ودّعت بريطانيا اليوم الأربعاء، مارغريت ثاتشر، أول امرأة تتولى منصب رئاسة الحكومة في تاريخها، وسط أجواء خيّم عليها الكثير من الحزن والقليل من الفرح من قبل المعجبين والمنتقدين. وكانت الملكة إليزابيث الثانية، وزوجها دوق أدنبره الأمير فيليب، ورئيس الوزراء ديفيد كاميرون، على رأس 2000 مدعو حضروا القدّاس الذي أٌقيم على روح ثاتشر الملقبة ب "المرأة الحديدة" في كاتدرائية سانت بول وسط لندن، وهي المرة الأولى التي تحضر فيها الملكة جنازة رئيس وزراء بريطاني منذ جنازة ونستون تشيرتشل عام 1965. وحضر القدّاس رؤساء الوزراء البريطانيون السابقون، جون ميجور وطوني بلير وغوردون براون، واثنان من رؤساء الدول، و11 رئيس حكومة، و17 وزير خارجية، وممثلون عن 170 دولة من مختلف أنحاء العالم، من بينهم نائب الرئيس الأميركي السابق ديك تشيني، ووزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلنتون، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وشارك في قدّاس المرأة الحديدية بكاتدرائية سانت بول أيضاً جميع أعضاء الحكومة الائتلافية البريطانية البالغ عددهم 32 وزيراً، و30 وزيراً من الحكومات التي ترأستها ثاتشر خلال توليها منصب رئيس الوزراء من 1979 إلى 1990، إلى جانب شخصيات سينمائية وغنائية وإعلامية بارزة، من بينها شيرلي باسي، وكاثرين جنكينز، ومايكل كين، ومايكل كروفورد، وتيري ووغان، وديفيد فروست. وقامت الشرطة البريطانية بإغلاق العديد من الطرق في منطقة وستمنستر وحي المال في لندن خلال جنازة ثاتشر، وفرضت إجراءات أمنية مشدّدة وصلت تكاليفها، حسب التقديرات، إلى 10 ملايين جنيه استرليني جرّاء العملية الأمنية التي أطلقتها في أعقاب تفجيرات ماراثون بوسطن. وانتشر في شوارع موكب جنازة ثاتشر وسط لندن أكثر من 4000 شرطي و2000 جندي إلى جانب المئات من شرطة مكافحة الإرهاب، كما تم تركيب العشرات من كاميرات المراقبة الأمنية في المناطق الساخنة للتعامل مع مثيري الشغب، إثر قيام ناشطين بإبلاغ شرطة لندن بأنهم يعتزمون تنظيم احتجاجات مباشرة خلال الجنازة. ووزعت شرطة لندن تعليمات على موظفي المتاجر وسط العاصمة تطلب منهم الإبلاغ عن أي شيء مشبوه، مثل أي شخص يرتدي ملابس واسعة على نحو غير مألوف، وإزالة صناديق القمامة والسلالم والأدوات الأخرى من الشوارع كي لا يتم استخدامها كأسلحة من قبل الفوضويين، والتأكد من عمل كاميرات المراقبة، وتخزين لوازم الإسعفات الأولية للتعامل مع حالات الطوارئ. وقامت سلطة بلدية وستمنستر بوضع أسطول من سيارات التنظيف على أهبة الاستعداد خلال مراسم جنازة المرأة الحديدية، بعد أن هدد من يوصفون بالفوضويين بإغراق طريق مسار الجنازة بالحليب، في إشارة ساخرة إلى لقب "خاطفة الحليب" الذي كان أُطلق على ثاتشر. وتوفيت ثاتشر في الثامن من نيسان/ابريل الحالي جرّاء إصابتها بجلطة دماغية عن عمر ناهز 87 عاماً، وكانت أول امرأة تتسلّم منصب رئاسة الحكومة البريطانية، واعتبرت فترة حكمها الأطول في تاريخ بريطانيا منذ عهد روبرت جنكنسون الذي انتهى عام 1827. ويبقى عزاء المرأة الحديدية، التي شغلت الدنيا أثناء توليها منصب رئاسة الحكومة البريطانية وقسّمت الشارع البريطاني بين مؤيد ومنتقد، أن الكثير من أبناء بلدها ما زالوا يعتبرونها أفضل من شغل منصب رئاسة الحكومة منذ الحرب العالمية الثانية. لكن ثاتشر لم تحصل على جنازة دولة، وأقام لها مكتب رئاسة الحكومة البريطانية (10 داوننغ ستريت) جنازة احتفالية من مرتبة الشرف العسكري، والتي تقل درجة عن الجنازة الرسمية.