أطلقت الشرطة السودانية الغاز المسيل للدموع الإثنين في العاصمة الخرطوم لتفريق مئات من المحتجين على قرار الرئيس عمر حسن البشير برفع أسعار الوقود. واستطاع البشير الذي يحكم السودان منذ 1989 تفادي انتفاضات الربيع العربي التي أطاحت بحكام في المنطقة لكن كثيرا من المواطنين في البلاد يشتكون من الارتفاع الكبير في أسعار الأغذية وانتشار الفساد والصراعات العنيفة إضافة إلى معدل البطالة المرتفع. ورفعت الحكومة السودانية أسعار الوقود وغاز الطهي أكثر من 75 بالمئة اليوم الإثنين سعياً للسيطرة على الموازنة. وفقد السودان 75 بالمئة من احتياطيات النفط -وهو المصدر الرئيسي للايرادات والعملة الصعبة لاستيراد الغذاء- بعد استقلال جنوب السودان في 2011. وبعد ساعات من تعديل الأسعار داخل محطات البنزين تجمع نحو 800 من المحتجين في وسط الخرطوم وهتفوا "لا.. لا لزيادة الأسعار" بينما هتف آخرون مطالبين برحيل البشير "ارحل.. ارحل". ووصلت قوات الشرطة وأطلقت الغاز المسيل للدموع لتفريق الحشد. وتحدث البشير لمدة ساعتين على شاشة التلفزيون في مؤتمر صحفي مساء الأحد معلنا خطة رفع الأسعار. ووعد باستخدام جزء كبير من الأموال التي سيتم توفيرها في مساعدة الفقراء وزيادة أجور العاملين في الحكومة. لكن كثيراً من السودانيين نفد صبرهم بعد أزمات اقتصادية مستمرة منذ أعوام بسبب سوء الإدارة والعقوبات التجارية الأمريكية. وقال أستاذ جامعي طلب عدم الكشف عن هويته إنه سيجد صعوبة شديدة في توفير متطلبات المعيشة بعد رفع أسعار الوقود. وأضاف "أريد حقا مغادرة السودان." كانت الحكومة بدأت تقليص دعم بعض أنواع الوقود في تموز/يوليو 2012 وقمعت احتجاجات محدودة استمرت عدة اسابيع. وكانت تأمل في الإبقاء على الدعم المتبقي من خلال تعزيز صادرات الذهب لتعويض فقدان إيرادات النفط لكنها واجهت صعوبات جراء هبوط أسعار الذهب العالمية في الفترة الأخيرة. ورفعت محطات الوقود في العاصمة الخرطوم اليوم سعر البنزين إلى 21 جنيها سودانيا (نحو ثلاثة دولارات على أساس السعر في السوق السوداء) للجالون (3.8 لتر) من 12 جنيها. وقال عامل في محطة وقود إن سعر جالون الجازولين الذي تستخدمه الشاحنات ارتفع إلى 14 جنيها من 8.5 جنيه. وزاد سعر اسطوانة غاز الطهي إلى 25 جنيها من 15 جنيها. وتقول الحكومة إن التضخم السنوي انخفض إلى 23.8 في المئة في تموز/يوليو من 37.1 في المئة في مايو أيار لكن محللين مستقلين يستبعدون تلك الأرقام ويقولون إن معدل التضخم يبلغ 50 في المئة أو أكثر. وفقد الجنيه السوداني نحو ثلثي قيمته مقابل الدولار في السوق السوداء منذ انفصال الجنوب.