كشف رئيس لجنة حكماء أفريقيا ثابو مبيكي عن قرب توصل حزب «المؤتمر الوطني» الحاكم وشركائه في «الحركة الشعبية لتحرير السودان» إلى وثيقة اتفاق في شأن كل القضايا الخلافية العالقة بين الطرفين وفي مقدمها ترسيم الحدود بين شمال البلاد وجنوبها واستفتاء جنوب السودان والأمن وموضوع أبيي فضلاً عن قضايا ترتيبات ما بعد الاستفتاء. وقال مبيكي في تصريحات عقب لقائه نائبي الرئيس سلفاكير ميارديت وعلي عثمان طه إن مؤسسة الرئاسة وافقت على التعاطي مع قضية أبيي كمسألة مستعجلة. وينتظر أن تعلن الوثيقة خلال يومين وستشكل اختراقاً في عدد من القضايا العالقة المرتبطة الاستفتاء. وكانت المحادثات بين شريكي الحكم حزب «المؤتمر الوطني» و«الحركة الشعبية لتحرير السودان» برعاية الاتحاد الأفريقي لم تحقق خلال الاسابيع الماضية اختراقاً في شأن القضايا العالقة وخصوصاً النزاع على أبيي وترسيم الحدود بين شمال البلاد وجنوبها. وعُلم أن مبيكي طرح على سلفاكير وطه إرجاء الاستفتاء على مستقبل منطقة أبيي بين الانضمام إلى جنوب البلاد أو البقاء في وضعها الاستثنائي الحالي لأن إجراء استفتاء متزامن مع تقرير مصير الجنوب سيكون صعباً بعدما فشل طرفا الحكم في تحديد هوية الناخب في أبيي وتشكيل مفوضية استفتاء المنطقة، ويدعو الوسيط الأفريقي إلى خطوات تطمئن أهل المنطقة، وتحد من انفجار أي وضع بسبب أي قرار بتأجيل الاستفتاء. وتشترط «الحركة الشعبية» النظر في الإطار العام للقضايا الأخرى قبل حسم مشكلة أبيي. وقال مبيكي للصحافيين عقب لقائه سلفاكير وطه إنه ناقش معهما نتائج المحادثات الجارية بين شريكي الحكم وترتيبات الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب، موضحاً أنه جرى الاتفاق على وضع تقرير اللجنة المشتركة لحزب «المؤتمر الوطني» و «الحركة الشعبية» أمام مؤسسة الرئاسة التي تضم الرئيس عمر البشير ونائبيه سلفاكير وطه للبت فيه وذلك عقب عودة البشير من الأراضي المقدسة. وفشل اجتماع مؤسسة الرئاسة السبت بسبب تأخر وصول سلفاكير لتعثر إقلاع طائرته من مطار جوبا عاصمة الجنوب، وسفر البشير إلى الأراضي المقدسة لأداء مناسك الحج، إلا أن الرئيس ونائبه عقدا مشاورات عابرة في المطار قبيل مغادرة البشير إلى المملكة العربية السعودية. وقال وزير الإعلام في حكومة الجنوب برنابا بنجامين إن حزب «المؤتمر الوطني» طلب عقد اجتماع عاجل لمؤسسة الرئاسة لمناقشة القضايا الخلافية العالقة بين الشريكين، موضحاً أن الرئاسة أرسلت طائرة روسية الصنع من طراز «انتونوف 92» إلى جوبا لنقل سلفاكير إلى الخرطوم، إلا أنها فشلت في الإقلاع خمس مرات متتالية، ونظراً إلى أهمية اجتماع الرئاسة اضطر رئيس حكومة الجنوب إلى السفر عبر طائرة كينية لكنه تأخر حتى اقتراب موعد سفر البشير. إلى ذلك، اتهم مستشار الرئيس السوداني للشؤون الأمنية الفريق صلاح عبدالله قيادات سياسية بتسويق فكرة انفصال الجنوب عن الشمال، وقال: «هناك مخربون