يعاود المصريون الاحتشاد في ميدان التحرير وأمام قصر الاتحادية الرئاسي وفي مختلف ميادين المحافظات اليوم، بعدما أذهلت الأعداد التي تدفقت على الميادين يوم أول من أمس المراقبين. وواصل عشرات الآلاف الاعتصام في ميدان التحرير الذي امتلأ بالمتظاهرين مساء أمس وأمام قصر الرئاسة في الاتحادية وفي مختلف ميادين المحافظات للمطالبة بتنحي الرئيس محمد مرسي، وسط غلق مقار حكومية ودواوين أكثر من 10 محافظات لفرض دعوات العصيان المدني التي أطلقتها قوى المعارضة لإجبار الرئيس على استجابة مطالب المتظاهرين. وساعد بيان الجيش الذي أمهل «الجميع» 48 ساعة ل «تحقيق مطالب الشعب» في زيادة الحشد مساء، وهلل آلاف المتظاهرين في ميدان التحرير وأمام قصر الاتحادية بعد سماعهم البيان الذي أذاعته المنصتان. ودق متظاهرون الطبول بعدما اعتبروا أن بيان الجيش انحاز لإرادة الجماهير، وظلوا يهتفون: «الشعب خلاص ... أسقط النظام». كما دوت صافرات السيارات في محيط ميدان التحرير خلال إلقاء البيان. وتكرر المشهد ذاته في الإسكندرية. كما سُجّل تحليق لمروحيات القوات المسلحة فوق حشود المتظاهرين في تحرّك يؤكد وقوف الجيش إلى جانبهم. وأجرت القوى الثورية والمعارضة اتصالات مكثفة لحشد أعداد كبيرة في الميادين اليوم من أجل تعضيد موقف الجيش الذي بدا أنه تحدى «صمت الرئيس على التظاهرات». وقالت حملة «تمرد» التي تقود التظاهرات الجارية حالياً: «اليوم (أمس) راحة لاستجماع القوى والتفكير في الخطوات المقبلة، وغداً (اليوم) مليونية في كل المحافظات بنفس المواعيد وأماكن التجمع وخطوط المسيرات». وعكّرت اشتباكات دامية اندلعت مساء أول من أمس بين أنصار مرسي ومعارضيه أمام مقر مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين في المقطم وفي محافظة أسيوط، مشهد الحشود المليونية التي تدفقت إلى شوارع مصر بسلمية، إذ سقط 8 قتلى أمام مكتب الإرشاد و3 قتلى في أسيوط، وقُتل شخص واحد في محافظات بني سويف والإسكندرية والفيوم وكفر الشيخ، كما توفي متظاهر نتيجة إصابته باختناق أمام قصر الاتحادية. وكانت المصادمات بين حشود الموالاة والمعارضة قبل الأحد سقط فيها 8 قتلى: اثنان في مدينة المنصورة واثنان في الشرقية و3 في الإسكندرية وقتيل في بورسعيد، وتوفيت أمس امرأة أصيبت في اشتباكات الإسكندرية، ليرتفع عدد قتلى المصادمات منذ الأربعاء إلى 25 قتيلاً. وكان مئات المتظاهرين تجمعوا أمام مكتب إرشاد جماعة الإخوان في المقطم وأحرقوا أجزاء منه بعدما قذفوه بزجاجات المولوتوف الحارقة، فرد عليهم أعضاء في مقر الجماعة بإطلاق النار ما أسقط 8 قتلى، وشوهد مسلحون يطلقون النار من شرفات المقر، وشباب ملثمون يطلقون النار أيضاً في اتجاه المقر، من دون تدخل أي قوات أمنية. وبعد ساعات من تبادل إطلاق النار، حضرت سيارة تحت غطاء كثيف من إطلاق النيران من داخل المقر، أقلت الموجودين داخله، لكن شخصاً لم يتمكن من اللحاق بالسيارة، ووقع في قبضة المتظاهرين الذين سحلوه واعتدوا عليه بالأسلحة البيضاء، فظل ينزف دماً قبل أن تقله سيارة إسعاف إلى المستشفى. وبعد أن انسحبت سيارات الشرطة من أمام مقر مكتب الإرشاد اقتحمه عشرات المتظاهرين واستولوا على أوراق وأجهزة من داخله، وألقوا بمستندات من شرفاته، وبثت عدسات القنوات الفضائية صوراً لما قالت إنه «معمل لتصنيع قنابل المولوتوف داخل المقر». وسيطر المتظاهرون تماماً على مقر مكتب إرشاد الجماعة، لكنهم أخلوه بعدما حضر فريق من النيابة العامة لمعاينة المقر. وحمّلت الجماعة الشرطة المسؤولية عن اقتحام مقرها العام. واتهمت قوات الأمن ب «التقاعس» عن حمايته. وقال القيادي في جماعة الإخوان محمد البلتاجي في بيان، «بعد حرق مقار الإخوان في العديد من المحافظات، اليوم جاء الهجوم على المركز العام للإخوان المسلمين من البلطجية بالقنابل والمولوتوف والخرطوش وسط صمت القوى السياسية والمنظمات الحقوقية وعجز أو عدم رغبة الشرطة في منع الاعتداء». وفي أسيوط (جنوب مصر)، أطلق مسلحون النار على المتظاهرين المعارضين أمام مقر المحافظة، ما أسقط 3 قتلى وعشرات المصابين. وقال شهود إن مسلحين أطلقوا زخات من أسلحة آلية من شرفة حزب «الحرية والعدالة» القريب من ديوان المحافظة. لكن الحزب اتهم في بيان المعارضين بالهجوم على مقره، عازياً سقوط قتلى إلى مناوشات بين المتظاهرين المعارضين. ميدانياً، أغلق المحتجون مرافق حكومية عدة، منها مجمع التحرير الذي يضم مئات من مكاتب مختلف المصالح الحكومية في قلب ميدان التحرير. كما أغلق محتجون بالسلاسل والجنازير دواوين محافظات سوهاج، أسيوط الإسماعيلية، المنوفية، البحيرة، كفر الشيخ، دمياط، الغربية، الشرقية، الأقصر، القليوبية، واعتصموا أمامها ومنعوا المحافظين والموظفين من دخول المقار، فضلاً عن غلق عشرات المقار الحكومية الأخرى، ما أصاب العمل الحكومي في تلك المحافظات ب «الشلل» التام. واقتحم عدد من المتظاهرين مقر حزب «الحرية والعدالة» في مدينة شبين القناطر بمحافظة القليوبية. وألقت الأجهزة الأمنية في الغربية القبض على 28 عضواً بجماعة الإخوان المسلمين وبحوزتهم أسلحة داخل مقر «دار الإخوان» في قرية برما التي شهدت اشتباكات دامية بالأسلحة النارية بين المعارضة والموالاة. وهتف ضباط شرطة خلال تشييع جنازة زميل لهم في مدينة الإسكندرية قتله مسلحون في شمال سيناء، بسقوط الرئيس وجماعة الإخوان المسلمين.