دعت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أمس السلطات التونسية إلى «التخلي» عن قوانين «قمعية» موروثة من عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، إثر إصدار حكم بسجن مغنيي راب، 21 شهراً بجرم «إهانة الشرطة» في أغنية. وأوردت المنظمة في بيان وزّعته أمس أن «السلطات استخدمت هذه القوانين وغيرها من القوانين القمعية الموروثة (...) بشكل متكرّر لمحاكمة أشكال التعبير التي تعتبرها غير مقبولة». وقالت: «على السلطات التخلي عن هذه القوانين الموروثة من الحقبة القمعية بدل استخدامها لإخماد الأصوات المنتقدة». ولفتت إلى أن «المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) الذي له سلطة اشتراعية، لم يتخذ أي خطوات لإلغاء هذه القوانين». وفي 30 آب (أغسطس) الماضي، قضت محكمة ابتدائية في مدينة الحمامات (60 كلم جنوب العاصمة) غيابياً بسجن مغنيَي الراب «ولد الكانز» و «كلاي بي بي دجي» 21 شهراً، بجرم «اهانة الشرطة» و «التشهير بموظفين عموميين» و «الاعتداء على الأخلاق الحميدة» على خلفية أغنية قدماها في 22 آب (اغسطس) في عرض موسيقي ضمن «مهرجان الحمامات الدولي» الذي ترعاه وزارة الثقافة. وأفادت «هيومن رايتس ووتش» بأن هذه الأحكام «تنتهك حق المغنين في حرية التعبير». وتابعت: «بعد العرض بقليل، اعتدت الشرطة على مغنيي الراب، واعتقلتهما واحتجزتهما لمدة ساعات، ثم أطلقتهما (...) وبعد ذلك بأسبوع، قامت المحكمة (...) بإدانتهما». ونقلت عن المحامي غازي مرابط قوله إن موكلَيه «لم يتسلما استدعاءً لحضور المحاكمة، كما تنص على ذلك مجلة الإجراءات الجزائية، وإنه علم بإدانتهما عبر وسائل التواصل الاجتماعي». وتابعت أن المغنيين «اضطرا للاختباء» وأن محاميهما قرر الطعن في الحكم الابتدائي. ونبهت إلى أن «الحكم على فنانين وصحافيين ومدونين بالسجن بسبب كلماتهم وصورهم الناقدة، هو عمل لا يتناسب مع تونس الجديدة». وأشارت إلى أنه «يتعين على السلطات التونسية الكف عن محاكمة الناس بتهم الاعتداء على مؤسسات الدولة، حتى وإن بدا ما يقولونه جارحاً. كما يتعين عليها إلغاء الأحكام القانونية الواردة في المجلة الجزائية التي تفرض عقوبات بالسجن على تهمة التشهير وغيرها من التهم التي جاءت في صياغة فضفاضة من قبيل تهديد «الأخلاق العامة» و «النظام العام». وذكّرت بأن «المعايير الدولية تحظر تطبيق مفهوم التشهير على هيئات الدولة ومؤسساتها، فلا ينبغي لمؤسسات الدولة أن تقيم دعاوى التشهير ولا أن تسمح بإقامة تلك الدعاوى نيابة عنها».