ومأجورون بلا فكر لم نرهم وقت الحرب أتوا اليوم ليتاجروا بوحدة البلاد بأفكار رخيصة». وأكد أن أمن البلاد سيصبح أقوى حتى وإن اختار الجنوب الانفصال. وتابع: «بعض المرجفين ينشرون أحاديث لا أساس لها من الصحة عن انه بعد الانفصال سينفلت الأمن والاستقرار ولكنني أريدكم أن تطمئنوا أننا قادرون على السيطرة على الأوضاع ونحمي كل الشماليين والجنوبيين في البلاد في حالتي الوحدة أو الانفصال». وأفاد أمام احتفال بزواج ألف شاب وشابة من الشمال والجنوب في الخرطوم أن الجنوبيين احتموا بالشمال وقت الحرب ولن يتأذوا في حال الانفصال. وقال: «حتى وإن انفصلنا سياسياً فإن الوحدة الاجتماعية تظل موجودة بين الشعب الواحد». وأضاف عبدالله: «إذا اختار الجنوبيون الانفصال عن الشمال لن نبكي ولن نحزن وسنفرح ونضحك لأن حزب المؤتمر الوطني سمح لقطاع كبير من أبناء السودان بأن يختاروا مصيرهم». لكن نائب الأمين العام ل «الحركة الشعبية» ياسر سعيد عرمان حذّر من مخاطر على حياة 13 مليون سوداني في حال وقوع انفصال جنوب السودان، لافتاً إلى وجود 9 ملايين سوداني ينتمون إلى القبائل الحدودية الشمالية و4 ملايين مثلهم في الجنوب، مشيراً إلى خطورة الأيام المقبلة على السودان في حال عدم الاهتمام بالمحافظة على التعايش السلمي الممتد آلاف السنين. وكشف عرمان في ندوة سياسية عن «أزمة المواطنة»، أن هناك ضغوطاً كثيفة تُمارس على رئيس مفوضية استفتاء جنوب السودان محمد إبراهيم خليل من أجل تقديم استقالته سعياً إلى إفشال الاستفتاء، محذّراً من مغبة تجاهل العدالة وتأثيرات إدخال «الدولة الوليدة» في الجنوب في صراعات مدمرة. وأكد عرمان أن «الحركة الشعبية» ستواصل نشاطها في الشمال بغضّ النظر عن احتمالي الاستفتاء، مؤكداً أن قوات حركته في ولايتي النيل الأزرق وجبال النوبة اللتين شملهما اتفاق السلام يزيد عددها على عدد مقاتلي الحركات المسلحة في دارفور. وأعلنت مفوضية استفتاء جنوب السودان أمس أن عملية تسجيل الناخبين الذين يحق لهم التصويت في الاستفتاء ستبدأ اليوم الاثنين وتستمر 17 يوماً. وقال رئيس المفوضية محمد إبراهيم خليل خلال مؤتمر صحافي إن التسجيل سينطلق في ولايات الشمال ال 15 والجنوب ال 10 منذ الثامنة صباحاً وحتى السادسة مساء لمدة 17 يوماً تشمل أيام العطلات. وأشار إلى أن من شروط نزاهة الاستفتاء ونجاحه أن تكون العملية سودانية ينفّذها السودانيون بمساعدة المجتمع الدولي، مع إحكام التنسيق في الإجراءات بين الشمال والجنوب، بجانب إلمام الشعب السوداني بمآلاتها، وأن يكون الناخبون ملمين بالمعلومات ومآلات الاستفتاء. وأضاف خليل أن عملية التسجيل ستتأخر في كل من أستراليا ومصر وأميركا لعدم اكتمال الترتيبات بسبب الاتصالات والبروتوكولات، مشيراً إلى إمكان تعويض الأيام التي سيتأخر فيها التسجيل في أيام محددة للاستئناف ممنوحة للجنوبيين في الداخل، وستشرف المنظمة الدولية للهجرة على عملية التسجيل في