم يعتادوا هذا النمط من الحوارات الصريحة أصابتهم الحمى وبلغت بهم حد الهذيان، فبحثوا عن المسكنات التي تطفئ لهيبها ووجدوها كالمعتاد في برامج أصبحت صيدليات للعلاج النفسي لكل فاشل أو حاقد أو قتيل غيرة لينفس عما بداخله، والترياق لم يكن سوى الكذب والإسقاط على الناجحين والتقليل من منجزهم. ومن لم تتح له فرصة العلاج هنا وجدها متاحة هناك خارج الوطن في أقبح ما يكون التمثيل الإعلامي، إذ لا يظهر ولا يتداخل إلا أعتى المتعصبين.. حمى تصريح سامي الشديدة كان وقعها أشد إذ فتحت عنوة صفحات من الماضي أعادت إلى الواجهة أحداثاً طويت ومواقف نسيت وأسماء رجال كانوا شهوداً، بعضهم غادر الساحة الرياضية وآخرون مازالوا فيها، وتلك مزية تحسب لسامي ذلك أن من كذب وتجنى على غيره وجد من يوقفه عند حده ويفضح توجهه، فللمرة الأولى يطلع أغلب الجمهور الرياضي على خفايا عقد ياسر القحطاني الاحترافي مع مانشستر سيتي، ولم يكشف تناقض المسؤول عن ذلك عندما سقط من حيث لا يدري ونسي ما سبق وصرح به. وللمرة الأولى يظهر اسم الشخصية الرياضية التي تتدخل في اختيار تشكيلة المنتخب وتقرر من يلعب ومن لا يلعب، فقد ظل الإعلام يردد لقب «السوسة» على أحد أعضاء شرف الهلال العاملين في الرئاسة ويتهمه بذلك، لكن براءته ظهرت عندما اتهم فهد الهريفي في برنامج كورة الرئيس العام السابق سلطان بن فهد صراحة بالتواطؤ مع الإعلام الهلالي وتلبية رغباتهم، ثم التدخل ليحقق لسامي الجابر وحده مجداً باللعب في كأس العالم أربع مرات ويحرم من ذلك محمد الدعيع، وإن كان الدعيع نفى شيئاً مما أسقط به على سامي ودوره فيما جرى فإن المتهم الرئيس لا بد أن يظهر ويرد عن نفسه إن كان فعلاً بريئاً. من هنا لا يحسب الهلاليون الذين ورد ذكرهم في حوار سامي ما حدث شراً لهم بل هو خير، فمهما يكن من اختلاف في الرؤى فالغاية تبقى واحدة وهي مصلحة الكيان. لكن الشر المستطير الذي يسعى لخراب السفينة هم من أخرج سامي أضغانهم ومكنونات صدورهم، فلم يعد مقدمو البرامج الرياضية وحدها من يتنافسون أيهم يثيره أكثر، بل تداخل غيرهم ليس للرد والمناقشة والتوضيح ولكن للانتقاص، وهذه كانت أشد حالات الحمى وتستلزم مضاداً في «الثامنة» وهو الموعد الذي تحدث فيه سامي ذلك المساء. [email protected] Qmonira@