حمّل البطريرك الماروني بشارة الراعي في عظة الأحد فريقي 8 و14 آذار مسؤولية «تشويه وجه لبنان وميثاق العيش معاً نتيجة نزاعهما المتمادي، فعطَّلا الانتخابات النيابية في موعدها، ويعطلان اليوم تأليف حكومة جديدة قادرة وجديرة برفع تحدي الأزمة الاقتصادية الخانقة وتحدي الفلتان الأمني المنذر بأوخم النتائج وتحدي مليون و200 ألف نازح سوري مع كل ما يحمل هذا الوجود القسري المقهور من ويلات افتصادية وأمنية وإنسانية وسياسية». ومضى الراعي قائلاً: «وهما بنزاعهما المتمادي يفككان المؤسسات الدستورية والقضائية الواحدة تلو الأخرى، وبنزاعهما أطاحا بحياد لبنان وإعلان بعبدا وتورطا في الحرب المؤلمة والمؤسفة في سورية ويورطان لبنان وشعبه في تداعياتها ونتائج هذا التورط». ونالت مواقف الراعي التي أطلقها في عظة الأحد في البازيليك الكبرى لمزار سيدة لبنان - حريصا، تصفيق رئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيس المكلف تشكيل الحكومة تمام سلام، اللذين حضرا القداس وإلى جانبهما الرئيس أمين الجميل وشخصيات سياسية رسمية ونقابية وأمنية واجتماعية. وخاطب الراعي سليمان قائلاً: «جئنا اليوم لنكرس لبنان لأمِّنا مريم العذراء في بازيليك سيدة لبنان، أتينا كدولة لبنانية ممثلة بكم وأنتم كما يدعوكم الدستور اللبناني «رمز وحدة الوطن والذي يسهر على احترام الدستور والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة أراضيه». ونحن، في هذه الصفة، وكل شعب لبنان ندعمكم الدعم الكامل ونصلي من أجلكم في كل مبادرة إنقاذية يلهمكم الله والعذراء على اتخاذها من اجل الحفاظ على كيان لبنان في وحدته وسيادته واستقلاله بعقد اجتماعي متجدد على أساس الميثاق الوطني المعقود سنة 1943 وندعم ونصلي من أجل حماية الجيش اللبناني والقوات المسلحة التي أنتم قائدها الأعلى، فهي وحدها من دون سواها تحمي الكيان اللبناني في مقوماته الثلاثة». وأضاف قائلاً: «أتينا ككنيسة في لبنان متمثلة برعاتها وشعبها المؤمن لكي نلتزم بمقتضيات هذا التكريس ونعلن إيماننا بأن خلاص لبنان وبلدان الشرق الأوسط إنما يأتي على يد أمِّنا مريم العذراء، سيدة لبنان وسلطانة السلام، ولهذا نعتبر بايمان وطيد وثقة لا يتزعزعان، أن 16 حزيران (يونيو) 2013 يوم تاريخي حاسم للبنان، وأنه سيكون يوماً وطنياً وكنسياً يجمعنا في كل سنة لتجديد هذا التكريس». وتابع الراعي قائلاً: «نعلن الإيمان بكيان لبنان في وحدته وسيادته واستقلاله وحياده الإيجابي الملتزم بقضايا العدالة والإخوة والسلام عن طريق الحوار والتفاهم في محيطنا العربي والإسلامي والعمل على تخطي العصبيات والمذهبيات والهويات القاتلة والسعي الدؤوب إلى قيام دولة عصرية ديموقراطية في المنطقة تعزز حق المواطنة للجميع وحقوق الإنسان». وكان الرئيس سليمان انتقد، في خلال رعايته حفل افتتاح مجمع «أوريزون» مساء أول من امس في منطقة جبيل، في حضور المطران ميشال عون ممثلاً البطريرك الراعي وشخصيات، العملَ على «تمديد ولاية المجلس النيابي، وهذا التمديد كان يخطط له سابقاً، لأنه لا يمكنني أن أفهم كيف كنا في 15 أيار (مايو) نبحث عن قانون مختلط ما بين الأكثري والنسبي وفي 20 يحصل التمديد لسبب أمني، فلو أقر القانون في حينه ماذا كان سيكون التصرف؟ هل كان أيضاً سيقر القانون وتؤجل الانتخابات؟ لا، فهذا الأمر غير مقبول إطلاقاً، الدول العربية تناضل لإجراء الانتخابات وتسفك الدماء لإجرائها، أما نحن، فنسفك دماء كي لا نجري انتخابات مر أكثر من 60 سنة على إجرائها، فهذا الأمر ينزع عن لبنان الصفة الأساسية التي يتمتع بها في هذا الشرق». وقال: «دفعنا غالياً ثمن الديموقراطية، على مدى عشرات السنين قتلاً وتهجيراً واعتمادَ لبنان ساحة صراع بين المحاور، يجب ألاّ ندفع مجدداً ثمن ديموقراطية الآخرين، فلنتعظ ولتقام للديموقراطية أعراس دائمة. وما زلت آمل في أن يتمكن المجلس الدستوري من أخذ القرار المناسب في شأن الطعن الذي تقدمت به وتقدمت به كتلة نيابية كبيرة». ومضى سليمان قائلاً: «أتعجب عندما أسمع أن رئيس الجمهورية يضغط على أعضاء المجلس الدستوري كي يحضروا الاجتماع، فمن الطبيعي أن يحضروا. لكن أنا لم أضغط عليهم ليحضروا، لكن ما هو حال الذين لا يحضرون، والذين يخالفون واجبهم الدستوري؟ تكلمنا دائماً عن أن المقاطعة عمل غير ديموقراطي، والمقاطعة حتى في البرلمان عمل استثنائي يقوم به النائب مكرهاً، ولكن العمل الطبيعي أن يحضر ويقول كلا أو نعم. وكم بالحري المجلس الدستوري، الذي رأيناه بعد عشرات السنين، نحتكم إليه وأتشرف أنني أول رئيس يطعن مرتين بالقوانين لدى المجلس الدستوري، في المرة الأولى قُبل الطعن، وفي الثانية آمل في أن يُقبل الطعن ويُقبل المجلس الدستوري لدى كل الناس وعلى رأس الديموقراطية اللبنانية». سليمان: اترك للرئيس المقبل مواقف سيادية وقال: «هذا ليس الاستحقاق الدستوري الوحيد الذي يعطل، بل هناك استحقاقات كثيرة تعطل في هذه البلاد، هناك من يريد أن يعزل رئيس الجمهورية، ولكن لا أحد يستطيع أن يعزله. يستطيعون شتم رئيس الجمهورية على كل منبر ولكن لا يستطيعون تغيير مواقفه السيادية والوطنية، في السياسة الخارجية والسياسة الداخلية، والتمسك بالقانون والدستور وبإعلان بعبدا. لا يستطيعون ثني رئيس الجمهورية عن التمسك بالاستراتيجية الدفاعية وبآلية التعيينات، التي تعطي الحق لكل مواطن كفيّ من دون النظر إلى سياسته، لأن الوظيفة هي حق لكل مواطن وليست حقاً لهذا الفريق السياسي أو ذاك». وقال: «أعترف بأنني لم أستطع في خلال السنوات المنصرمة أن أحقق المشاريع الإصلاحية والإنمائية التي بدأت بها انا والآخرون في كل المناطق وفي جبيل خصوصاً لكنني أتشرف وأعتزّ أن أترك للرئيس المقبل مواقف سيادية يتمسك بها وينطلق منها». شربل وفي السياق، اعتبر وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال مروان شربل، في حديث الى إذاعة «صوت لبنان» أن «لا أحد يستطيع أن يعزل رئيس الجمهورية، وهو من يطبق الدستور وحاميه»، معتبراً «أن الدستور والقوانين أقوى من الجميع». وإذ لفت إلى وجود «فتور في العلاقة بين رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي نبيه بري»، أكد أن «لا مشكلة كبيرة بينهما، والفتور يمكن أن يحل، وبري هو الإطفائي الذي يعرف أن الظروف التي نمر بها ليست سهلة»، معرباً عن اعتقاده ب «أن التفاهم سيحصل في أقرب فرصة».