ثمانية بلدان هي أستراليا وبريطانيا وكندا ومصر وإثيوبيا وكينيا وأوغندا والولايات المتحدة. وذكر رئيس مفوضية الاستفتاء أن عدد مراكز التسجيل في الجنوب بلغ 2500 مركز بها 7500 موظف، في مقابل 165 مركزاً و495 موظفاً في الشمال. وأكدت المفوضية قبولها أي وثيقة صادرة عن الجهات الرسمية للتسجيل حتى لو انتهت صلاحيتها، بجانب قبول شهادة السكن. على صعيد الأوضاع في دارفور، اتسع نطاق المواجهات بين القوات الحكومية ومتمردي «حركة العدل والمساواة» وانتقلت من شمال دارفور وجنوبها إلى ولاية جنوب كردفان المتاخمة لجنوب البلاد. واتهمت الخرطومالجنوبيين بإيواء متمردي دارفور ودعمهم. وأعلن «الجيش الشعبي لتحرير السودان» الذي يسيطر على جنوب البلاد الذي يتمتع بحكم ذاتي، عن قصف الجيش السوداني الشمالي عن طريق الخطأ إحدى قواعده في الضفة الجنوبية من نهر كير بولاية شمال بحر الغزال، ما أدى الى إصابة سبعة من جنوده أحدهم في حال خطر كما أصيب خمسة مدنيين. لكن القوات الشمالية قالت إنها هاجمت مجموعات رئيسية تابعة إلى متمردي «حركة العدل والمساواة» كانت تحاول العبور إلى الجنوب للاحتماء ب «الحركة الشعبية» في منطقة جنوب غربي الميرم بولاية جنوب كردفان. وقال الناطق باسم «الجيش الشعبي» العقيد فيليب أقوير ل «الحياة» إن القوات الشمالية دخلت في اشتباكات مع «حركة العدل والمساواة» استمرت أسبوعاً وامتدت من دارفور إلى غرب الميرم في ولاية جنوب كردفان، مشيراً إلى أن قصفاً جوياً عشوائياً أصاب أول من أمس قاعدة لجيشه في الضفة الجنوبية من نهر كير المعروف ببحر العرب في ولاية شمال بحر الغزال. وكشف اقوير عن اتصالات تمت على مستوى رئاسة هيئة الأركان للجيشين الجنوبي والشمالي في شأن الحادث، وأكد أن الجيش الشمالي اعتذر عن الحادث وقال إنه وقع عن طريق خطأ. ونفى في شدة أي علاقة للجيش الجنوبي مع «حركة العدل والمساواة»، وأكد خلو الجنوب تماماً من أي قادة للحركة المتمردة في دارفور. وأصدر الجيش السوداني بياناً أكد فيه سيطرته على منطقة وادي هور في شمال دارفور، وطرد من تبقى من متمردي «حركة العدل والمساواة» منها. كما أشار إلى أن القوات الحكومية دخلت منطقة كرياري، ما أدى إلى هرب من تبقى بها من متمردين «تاركين وراءهم عدداً كبيراً من القتلى والأسلحة والذخائر». وقال الناطق باسم الجيش السوداني المقدم الصوارمي خالد سعد إن القوات الحكومية هاجمت مجموعات من متمردي «حركة العدل والمساواة»، محدثة فيها خسائر كبيرة من القتلى والجرحى في جنوب غربي مدينة الميرم بولاية جنوب كردفان، وتمكنت بعد ذلك بقية المتمردين من الانسحاب جنوباً حيث استقبلتهم «الحركة الشعبية» في مطار جاج بولاية بحر الغزال. وأضاف أنه جرى ترحيل 67 جريحاً منهم إلى مدن جوبا وياي في جنوب البلاد، في حين رُحّل آخرون إلى أوغندا المجاورة عن طريق طيران منظمات أجنبية. واعتبر ذلك خرقاً للاتفاقات والبروتوكولات الموقعة مع «الجيش الشعبي».