استعراض جهود جمعية العناية بالمساجد أمام نائب الشرقية    أمير القصيم يتسلم تقرير «التجارة»    رئيس الشورى يعقد جلسة مباحثات رسمية مع نظيره القطري    تدشين «سمع السعودية» التطوعي في السنغال    القادسية يفلت بنقطة التعادل أمام الخليج    القبض على (5) باكستانيين في الرياض لترويجهم (74) كلجم من مادة (الشبو) المخدر    رئيس "حقوق الإنسان": أنظمة الحماية في المملكة نموذج رائد    فهد بن سلطان: القيادة تدعم البحث العلمي والابتكار    نائب أمير الرياض يعزي في وفاة سعد البواردي    بلدية محافظة الرس تُواصل تطوير البنية التحتية        "واعي جازان" يحتفي بروّاد العطاء ويُكرّم شركاء النجاح    كشمير: تعزيزات أمنية واسعة ومطاردة منفذي هجوم بيساران    أمير تبوك يهنئ نيوم بمناسبة صعوده لدوري روشن للمحترفين    بعد أن يرحل الحريد.. ماذا تبقى من المهرجان؟ وماذا ينتظر فرسان؟    أمير الرياض يدشّن مشروعات تنموية في الخرج بتكلفة 47 مليون ريال    فيصل بن سلمان يزور عائلة الرويشد    معرض للتوعية بالأمن السيبراني    افتتاح جناح مدينة الرياض بمعرض بوينس آيرس الدولي للكتاب    الرئاسة الدينية تحذر من المقاطع المفبركة لأئمة الحرمين    منصة لحماية الأوقاف وتعزيز شفافيتها    «النقد الدولي» يحذر من تجاوز الدين العام العالمي لمستويات «كورونا»    "النجيمي"عضو فريق توثيق تاريخ كرة القدم السعودية: كافة مكتسبات الكرة السعودية والأندية محفوظة وفق معايير التصنيف    افتتاح مكتب النيابة في مطار الدمام    محافظ الطائف يستقبل مدير عام هيئة حقوق الإنسان بمنطقة مكة المكرمة    محافظ الطائف يكرم الجهات المشاركة في فرضية الدفاع المدني    ملك الأردن يغادر جدة    أمير تبوك يهنئ نادي نيوم بمناسبة صعوده لدوري روشن للمحترفين    بخبرة وكفاءة.. أطباء دله نمار ينقذون حياة سيدة خمسينية بعد توقف مفاجئ للقلب    رئيس جامعة الإمام عبدالرحمن يفتتح أعمال ومعرض المؤتمر ال17 لمستجدات الأطفال    حظر جماعة الإخوان في الأردن    وكيل محافظة بيش يدشن أسبوع البيئة    الأمير محمد بن ناصر يرعى انطلاق ملتقى "المواطَنة الواعية" بتعليم جازان    أمير الحدود الشمالية‬⁩ يدشّن مشروعات صحية بأكثر من 322 مليون ريال    فعاليات ثقافية بمكتبة الملك عبدالعزيز لليوم العالمي للكتاب    Saudi Signage & Labelling Expo يعود إلى الرياض لدعم الابتكار في سوق اللافتات في المملكة العربية السعودية البالغة قيمته 492 مليون دولار    الداخلية: 50,000 ريال غرامة بحق كل مستقدم يتأخر عن الإبلاغ عن مغادرة من استقدمهم في الوقت المحدد لانتهاء تأشيرة الدخول    بيان مشترك في ختام زيارة رئيس وزراء جمهورية الهند للسعودية    ترند اليوم لا تتذكره غدا في هيئة الصحفيين بمكة    مصر ولبنان يطالبان بتطبيق القرار 1701 دون انتقائية    تحاول فرض "الموازية" بقوة السلاح.. الدعم السريع تواصل قصف المدنيين في الفاشر    إعلاميون ل"البلاد": خبرة الهلال سلاحه الأول في نخبة