لن يخرج التحالف الشيعي بقيادة حركة «أمل» و «حزب الله» عن طوره في رد فعله على قرار الاتحاد الأوروبي إدراج الجناح العسكري للأخير على لائحة الإرهاب ويبادر إلى غض النظر عن تحويل منطقة العمليات المشتركة للجيش اللبناني و «يونيفيل» في جنوب الليطاني إلى ساحة لتصفية الحسابات مع الوحدات الأوروبية المشاركة في عداد القوات الدولية لتطبيق القرار 1701، سواء من خلال تجييش الجنوبيين عليها أم عبر عدم التعاون معها لضبط الوضع، وبالتالي السماح باستخدام هذه المنطقة لتوجيه الرسائل السياسية احتجاجاً على القرار. وتقول مصادر دولية مواكبة للتحرك الذي قامت به سفيرة الاتحاد الأوروبي في لبنان انجيلينا ايخهورست في اتجاه أركان الدولة اللبنانية فور صدور القرار، في محاولة لتهدئة الخواطر بعدما فوجئوا بصدوره على رغم أنهم كانوا يتوقعون من معظم الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التريث، إن لبنان الرسمي أجمع على ضرورة مراجعته وإعادة النظر فيه لما يترتب عليه من تداعيات من شأنها أن تضيف عوامل جديدة على لائحة الموانع التي ما زالت تؤخر ولادة الحكومة الجديدة. وتؤكد أن السفيرة ايخهورست انطلقت في دفاعها الهادئ عن القرار من ضرورة التمييز بين الجناح العسكري في «حزب الله» والآخر السياسي للإبقاء على التواصل مع قيادة الحزب بغية الحفاظ على الحد الأدنى من الاستقرار السياسي. وتضيف أن ايخهورست توقفت أمام العلاقة القائمة بين «حزب الله» و «يونيفيل» في محاولة للتأكد من أن القوات الدولية المرابطة في جنوب الليطاني لن تكون مشمولة بردود الفعل على قرار الاتحاد الأوروبي، باعتبار أن الوحدات الأوروبية المشاركة فيها تتبع مباشرة للأمم المتحدة ولا تأتمر بأوامر الدول المنتمية إليها، إضافة إلى أن القرار صادر عن المجموعة الأوروبية وليس عن مجلس الأمن. وتعتبر المصادر أن المفاعيل المباشرة لهذا القرار تكمن في ممارسة الضغط السياسي على «حزب الله»، وان سببه الأساسي ضلوع الأخير في القتال إلى جانب النظام السوري في حربه الدائرة مع المعارضة، وان الأسباب الأخرى لم تكن دافعاً كافياً للدول الأوروبية لتسريع صدوره. وترى أن الدول الأوروبية المشاركة في «يونيفيل» عندما وافقت على القرار، كانت تدرك أن مفاعيله يمكن أن تنعكس، ولو بصورة غير مباشرة، على التعاون القائم بين قيادة القوات الدولية و «حزب الله» في جنوب الليطاني، لكنها لا تتوقع في الوقت عينه أن يرتفع منسوب التوتر بينهما إلى حدود تهديد الوجود الدولي الساعي بالتنسيق مع الجيش اللبناني لتطبيق القرار 1701. وتلفت المصادر نفسها الى ان لا مصلحة للتحالف الشيعي، وأوله «حزب الله»، في تغييب المرجعية الدولية عن جنوب الليطاني. وتعزو السبب إلى ان ترحيل «يونيفيل» من هذه المنطقة يعني أن قيادة الحزب اتخذت قرارها بتغيير قواعد الاشتباك في الجنوب، وهذا ليس وارداً حتى إشعار آخر، لأن البديل سيكون إقحامه في حال من الفوضى والفلتان ما يسهل على أطراف غير مرئية الإفادة من الفراغ الدولي في محاولة لجر هذه المنطقة إلى المجهول. وتعتقد أن الدول الأوروبية المشاركة في «يونيفيل» ما كانت أقدمت على تأييد إدراج الجناح العسكري ل «حزب الله» على لائحة الإرهاب لو أنها كانت تعتقد أن الأخير يمكن أن يستهدف في رد فعله القوات الدولية. وتسأل: «هل استحصلت على ضمانات في هذا الخصوص، أم أن لديها تقديرات بعدم حصول رد فعل يدعو للقلق على وجودها في الجنوب؟». وتقول المصادر إن مجرد تغيير قواعد الاشتباك في الجنوب مع تراجع «يونيفيل» عن مهمتها تطبيق القرار 1701 يمكن أن يطلق العنان لإسرائيل للإمعان في تكثيف اعتداءاتها على الأراضي اللبنانية وخروقها للأجواء، «ولا نظن أن هناك من يخطط لإقحام الجنوب في مغامرة عسكرية». لكن هذه المصادر لا تستبعد احتمال ارتفاع منسوب التوتر بين «يونيفيل» وبين أهالي بعض البلدات الواقعة في جنوب الليطاني، إذ يمكن أن يظهر رد فعل شعبي محدود على القرار، لكن هذه «المواجهات» لن تتطور في اتجاه اضطرار الدول الأوروبية إلى إعادة النظر بمشاركتها في القوات الدولية. وبكلام آخر، تؤكد المصادر أن «المواجهات» هذه، إذا حصلت، ستبقى تحت السيطرة ولن تخرج عن تلك التي حصلت في أوقات سابقة، وقد يراد منها التعبير عن «فشة خلق» من باب الاحتجاج على القرار، من دون أن تترتب عليها تداعيات تهدد سلامة العاملين في «يونيفيل». وترى ضرورة لتحييد «يونيفيل» عن الصراع الدائر حالياً بين «حزب الله» والاتحاد الأوروبي على خلفية القرار الذي اتخذه، على رغم عدم استبعاد حصول مناوشات ذات طابع «شعبي» من حين إلى آخر بين القوات الدولية وبين أبناء بعض القرى، بذريعة أنها عفوية وليست لها خلفية سياسية، لا سيما أن تغيير قواعد الاشتباك سيؤدي حتماً إلى تهديد الاستقرار ويمكن إسرائيل الإفادة منه وتوظيفه من أجل الضغط على المجتمع الدولي بدءاً بالاتحاد الأوروبي لإدراج الجناح السياسي للحزب على لائحة الإرهاب. ونقلت المصادر عن رئيس المجلس النيابي نبيه بري، تأكيد حرصه على دور «يونيفيل» في الجنوب، ورفضه أن ينعكس القرار الأوروبي على الوضع في الجنوب، وضرورة ضبط أي تحرك للناس العاديين والعمل فوراً لمعالجة كل الإشكالات. لذلك، هناك من يعتقد -كما تقول المصادر- أن الدول الأوروبية المشاركة في «يونيفيل» لمَا كانت تجرأت على تأييد القرار لو كانت لديها مخاوف من احتمال انعكاسه على دور القوات الدولية، ومثل هذا «الاطمئنان» يفتح الباب أمام دور أركان الدولة في لبنان في الإبقاء على «جنوب الليطاني» بمنأى عن أي رد فعل يهدد الوضع القائم، وتسأل ما إذا كانوا تلقوا تعهداً من «حزب الله» في هذا الشأن بعدما أجمعوا على ضرورة إعادة النظر في القرار الذي لا يخدم الحفاظ على الاستقرار الداخلي. وعليه، تؤكد المصادر أن «حزب الله» لن يفرط بموقف الدولة اللبنانية من القرار، وهو يراهن على إمكان تطويره، وبالتالي لن يتعاطى مع مفاعيله من منطلق عاطفي يمكن أن ينسحب سلباً على الجنوب، لأنه لا يريد أن يبقى منفرداً في مواجهته. «يونيفيل»:نعمل كالمعتاد وهدوء غير مسبوق بيروت - «الحياة» اكدت الناطقة بإسم قوات «يونيفيل» أنطونيت ميداي ان هذه القوات «تواصل نشاطاتها العملياتية على النحو المعتاد بالتنسيق الوثيق مع القوات المسلحة اللبنانية، شريكنا الإستراتيجي على الأرض، وفقاً للولاية المعطاة لنا بموجب قرار مجلس الأمن 1701 مع التركيز على الحفاظ على وقف الأعمال العدائية والحفاظ على الهدوء غير المسبوق الذي يسود على طول الخط الأزرق على مدى السنوات السبع الماضية». وكانت ميداي ترد على تقرير نشرته «الوكالة الوطنية للإعلام» وقالت انها «فوجئت به ويزعم أن يونيفيل كثفت إجراءاتها الأمنية من خلال وضع عوائق مادية إضافية حول مواقعها وقلصت دورياتها، علماً أن هذا التقرير لا يمت إلى الحقيقة بصلة». ولفتت الى ان ما تحقق هو «الى حد كبير بفضل علاقتنا القوية مع سكان جنوب لبنان، وتفهمهم ودعمهم لعملياتنا جنباً إلى جنب مع القوات المسلحة اللبنانية، ولن نسمح لأي شيء بأن يشتت انتباهنا عن هذه المهمة».