أكد نائب رئيس الوزراء التركي بولنت أرينش بدء انسحاب مسلحي حزب العمال الكردستاني من تركيا إلى شمال العراق، في خطوة يعتبرها سياسيو حزب «العدالة والتنمية» الحاكم مهمة جداً من اجل الإفساح في المجال أمام حل سياسي للقضية الكردية، وإنهاء فصل دموي من صراع استمر أكثر من 3 عقود. ويحقق ذلك هدف رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في تحويل بلاده إلى «قوة عالمية»، ومناطقها الجنوبشرقية تحديداً إلى «جنة» اقتصادية وسياحية ومركز لجذب استثمارات كبيرة. وقال ارينش: «نتابع الأمر (الانسحاب) عبر جهاز الاستخبارات، والمهم هو النتيجة التي أعتقد بأنها ستكون إيجابية»، فيما أبلغت مصادر كردية «الحياة» أن نحو 500 من مسلحي «الكردستاني» غادروا مواقعهم جنوب شرقي تركيا، خصوصاً محافظة شرناق، في مجموعات صغيرة لتجنب لفت الانتباه أو الاحتكاك مع الأهالي أو عناصر الأمن. ونشرت مواقع إلكترونية تركية صوراً أفادت بأنها «لاستراحات عبرها المنسحبون»، ولم تظهر أسلحة متروكة، ما يرجح مغادرتهم مع أسلحتهم الخفيفة، وهو ما توقعه أردوغان. وأمر زعيم «العمال الكردستاني» عبدالله اوجلان بإنجاز الانسحاب بحلول الخريف، علماً أن عدد مقاتلي الحزب في تركيا يقدّر بألفين، باستثناء حوالى 2500 يتمركزون في جبال إقليم كردستان. ورغم بدء الانسحاب «الهادئ» ما زال الشك يسيطر على العلاقة بين أنقرة و»الكردستاني»، إذ طالب الجناح العسكري للحزب بوقف طلعات طائرات الاستطلاع بلا طيار فوق خط سير المجموعات المنسحبة، وتجميد بناء مخافر على الحدود التركية - العراقية، ما يعكس تخوف الجناح من عدم وفاء أنقرة تعهداتها لحل القضية الكردية، وإطلاق أوجلان من سجنه الانفرادي في جزيرة أمرالي قرب إسطنبول. وكان لافتاً استبعاد الرئيس عبدالله غل إمكان صوغ دستور جديد بحجة عدم توافق الأحزاب في البرلمان، والاكتفاء بتعديلات في الدستور الحالي الذي وضعه العسكر العام 1982. كما يتخوف «الكردستاني» من عدم وفاء أنقرة بوعودها إذا واجهت تغيّرات ضد مصلحتها في سورية، وانتهت الأزمة هناك إلى حل سياسي توافقي يبقي جزءاً من نظام الرئيس بشار الأسد في الحكومة الانتقالية أو المقبلة. ويعتقد مسؤولون في «الكردستاني» بأن أردوغان اضطر لإبرام اتفاق مع أوجلان من أجل التركيز على الجبهة السورية، وكسب الأكراد إلى جانبه في المواجهة مع نظام الأسد تمهيداً لإسقاطه. وقال داود باغستاني، السياسي الكردي المقرب من «الكردستاني» والمقيم في تركيا: «إذا كانت أنقرة صادقة سيتبيّن ذلك، ولكن يجب عدم الوثوق بها... تبقى المشكلة أن يداً واحدة لا تصفق لأن الطرف الآخر غير صادق». ولفت إلى أن من «المبكر الحديث عن ضمانات لتحقيق السلام، على القادة الأكراد مثل جلال طالباني ومسعود بارزاني أن يعرفوا أنه في حال خذلت أنقرة الكردستاني، سينعكس ذلك عليهم أيضاً». إلى ذلك، كشف الناشط المقرب من «الكردستاني» سردار ستار أن ناشطين أكراداً سيطلقون حملة لجمع 4 ملايين توقيع في أجزاء «كردستان الكبرى» (في ايران وتركيا والعراق وسورية)، فضلاً عن جمع مليون توقيع في دول المهجر لدعم حملة لإطلاق أوجلان. وأكد النائب عن كتلة «التغيير» المعارضة في البرلمان العراقي سردار عبدالله، أن حوالى 83 نائباً، غالبيتهم عرب، وقعوا مذكرة لإطلاق اوجلان، باعتبار ذلك «خطوة نحو الدخول في سلام عادل وشامل وحل القضية الكردية في تركيا».