يحصل الداعية محمد العريفي وللمرة الثانية على التوالي على درس مجاني مع كامل التقدير والاحترام لشعبيته، التي يزوّدنا ويحاول إقناعنا بها موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، ونلمسها عند محبيه الذين لا ننكرهم، ولا نتجاهل حبهم له، لكننا نريد أن نؤكد لهم أن الخطأ لا نعرف له اسماً رديفاً، ويستحيل أن نجد بديلاً عن مفردة التهور تجاه بعض الآراء والجمل، ولا بد أن يكون التعامل مع أسمائنا الدينية مزيجاً بين العقل والعاطفة، لا طغياناً للثانية على الأول، حتى لا تسرقنا ثقافة القطيع. احترمت في داعيتنا وعبر درس هذه المرة جرأته في التراجع، واعترافه بالخطأ، وهذه شجاعة تحسب له، ولم تكن موجودة عقب الدرس الأول، ويكفي أنه قال: «استغفر الله وأتوب إليه»، لكننا نتألم حين يخرج بهذه الثقة الزائدة عن الحد، ونستغرب اندفاعه بجملة معلومات خاطئة، حتى وإن كانت هذه المعلومات مستقاة من المعنيين والمختصين، ونبقى مندهشين، كونه يتحدث عن شؤون لا علاقة له بها، وحقائق لا نقبل فيها تمييعاً أو تبريراً، ولا حتى مجرد التصحيح، لأن الجراح عالقة بالذاكرة وطاعنة في السوء. داعيتنا صرّح لقناة «الجزيرة» القطرية بأن المنتمين لتنظيم القاعدة ليسوا من المتساهلين في إراقة الدماء، ولا المتساهلين أيضاً في تكفير المسلمين، وهذا التصريح بُني على معلومات، تم الحصول عليها من بعض أصدقائه المهتمين بتنظيم القاعدة، وبعيداً عن هذا الرأي العاجل والمتسرع الذي لم يكن منتظراً منه، ولا حاجة لنا به، فمجرد اسم التنظيم يوجعنا لحد كبير، فكيف بالمنضمين إليه والمنغمسين في وحله؟ ولماذا لم تكن الإجابة عن ظلام هذا التنظيم لا البحث له عن منفذ ضوء؟ حضور داعيتنا يشوبه شيء من الاندفاع وكثير من الحماسة، وكليهما في الركن الذي ليس له، ولا يملك الحديث عنه، وهذا يجعل شعبيته من العقلاء تتناقص بالتدريج، على رغم أنه لا يزال مصراً على الإطلالات الضعيفة، والتصريحات مثار التساؤلات، وقد يكون داعم ذلك إيمانه ومن تجربته المنبرية أننا مجتمع سريع التأثر بالصوت، ويمكن جذبنا عبر مرة واحدة من اللعب على الوتر العاطفي، وذاك كفيل بأن نزيح العقل عشر مرات جانباً حينما نكون في حاجة لتحكيم طرح ما. داعيتنا الفاضل ذو الحضور التلفزيوني والإلكتروني المتنوع بحاجة لأن يعتذر من عدم الظهور في وسائل الإعلام، ويغيب قليلاً عن وسائل التواصل الجديدة، ويصبر مأجوراً عن إغراء الفلاشات وإدمان الشعبية، هو بحاجة لمراجعة هادئة لذاته، فآراؤه محسوبة عليه، وجمله يستحيل تمريرها من دون تمعن وتدقيق، فهو يمثل المؤسسة الدينية عند الوسط الشعبي العاطفي، حتى وإن قال عاقل إن حديثه يمثّل نفسه وقناعاته، لكن الواقع لا يقبل بهكذا قول، فداعيتنا إن أراد التحدث بالنيابة، أو يداوم كضيف على قنوات التلفزيون أو مشاركاً فعالاً في وسائل التواصل، عليه أن يحتاط ويجيد انتقاء الجمل والعبارات، كي نثق ونؤمن به ممثلاً ومتحدثاً رسمياً متمكناً وقادراً على معالجة الألغام، وتجاوز الأسئلة المتشعبة، وإلا فإن صمته يريحه ويريحنا، ويجعلنا لا نتوقّع درساً ثالثاً ثابتاً! [email protected] alialqassmi@