آسيا    اقترب من مزاحمة هدافي روشن.. بنزيما.. رقم قياسي تاريخي مع الاتحاد    سفراء الوطن يحصدون الجوائز العالمية    مؤتمر مكة للدراسات الإسلامية.. فكر يبني وانسانية تخدم    الخليج والقادسية في ديربي شرقاوي.. والرياض يواجه الفتح    استمرار تحمل الدولة رسم تأشيرة عمالة مشروع «الهدي».. مجلس الوزراء: إنشاء غرفة عمليات لاستقبال ومعالجة بلاغات الاحتيال المالي    إطلاق أكثر من 30 كائنًا فطريًا في محمية الملك خالد الملكية    105 تراخيص جديدة .. ارتفاع الاستثمارات والوظائف الصناعية في السعودية    أمير المدينة المنورة يطلع على جهود "الأمر بالمعروف"    دول آسيوية تدرس مضاعفة مشتريات الطاقة الأميركية لتعويض اختلال الميزان التجاري    معرّفات ظلامية    مؤتمر القصيم لطب الطوارئ يختتم أعماله    دليل الرعاية الصحية المنزلية.. خارطة طريق لكفاءة الخدمات    "جامعة جدة" تحتفي بأبطال المبارزة في بطولة المملكة للمبارزة SFC    ما الأقوى: الشريعة أم القانون    موجبات الولادة القيصرية وعلاقتها بالحكم الروماني    أمير تبوك يستقبل القنصل العام لجمهورية أفغانستان لدى المملكة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المأساة السورية تكشف عن «ألبان الشام» تاريخاً وضحايا
نشر في الحياة يوم 24 - 08 - 2012

أبرز الحراك الشعبي الذي بدأ في سورية خلال آذار (مارس) 2011، المكونات المختلفة للشعب السوري وموقف تلك المكوّنات (الغالبية والأقليات) بين المعارضة والموالاة، وهو ما أصبح موضوعاً جاذباً للصحافة العربية والعالمية.
ومن بين هذه المكوّنات المختلفة للشعب السوري الأقلية الألبانية التي كان لها وجود أكبر ثم تهمشت إلى أن كشفت الأحداث الأخيرة عن وجودها وحرّكت على نحو مختلف الدولتان اللتان تتحدران منهما هذه الأقلية: ألبانيا وكوسوفو. ففي 3 حزيران (يونيو) 2011 شيّع المهندس عبيدة الأرناؤوط في حماة لينضم إلى قافلة الشهداء التي أخذت تتزايد ليذكّر أيضا بمقتل بسام الأرناؤوط في حماة 1980 في المواجهة المبكرة مع النظام.
يقدّر عدد الألبان في سورية بعشرة آلاف يعيش معظمهم في دمشق ومئات منهم في حمص وحماة وحلب واللاذقية، ويمكن تقسيمهم إلى ثلاثة أقسام. القسم الأول والأقدم الذي يُقدّر عدده بحوالى الألف، جاؤوا مع جيوش محمد علي باشا إلى بلاد الشام في 1831 وبقوا هناك بعد انسحاب جيوشه في 1840 وعُرفوا بلقب واحد (الأرناؤوط) في لبنان وفلسطين والأردن وسورية. وباستثناء هذا اللقب لا يميز هؤلاء شيء عن بقية السكان نظراً إلى الزواج المختلط ونسيان اللغة والانقطاع التام عن «بلاد الأرناؤوط» كما كانت تسمى في العثمانية الولايات الأربع في غرب البلقان التي كان يعيش فيها الألبان (كوسوفا وشكودرا ومناستير ويانينا).
أما القسم الثاني والأكبر فقد هاجر إلى سورية الحالية نتيجة للحرب البلقانية 1912 - 1913 والأحداث اللاحقة التي غيرت طبيعة المنطقة، أي بعد نهاية الحكم العثماني وظهور الدول الجديدة (ألبانيا ويوغسلافيا... إلخ).
