عاشت مصر يوماً دامياً أمس إثر مواجهات في مناطق متفرقة بين أنصار جماعة «الإخوان المسلمين» والشرطة من جهة ومحتجين ومعارضين للجماعة من جهة أخرى، كان أعنفها أعلى جبل المقطم الذي شهد معركة استمرت ساعات سقط فيها عشرات الجرحى. وتدخلت الشرطة لفض الجموع باستخدام قنابل الغاز المسيل للدموع، فيما احتمى الرئيس محمد مرسي بالجيش، فأدى صلاة الجمعة في المنطقة العسكرية المركزية في حضور وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي وقيادات القوات المسلحة، ساعياً إلى إظهار علاقة قوية بالجيش ودحض الحديث عن خلافات بين الرئاسة والعسكر. وحشدت المعارضة، في تظاهرات «رد الكرامة»، أمام مقرات الجماعة في المقطم والمحافظات احتجاجاً على اعتداء عناصر من «الإخوان» على صحافيين ونشطاء السبت الماضي أمام مقر المقطم. وكانت المفارقة أن اشتعلت المواجهات بين «الإخوان» ومعارضيهم بالتزامن مع الذكرى ال 85 لتأسيس الجماعة. وتحول جبل المقطم إلى ساحة مواجهة مفتوحة بين «الإخوان» والمتظاهرين سقط فيها عشرات المصابين، وسط تبادل إطلاق طلقات الخرطوش بين الجانبين، كما أضرمت النار في باصات أتت بحشود «الإخوان» من المحافظات. وبدأت التظاهرات وسط أجواء مشحونة، إذ بات مئات من أنصار «الإخوان» ليلتهم حول مقر جماعتهم في المقطم، متوعدين بصد أي هجوم عليه بالقوة، فيما بدت المعارضة من جانبها مستنفرة أيضاً للمواجهة. وتمترس «الإخوان» وقوى سلفية مؤيدة للجماعة أمام مقرها في شارع 10 في المقطم، فيما وقفت جموع المعارضة في بداية الشارع، واصطفت عشرات من سيارات الأمن المركزي (قوات مكافحة الشغب) في منتصف الشارع، للفصل بين الطرفين، غير أن المواجهة وقعت مع ازدياد حشود المعارضين. وليس بعيداً عن مقر الجماعة دارت مواجهات عنيفة بين «الإخوان» ومعارضيهم، عندما حاول أنصار الجماعة منع المتظاهرين من مواصلة السير الى محيط مكتب الإرشاد. وتحولت المنطقة إلى ساحة للكر والفر بين الطرفين بعدما سعى «الإخوان» إلى تشكيل درع بشري متقدم لضمان عدم الاعتداء على مقرهم، فلجأ المعارضون إلى قطع طريق المقطم لمنع حشود الإخوان من التدفق، وحطموا سيارات عدة كانت تُقل «الإخوان» وأحرقوا باصات نقلتهم من المحافظات. وتدخلت قوات مكافحة الشغب لفض حشود المعارضة، وأطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع، لتدخل الشرطة طرفاً في تلك المصادمات، وتم فصل التيار الكهربائي عن جبل المقطم لتستمر الاشتباكات وسط ظلام دامس. واُستنزفت قوات الشرطة في مواجهة المتظاهرين في القاهرة ومحافظات عدة، واقتحم غاضبون مقر الجماعة في حي المنيل الذي انطلقت منه لسنوات بيانات الجماعة المعارضة لنظام مبارك وتحول بعد الثورة إلى مقر لحزبها «الحرية والعدالة». كما تظاهر مئات من أعضاء حركة «6 أبريل» أمام منزل الرئيس محمد مرسى في التجمع الخامس. وفي محافظة الغربية، أحرق المتظاهرون مقر حزب»الحرية والعدالة» في مدينة المحلة الكبرى، بعدما رشقوه بالحجارة وزجاجات المولوتوف، وتدخلت قوات الشرطة لفض الجموع لمنع اقتحام المقر، ودارت مواجهات عنيفة بين الشرطة والمتظارهين سقط فيها عشرات المصابين. وفي الإسكندرية، اقتحم متظاهرون مقراً لحزب «الحرية والعدالة» شرق المدينة، بعد اشتباكات مع أنصار «الإخوان»، كما وقعت مصادمات بين متظاهرين معارضين ومجهولين أمام مقر المنطقة الشمالية العسكرية. وفي محافظة الشرقية (في الدلتا)، رشق مئات المتظاهرين مقر الحزب في مدينة الزقازيق بالحجارة، فتصدت لهم قوات الشرطة لمنع اقتحامه، بعدما حطموا لافتته الرئيسية ونوافذه. وهاجم متظاهرون في قرية بمركز بلبيس بالمحافظة مقر الحزب، ودارت مواجهات بين الإخوان والمتظاهرين أسفرت عن سقوط إصابات في الطرفين. وفيما رفعت تظاهرات عدة مطالب بعودة الجيش إلى الحكم وإقصاء «الإخوان»، حرص مرسي على زيارة قيادة المنطقة العسكرية المركزية في حي العباسية، وأدى صلاة الجمعة مع قادة وضباط الجيش، قبل أن يجتمع معهم. وأشاد مرسي ب «الدور الوطني الذي يضطلع به الجيش، باعتباره الحارس الحقيقي للوطن والشعب بكل مكوناته»، ونفى ضمنياً أية خلافات بينه وبين الجيش، داعياً أبناء القوات المسلحة والشعب المصري إلى «عدم الالتفات إلى الشائعات والانتقال إلى مرحلة البناء والإنتاج».