رفضت حركة «حماس» السماح لأعضاء المؤتمر السادس لحركة «فتح» من قطاع غزة بالسفر إلى مدينة بيت لحم في الضفة الغربية للمشاركة في أعمال المؤتمر التي تبدأ غداً. وربط القيادي في «حماس»، ممثلها في لبنان أسامة حمدان السماح لنحو 350 «فتحاوياً» بمغادرة القطاع بإتمام الإفراج عن أكثر من ألف معتقل من «حماس» في سجون السلطة الفلسطينية. في الوقت نفسه، كشف القيادي البارز في «حماس» الدكتور محمود الزهار سبباً اضافياً لقرار منع أعضاء المؤتمر من قطاع غزة من المشاركة في أعماله، يتمثل في تفويت الفرصة على القيادي في الحركة محمد دحلان من الفوز في عضوية اللجنة المركزية للحركة المرشح لها. وأعلن حمدان خلال مؤتمر صحافي أمس في بيروت موقف الحركة النهائي القاضي بعدم السماح لأعضاء «فتح» بالسفر قبل اطلاق معتقليها، وقال: «سفر أعضاء فتح في غزة يأتي في سياق أزمة، ولا بد من حل هذه الأزمة». واتهم الرئيس محمود عباس بالتصلب في موقفه تجاه القضية، وقال: «إذا كان مطلب عباس ضرورياً، فإن مطلبنا أكثر من ضروري، خصوصاً في ظل ما يعانيه المعتقلون في سجون السلطة، وهذا أمر لا يمكن تجاهله». وشدد على أن الإفراج عن المعتقلين في الضفة لن يؤمن السماح ل «الفتحاويين» بالسفر وحسب بل «سيفتح الباب أمام المصالحة» الوطنية المتعثرة، وقال: «نحن أمام فرصة لفتح الباب أمام مصالحة وطنية شاملة وجاهزون للسماح لأعضاء فتح في غزة بالسفر، لكن لا بد من الإفراج عن معتقلينا في الضفة». وأضاف: «موقف حماس بمنع سفر الأعضاء من غزة جاء إثر التعنت الذي أظهره عباس، وضربه كل الجهود المصرية عرض الحائط». واعتبر أن الأمر «بلغ حداً لم يعد مقبولاً»، مشيراً إلى أن «عدد المعتقلين في الضفة وصل إلى 1143، من بينهم 878 من عناصر حماس يتعرضون لممارسات تعذيب متواصلة، فيما نقل العشرات منهم إلى المستشفيات بسبب ذلك، فضلاً عن وفاة عشرة منهم». ولفت الى تجاوب «حماس» مع كل الوساطات العربية وغير العربية، مثمناً جهودها، وقال: «عرضنا مطالبنا، ونرى أن من حق فتح عقد مؤتمرها، لكن من حق معتقلينا أن يعودوا إلى عائلاتهم ومنازلهم وشعبهم». في غضون ذلك، قال الزهار خلال لقاء مع عدد من كوادر الأجهزة الأمنية التابعة في الحكومة المقالة: «إذا سمحنا لأعضاء فتح بالخروج، فإننا نسمح بفوز دحلان في عضوية اللجنة المركزية لفتح، وهو ما يتعارض مع سياسة حماس وإستراتيجيتها الأمنية والمستقبلية». واستناداً الى موقع اخباري محلي، كشف الزهار اتصالات عدة جرت بينه وبين عدد من قيادات «فتح» في غزة والضفة «أكدوا ضرورة إفشال دحلان، حتى لو وصل الثمن الى منع أعضاء غزة من الوصول الى المؤتمر لأننا لن نتوصل إلى أي اتفاق مع شخص مثل دحلان ومن يتبعه». وقال الزهار إن «ضغوطاً كبيرة مورست على الحركة من اجل السماح لأعضاء فتح بالسفر إلى الضفة الغربية، لكننا نضع شروطاً اتفقنا عليها مع بعض القيادات التاريخية لفتح حتى نمنع أعضاء المؤتمر من الخروج، وهكذا نكون قللنا من نسبة نجاح دحلان وأتباعه في اللجنة المركزية، وأعطينا الفرصة للشرفاء في فتح للوصول إلى مقاعد اللجنة». وأكدت مصادر في «حماس» ل «الحياة» أن أحد الأسباب التي دعت الحركة الى منع أعضاء «فتح» في القطاع من مغادرته الى بيت لحم هو أن «نحو 80 في المئة من أعضاء المؤتمر الغزيين هم من الموالين لدحلان، وبالتالي فإن منعهم يسهم في تقليل فرصه في النجاح في أن يحجز له مقعداً في اللجنة المركزية». من جهته، قال الناطق باسم «كتلة التغيير والإصلاح»، القيادي البارز في «حماس» النائب الدكتور صلاح البردويل: «لن تكون هناك مصالحة (مع فتح) على قاعدة الاعتراف بإسرائيل»، متهماً الرئيس محمود عباس بإفشال صفقة لتبادل الأسرى الفلسطينيين في مقابل اطلاق الجندي الاسرائيلي الاسير جلعاد شاليت. واشترط أن تطلق الأجهزة الأمنية 1200 من كوادر «حماس» وعناصرها للسماح لأعضاء المؤتمر السادس لحركة «فتح» من قطاع غزة بمغادرة القطاع الى بيت لحم حيث ستبدأ غداً اجتماعات مؤتمر «فتح». واستنكر البردويل «إلحاح فتح على الاعتراف باسرائيل منذ بداية الحوار» الذي بدأ في القاهرة في شباط (فبراير) الماضي. وقال خلال محاضرة ألقاها أمس أمام عشرات من عناصر الأجهزة الأمنية في محافظة خان يونس نظمتها هيئة التوجيه السياسي والمعنوي التابعة لوزارة الداخلية والأمن الوطني في الحكومة المقالة، إن قرار الحركة عدم الاعتراف بالدولة العبرية «قرار ثقافي وفكري وعقائدي لديها، ولا يمكن أن تكون الوحدة إلا على أساس الحفاظ على الثوابت والمقاومة». وزاد أن «الحرب الموجهة ضد حماس اشتد وطيسها بعد فوزها في الانتخابات مباشرة، اذ بدأت المضايقات السياسية والمخططات العسكرية للانقلاب على الحكومة والحركة بإشراف الجنرال الأميركي (كيت) دايتون، ثم الحصار الذي أفشله صمود الشعب الفلسطيني في غزة، وما تبعه من أحداث في الضفة». واستعرض قبل يومين من بدء أعمال مؤتمر «فتح» ما وصفه ب «المؤامرات التي حيكت من (عباس) أبو مازن وسلطته لتشديد الحصار وعدم فتح المعبر، وعرقلة إعادة إعمار غزة وعملية إطلاق الأسرى مقابل شاليت». واتهم عباس بأنه «ألغى اتفاقاً كاد (بموجبه) يتم الافراج عن جميع الأسرى الواردة أسماؤهم في القائمة (التي قدمتها حماس) بوساطة فرنسية». وفي ما يتعلق بمغادرة أعضاء مؤتمر «فتح» من القطاع، شدد البردويل على أنه «لن يخرج أي عضو من أعضاء مؤتمر فتح السادس من القطاع قبل خروج جميع معتقلي حماس في سجون السلطة (الفلسطينية وعددهم) 1200 معتقل».