رفضت الخرطوم في شدة أمس تقريراً أممياً يتهمها بعرقلة مهمات البعثة الدولية الافريقية المشتركة في دارفور «يوناميد» والتضييق عليها، واعتبرته «ظالماً ومنحازاً ولا يعكس الواقع»، وجددت تحفظها عن تشكيل محاكم مختلطة لمحاسبة المتهمين بارتكاب انتهاكات في الإقليم. واتهم تقرير من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الحكومة السودانية بمضايقة أفراد البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الافريقي في دارفور، وتقييد حركتهم. وقال بان في تقريره إلى مجلس الأمن إن الحكومة السودانية «تمنع الوصول إلى دوريات يوناميد»، واعتبر ذلك «انتهاكاً مباشراً لاتفاق وضع القوات الموقّع مع حكومة السودان وإعاقة خطيرة لقدرة البعثة على تنفيذ تفويضها». وأضاف أن الاشتباكات لا تزال مستمرة بين القوات الحكومية وفصائل التمرد المسلحة في الإقليم. لكن مسؤولاً رئاسياً في الخرطوم حمل في شدة على تقرير بان ووصفه بأنه «ظالم ومنحاز ولا يعكس الواقع في دارفور»، وقال ل «الحياة» أمس إن جهات دولية ساهمت في ممارسة ضغوط على مسؤولين في «يوناميد» لإصدار «تقرير سلبي» لتشويه صورة حكومته، لافتاً إلى أن تقرير بان يتناقض مع تقرير طرحه المبعوث السابق الأممي الافريقي المشترك الى دارفور رودلف أدادا على مجلس الامن في آب (اغسطس) الماضي والذي أكد فيه أن لم تعد هناك حرب دارفور وأن ما يجري كناية عن أعمال نهب ولصوصية. وأضاف المسؤول الرئاسي أن التقرير الجديد سيبعث برسائل سلبية إلى حركات دارفور مما سيساهم في تعنتها في جولة محادثات السلام المقررة قريباً في الدوحة، مؤكداً أن أكثر من 90 في المئة من مساحة دارفور آمنة ومستقرة وأن مئات الآلاف من النازحين عادوا إلى ديارهم ولم يعد هناك نشاط للمتمردين. إلى ذلك أثار وفد مجلس السلم والأمن الافريقي الذي يزور البلاد مع المسؤولين في الخرطوم قضايا دارفور والانتخابات والاستفتاء على مصير جنوب البلاد المقرر في 2011. وتوقع مستشار الرئيس السوداني مسؤول ملف دارفور غازي صلاح الدين أن لا تشمل الانتخابات مناطق البلاد كافة، مبيّناً أن الانتخابات منذ عام 1953 لم تكن خالية من العيوب، كما أن هناك انتخابات كان فيها التصويت في إقليمالجنوب ضعيفاً. بيد أنه أكد أن حكومته تسعى إلى اقامة عملية انتخابية بأفضل الشروط والممارسات. وقال صلاح الدين للصحافيين عقب اجتماعه مع أعضاء مجلس الأمن والسلم الافريقي إن زيارة الوفد الافريقي هدفت إلى التحقق مما يجري على الأرض في دارفور والتعرف ميدانياً على الأوضاع، مع التعرف على نية الحكومة في التعامل مع تقرير لجنة حكماء افريقيا في شأن معالجة أزمة دارفور برئاسة رئيس جنوب افريقيا السابق ثابو مبيكي. وعن المحاكم المختلطة لمحاسبة المتهمين بارتكاب انتهاكات في دارفور كما أوصى تقرير مبيكي، قال صلاح الدين إن حكومته لا تزال عند تحفظاتها و «سننظر إلى دستور البلاد واتفاق السلام كمرجعية»، مؤكداً موافقة الخرطوم عموماً على تقرير لجنة مبيكي مشيراً إلى أنها بدأت عملياً في ترجمته عبر خطوات عملية.