جاء معظم هؤلاء من كوسوفو التي كانت صربيا قد احتلتها خلال حرب البلقان وانضمت معها إلى مملكة يوغسلافيا (1918 - 1941)، حيث تعرّض الألبان فيها إلى ضغوط كبيرة لدفعهم للهجرة إلى الشرق، فهاجر مئات الألوف إلى تركيا ومن هناك تابع الآلاف منهم الطريق إلى دمشق أو «الشام الشريف» كما كانت تعرف. وفي الوقت نفسه كانت ألبانيا قد استقرت في 1920 بحدودها التي تضم حوالى نصف الألبان، وبرز فيها أحمد زوغو الذي بدأ ينافس مصطفى كمال في إصلاحاته العلمانية، ما دفع ببعض رجال الدين المحافظين إلى الدعوة للهجرة إلى بلاد الشام. ومن هؤلاء كان الشيخ نوح نجاتي الذي حرص على اصطحاب ابنه ناصر الدين (الذي كان يستخدم أولاً لقب الأرناؤوط ثم تحول عنه إلى الألباني)، الذي سيصبح من مؤسسي السلفية الجديدة في النصف الثاني من القرن العشرين.
ظروف صعبة
جاء هؤلاء الألبان إلى دمشق في ظروف صعبة جداً وكافحوا للبقاء على قيد الحياة في الموطن الجديد (منهم ثلاثة سيصبحون من أشهر العلماء في تصليح الساعات: ناصر الدين الألباني وعبدالقادر الأرناؤوط وشعيب الأرناؤوط) مع عدم التواصل مع الوطن الأصلي لأسباب سياسية، وهذا ما أدى إلى الانكفاء على النخبة المحلية التي هاجرت واستقرت هناك (الشيخ نوح نجاتي والشيخ سليمان غاوجي من ألبانيا والشيخ إسلام بريشتينا من كوسوفو).
وفي النصف الأول من القرن العشرين برز مع تكوين الحكومة العربية في دمشق والإعلان عن استقلال سورية في 1920، الجيل الأول من من أبناء الألبان القدامى الذين هاجروا إلى بلاد الشام في القرن التاسع عشر، ومن هؤلاء معروف الأرناؤوط (1892 - 1948) الذي يعتبر من رواد الرواية والمسرح في سورية والشاعر مصطفى خلقي (1850 - 1915) وابنه علي خلقي (1911 - 1984) الذي يعتبر من رواد القصة السورية.
في النصف الثاني من القرن العشرين برزت ثلاثة أسماء ستتجاوز الحدود السورية في مجال الحديث والتحقيق (ناصر الدين الألباني وعبدالقادر الأرناؤوط وشعيب الارناؤوط). وفي الربع الأخير من القرن برز الجيل الثالث الذي ضم بعض الأطباء والمهندسين والباحثين.
ولكن الربع الأخير من القرن العشرين شهد أيضاً عودة التواصل بين الأقلية الألبانية والموطن الأصلي. فقد أصبحت كوسوفو منذ 1974 من مكوّنات الفيديرالية اليوغسلافية وأخذت تتواصل كدولة أم مع الأقلية الألبانية في سورية إلى حد أنها أقامت الأسبوع الثقافي الكوسوفي في سورية خلال 1980 وشجعت الشباب على زيارة الموطن الأصلي لتعلم اللغة أو للتعلم في جامعة بريشتينا. ومن ناحية أخرى كانت ألبانيا قد أخذت تخرج من عزلتها الطويلة مع وفاة أنور خوجا في 1985 وتولي رامز عليا الحكم، حيث دعت وفداً كبيراً من ألبان سورية إلى زيارتها في 1988.
إلا أن الأمور ساءت من جديد بعد إلغاء الحكم الذاتي الواسع لكوسوفو على يد ميلوشيفيتش في 1989 وانقطعت الصلات بين ألبان سورية وكوسوفو إلى ما بعد حرب 1999 التي أفضت في 2008 إلى إعلان استقلال كوسوفو. ولكن علاقة النظام السوري الوثيقة مع روسيا وصربيا جعلت سورية تقف باستمرار في صف صربيا وهو ما انعكس على علاقة ألبان سورية بموطنهم الأصلي (كوسوفو).
