باشر الوسيط الأفريقي ثابو مبيكي محادثات في الخرطوم، أمس، لاحتواء التوتر بين دولتيّ السودان وجنوب السودان وطلب من الرئيس عمر البشير مهلة جديدة لمرور نفط الجنوب عبر بلاده وتمديد عمل اللجنة الافريقية التي تحقق في الاتهامات المتبادلة بين الخرطوموجوبا بدعم المتمردين المناهضين لنظاميّ الحكم في الدولتين. وأجرى مبيكي يرافقه وزير الخارجية الإثيوبي تادروس أدهانوم محادثات مع الرئيس السوداني البشير وفريق الخرطوم المفاوض مع جنوب السودان في شأن تنفيذ اتفاقات التعاون التسعة الموقعة بين البلدين. وركزت النقاشات على الملف الأمني لتفادي وقف صادرات نفط الجنوب عبر السودان بحلول 7 آب (أغسطس) المقبل. وقال مبيكي للصحافيين إنه شكر البشير على قبوله باللجنة الافريقية للتحقيق في الاتهامات المتبادلة بين الخرطوموجوبا، طالباً تمديد مهمتها لستة أسابيع. كما طلب مبكي الأمر نفسه للجنة الخبراء الأفارقة التي تعنى بترسيم حدود البلدين لإنشاء منطقة عازلة منزوعة السلاح على حدودهما. ويتوقع أن ترجئ الخرطوم وقف صادرات نفط الجنوب عبر أراضيها كبادرة حسن نية تجاه الحكومة الجديدة في جوبا، التي يُنتظَر تشكيلها خلال أيام لاختبار جديتها في وقف دعم تحالف متمردي «الجبهة الثورية». إلى ذلك، تسلمت لجنة التحقيق الافريقية تقريراً من وزير الدفاع السوداني عبدالرحيم حسين تضمن شكاوى تثبت تورط «الجنوب» في دعم المتمردين المناهضين للخرطوم في ولايات دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق. وجدّد السودان أمام اللجنة التزامه بتنفيذ اتفاقات التعاون المبرمة مع جنوب السودان، لا سيما الترتيبات الأمنية، في حال التزمت جوبا بوقف دعم وإيواء الفصائل المتمردة. وأكد حسين امتلاك الخرطوم لأدلة ووثائق تؤكد دعم جوبا للمتمردين والحركات المسلحة. وتعهد أمام اللجنة الافريقية التي تضم ثلاثة جنرالات من السنغال وأنغولا ونيجيريا ببناء علاقات حسن جوار، مطالباً جوبا بالكف عن دعم وإيواء المعارضة المسلحة. وأضاف أن اتفاقات التعاون حزمة واحدة تُنفّذ بوتيرة واحدة أو تُلغى معاً. وتعتزم اللجنة الافريقية خلال جولتها الحالية زيارة ولايات حدودية في دارفور وكردفان للتحقق من مسألة دعم وايواء المتمردين على الأرض. من جهة أخرى، قال رئيس لجنة آلية التحقق الافريقية جوليس استاندي إنهم استمعوا إلى وزير الدفاع وتسلموا تقريراً يحوي شكاوى ضد جنوب السودان، مضيفاً: «سنزور جوبا ونلتقي المسؤولين هناك، وسنستمع إليهم ونقدم بعدها تقريرنا إلى الوساطة الافريقية». من جهة أخرى، أعرب مجلس الأمن عن قلقه تجاه تصاعد الأوضاع الأمنية في اقليم دارفور، بخاصة الهجمات التي تشنها المليشيات الحكومية على قوات البعثة الأممية - الافريقية المشتركة «يوناميد». وقال رئيس بعثة «يوناميد» محمد بن شماس إنه أبلغ أعضاء مجلس الأمن أن الأوضاع الأمنية في إقليم دارفور لا تزال مدعاة للقلق، لا سيما بعد الهجوم الذي شنّه مسلحون مجهولون ضد قافلة تتألف من قوات الجيش والشرطة التابعة لبعثة «يوناميد» في الاقليم، مما أدى إلى مقتل 7 جنود تنزانيين تابعين للبعثة واصابة 17 آخرين من بينهم 4 ضباط شرطة و13 جندياً. وشدد بن شماس على أن التحقيقات جارية للتحقق من المزاعم التي تحدثت عن سرقة بعض السيارات التابعة الى «يوناميد» ورؤية إحدى الشخصيات السودانية المطلوبة أمام المحكمة الجنائية الدولية بداخلها إبان الهجوم على أفراد البعثة الأممية ومقتل الجنود التنزانيين السبعة. كما طلب السودان من مجلس الأمن السماح لأفراد ال «يوناميد» باستخدام القوة والاشتباك في حالة تعرض أفرادها إلى كمائن أو هجمات من قبل الجماعات المتمردة. وأوضح سفير السودان الدائم لدى الأممالمتحدة دفع الله الحاج علي عثمان، عقب انتهاء جلسة المشاورات المغلقة لمجلس الأمن حول دارفور، «أن إقليم دارفور مساحته شاسعة للغاية، وهو في حجم دولة غينيا البلد الأم للسيد محمد بن شماس رئيس البعثة المشتركة، ولذلك فليس بإمكان الحكومة السودانية مراقبة كل شبر في الإقليم». وأضاف: «أبلغت أعضاء مجلس الأمن أن بلادي تضطلع حالياً بإجراء تحقيقات قوية بشأن مقتل الجنود التنزانيين السبعة من قوات حفظ السلام الأسبوع الماضي». مشاورات سلفاكير على صعيد آخر (أ ف ب) أجرى رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت، أمس، مشاورات لتشكيل حكومة جديدة بعد يومين من إقالة جميع اعضاء الحكومة ونائبه ريك ماشار، منافسه السياسي الكبير. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية ماين ماكول إن «الرئيس يريد أن يتمهل في المشاورات قبل أن يشكل حكومة»، ولم يحدد موعداً للإعلان عن التشكيلة الحكومية الجديدة. وأضاف: «قد يستغرق تشكيل الحكومة ثلاثة أو أربعة أيام أو أسبوعاً». في المقابل، نفى المسؤول الآخر في وزارة الخارجية تشارلز مانيانق إقالة الحكومة بسبب التنافس السياسي، كما اعتبر مراقبون، مؤكداً أن السبب اقتصادي ويهدف إلى تعزيز سياسة التقشف الاقتصادي المطبقة في جنوب السودان. وتضرر اقتصاد جنوب السودان كثيراً من جراء وقف الانتاج النفطي الذي يؤمن 98 في المئة من موارده، لأكثر من سنة، إثر خلاف مع الخرطوم. وبحصوله على استقلاله في تموز (يوليو) 2011، ورث جنوب السودان ثلاثة أرباع الموارد النفطية للسودان قبل التقسيم.