نكون في أمس الحاجة للالتقاء، ودهس النقاط التي كانت لظرف سابق بمثابة فواصل حاجزة بين أفراد ومجتمعات ليتكئ الجيل بعد الجيل على هذه الفواصل ونقاط الاختلاف ويستدعيها عند حالات التأزم الذهني من دون أن يسأل عقله ويتساءل... لماذا ولدت؟ ومتى ستموت؟ تأخذ المجتمع بعض العبارات المعترضة لتسحبه إلى أقصى مساحات الحدة والتشنج والغضب وربما تأخذ العاقل - فقط - إلى الدرجة القصوى من السخرية على معاناتنا المستمرة حين لا نزال نتعايش برفقة عينات تغرد باستقلال وبالنيابة عن ذاتها بالطبع لكنها مع تغليب حسن الظن تجهل - ولن أقول تتعمد - بهذا التغريد المتهور أن تجرح مجتمعاً مترابطاً، وتقطعه على حسب المزاج والانتماء، وذاك ما يعمق في العقول المواجهة المتقاطعة حقيقة أن هناك عقولاً حتى وإن غلفتها الصبغة الأكاديمية والمشيخة الدينية إلا أنها متى ما وجدت مجالاً وفسحة من الوقت والقول لا ترى ضيراً في أن تعلن عن لغة التعصب والانفجار العنصري، على رغم تكامل الاحتياطات من أجل أن يبقى الاحتقان حبيس الأنفس وغير ظاهر على السطح، وذلك من لوازم التهدئة الوقتية ليس إلا. أستاذ الجامعة الذي يرى ولوحده أن الفرقة الناجية هم من كان على ما كان عليه علماؤه وأهل نجد ومن تبعهم «فقط»، ومجتمعنا الطيب العاطفي والعقلاني في آن واحد قد ينسى شيئاً مما يخرج من الصدور بلحظة عابرة، لكنه لا ينسى حين يغمزه أحد في دينه وفطرته الخالصة ويصر إلى الموت، أنه لم يُخْلَق بَعْد من يفصل في تركيبته الدينية، ولا حتى توزيعه الجغرافي، ويضع إطاراً مغلق الحدود للصالحين في النيات والأعمال. وسائل التواصل الاجتماعي على قدر ما قفزت بالوعي، وقربت البعيد، وغيّرت في التشكيلة المعرفية، إلا أنها أسهمت في كشف الأقنعة التي يرتديها بعض قومي، حين تترك له مساحات التواصل الآسرة فرصة لأن يتنفس بما ظل مكبوتاً بداخله لسنين، فيتحمس لأن يرتب جغرافيا وطنه ويحصر نجاة أهله من النار بحال مزاجية حادة ومعايير لم تكن عنواناً لمكانه، ولا صورة للرجال الأوفياء والمنصفين الذين يشاركونه حتمية الانتماء، وسنتفق جميعاً أن تأطير الدين وحصر علامات الفوز الدنيوية والأخروية برأي أستاذ الجامعة وعضو هيئة التدريس هو رأي شخصي متأزم ومشحون يفتح ملفات كنا نظن أنها طويت أوراقها وتقادم عهدها مع مرور الزمن. إن من سطحية التفكير إصرار فئة بعينها على علو الكعب، وأن مفتاح الجنة بيديها وبيد من معها، ومن التجريح والتلاعب بالمشاعر والتصنيف البغيض أن يعمد أستاذنا الجامعي وإمام الجمعة إلى إحضار كل هذا الصداع والصراع الساخن ونحن في غنى عنه. إفهام هؤلاء بخطورة بعض ما يتنفسون به مطلب جاد، فقد يوجد أحدهم تسع مرات بصوت ورأي متوازن مقبول لكنه في المرة العاشرة يطل ببضع جمل طائشة، ويطلق رأياً محتقناً عنصرياً غير معقول يعلق بالأذهان والقلوب ويطمس نشاطاته واجتهاداته التي كانت في محلها، وسأكون مضطراً لسحب سؤال البدء قبل المغادرة، فمن بعد علامة الاستفهام التي تفرمله تختفي جملة من الأجوبة، كان آخرها جملة شيخنا أستاذ الجامعة حتى وإن ساق اعتذاراً جريئاً بعد ذلك، لكن الرأي الجارح والمتهور والقابل للتفسير لا تزيله بسرعة أسطر اعتذار. [email protected] @alialqassmi