تهميش
خلال حكم البعث (منذ 1963) هُمش ألبان سورية نظراً إلى عدم اهتمامهم أو إدراجهم في الأجهزة الحزبية والعسكرية والأمنية، وربما كان الاستثناء الوحيد شفيق الأرناؤوط (من أحفاد ألبان القرن التاسع عشر) الذي شغل أعلى منصب حتى ذلك الحين (محافظ اللاذقية). أما الآن فهناك استثناء آخر يتمثل في ماريا الأرناؤوط (ابنة الفنان عبدالقادر الأرناؤوط) التي عُيّنت في كانون الثاني (يناير) 2011 مديرة «دار الأسد للثقافة والفنون». وفي المقابل نجد أن الشاعرة عائشة أرناؤوط المقيمة في باريس كانت من أوائل من انضم إلى المعارضة السورية وأعلنت انسحابها من اتحاد الكتاب التابع للنظام.
كان الألبان في دمشق يتمركزون في محلة الديوانية بشمال دمشق، التي لا يزال الجامع القديم فيها يحمل اسم «جامع الأرناؤوط»، ثم انتقلوا في النصف الثاني من القرن العشرين إلى جنوب دمشق (القدم) ليؤسسوا محلة باسمهم أيضاً في جوار مقام العسالي الذي بناه والي الشام أحمد الأرناؤوط في القرن السابع عشر. وقد أصبحت القدم/ العسالي (التي توسعت كثيراً مع هجرة الحوارنة ومجيء النازحين من الجولان في 1967)، من الأسماء المعروفة منذ بداية الحراك الشعبي ضد النظام. وتحولت هذه المنطقة إلى ساحة مواجهة بين المعارضة المسلحة والجيش النظامي في أواخر حزيران الماضي، حيث قام الجيش بقصف المنطقة ثم اقتحام البيوت حيث قتل منير الأرناؤوط وبهلول الأرناؤوط وغيرهما.
موقف شعبي وآخر رسمي
ومن الطبيعي أن يترك قصف واقتحام الجيش النظامي صداه في الموطن الأصلي (كوسوفو وألبانيا) مع تباين ردات الفعل. فقد صرّح نائب وزير الخارجية الكوسوفي بتريت إمامي في 30 حزيران أنه «لا يوجد كوسوفيون في مناطق الاشتباك» و«أن أولئك الموجودين هناك من بقايا الدولة العثمانية». وقد تفاعل هذا الموقف حيث ردّ عليه الأكاديمي محمد موفاكو بمقالة في الجريدة الأكثر انتشاراً «كوها ديتوره» كما قام «تلفزيون 21» في اليوم ذاته (الجمعة 2/ 7/ 2012) ببث برنامج حواري لمدة ساعة ونصف شارك فيه الصحافي المخضرم والخبير في الشؤون العربية نهاد إسلامي والمؤرخ نجم الدين حفيظي والمختص في التراث العثماني نهاد كراسنيتشي. ومن الواضح أن وسائل الإعلام الكوسوفية قد أبرزت الفرق بين الموقف الشعبي والموقف الرسمي.
تفاعل هذا الموقف في ألبانيا المجاورة، التي تعتبر «الدولة الأم» للألبان في العالم، حيث أفاد مصدر حكومي رفيع «الحياة» بأن رئيس الوزراء صالح بريشا اطلع على مقالة الأكاديمي محمد موفاكو التي أوضحت الأوضاع الإنسانية الصعبة لضحايا النظام وأصدر في يوم الأربعاء 7 آب (أغسطس) بياناً يدين فيه بأقسى العبارات «المجازر التي يرتكبها النظام ضد الشعب السوري التي ترتقي لجرائم ضد الإنسانية» وشجب الموقف المتفرج للمجتمع الدولي، الذي سمح سابقاً بالتدخل في البوسنة وكوسوفو وليبيا، ودعا «إلى حظر طيران وفتح ممرات آمنة للمساعدات الإنسانية» وعبّر عن استعداد ألبانيا لإرسال مساعدات طبية عاجلة بما فيها مستشفى ميداني إلى معسكرات اللاجئين السوريين في الأردن أو في تركيا. وقد بدأت الاتصالات مع الجانب الأردني منذ ظهر الأربعاء 8 آب للاتفاق على ترتيب وصول المساعدات الطبية الألبانية إلى مخيمات اللاجئين السوريين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.