حملت أنباء السبت الأول من حزيران (يونيو) الجاري خبر وفاة الشيخ زهير الشاويش عميد الناشرين الكبار ومؤسس «المكتب الإسلامي للطباعة والنشر» في دمشقوبيروت، عن 88 سنة، أمضى معظمها في الإشراف على طباعة المصنّفات التراثية وإخراجها واقتناء المخطوطات والمطبوعات العربية الإسلامية، حتى ضمت مكتبته الخاصة عدداً كبيراً من نفائسها. وقد تحوّل المكتب الإسلامي في دمشق أول الأمر، ثم في بيروت، إلى مدرسة تراثية عمل فيها علماء من أبناء بلاد الشام ما لبثوا أن اشتهروا في العالمين العربي والإسلامي، كالشيخ محمد بهجة البيطار، والشيخ محمد ناصر الدين الألباني، والشيخ عبدالرحمن الباني، والشيخ عبدالقادر الأرناؤوط، والشيخ شعيب الأرناؤوط، والشيخ محمد لطفي الصباغ، والشيخ عبدالقادر الحتاوي، والشيخ أحمد القطيفاني، ومعظمهم رحل إلى الدار الآخرة قبل مؤسس «المكتب الإسلامي» بسنوات. وكان الشاويش تلقى عوناً من الشيخ علي بن عبدالله آل ثاني حاكم قطر الأسبق، ومن المفتي العام الأسبق للمملكة العربية السعودية الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز، فنشر كثيراً من الآثار الإسلامية على نفقة هذين الشيخين الجليلين أو بدعم وتزكية منهما له ولمن عمل معه من العلماء الذين تقدم ذكرهم. وتصدرت مقدماته التي كان يعنونها ب «مقدمة الناشر» معظم الآثار التراثية التي أصدرها المكتب الإسلامي منذ أن أسسه في دمشق قبل ما يزيد على نصف قرن، وبعد انتقاله إلى بيروت. وكانت مقدماته تتحدث باختصار عن الكتاب ومؤلِّفه وما تم من العمل بتحقيقه وتصحيح تجارب طبعه على يد محققه أو على أيدي محققيه. وتكاد لا تخلو مكتبة عامة، أو خاصة، من الكتب التي أصدرها المكتب الإسلامي. وكان كثير من العلماء والأدباء المسلمين يقصدون المكتب الإسلامي في بيروت للقاء الشيخ زهير الشاويش. ويكفيه فخراً أنه ذكر مراراً وتكراراً في موسوعة «الأعلام» لخير الدين الزركلي كأحد المصادر التي استقى منها الزركلي المعلومات التي دوّنها عن الأعلام. وعرفت الشيخ زهير الشاويش منذ نعومة أظفاري، وكانت بداية تعلقي بالتراث الإسلامي وشغفي به إبّان عمل والدي الشيخ عبدالقادر الأرناؤوط رحمه الله مديراً لقسم التحقيق والتصحيح في «المكتب الإسلامي» بدمشق بداية عام 1959 وإلى نهاية عام 1968. وفي ذاكرتي كثير مما سمعته من والدي ومن زميله الشيخ شعيب، حفظه الله، عن الشيخ الشاويش وعن مسيرة المكتب الإسلامي خلال ما يزيد على أربعين عاماً.