يؤكد ديبلوماسيون وخبراء المأزق التام في نزاع «لا أحد يملك مفتاح» الحل فيه بينما ترتفع حصيلة الضحايا يوماً بعد يوم في سورية حيث يقوم الوسيط العربي والدولي الأخضر الإبراهيمي بمهمة «بالغة الصعوبة» كما اعترف. وأمام العنف المريع في سورية حيث يسقط يومياً عشرات وحتى مئات القتلى، لا تقدم الديبلوماسية أي رد مقنع، بل على العكس. وفي مطلع الأسبوع قال الأب اليسوعي باولو دالوليو الذي طرد من سورية في الربيع الفائت: «إننا رهائن المصالح الجيوستراتيجية المعقدة»، فيما تحدث سوري آخر في باريس عن «سياسة واقعية (دولية) مخيفة». ولخص سفير الجامعة العربية في فرنسا ناصيف حتي الوضع بقوله: «إن النزاع السوري هو كمبنى من طوابق عدة: هناك أولاً الحرب الداخلية، ثم جميع المواجهات الجيوستراتيجية». مواجهات بين إيران وتركيا، بين العرب السنة وإيران الشيعية، بين الغربيين وإيران الذين هما أصلاً في اختبار قوة حول الملف النووي، وبين الغربيين والروس... «فالمسائل الاستراتيجية حاسمة أكان بالنسبة للذين يريدون سقوط الأسد أو للذين يريدون بقاءه». بينما تحدث ديبلوماسي غربي عن «عمليات نفوذ متعددة لا أحد يملك مفاتيحها». وقال ديبلوماسي فرنسي: «إن ذلك أصبح أكثر فأكثر نزاعاً بالوكالة، فيما يبدو الوضع على الأرض مجمداً». والمواقف الدولية على ما هي منذ بدء النزاع في آذار (مارس) 2011. فالروس المؤيدون لدمشق «لا يتحركون»، والاستحقاق الانتخابي الأميركي في تشرين الثاني (نوفمبر) يساهم في «شلل» مجلس الأمن الدولي في رأي هذا المصدر. وخلص هذا الديبلوماسي إلى القول: «إن لا أحد يعتقد أن نظام بشار سيصمد، لكن ما من أحد يعلم متى سيسقط». ولكن في هذه الأثناء تتكاثر المبادرات والتصريحات بين فرض عقوبات اقتصادية على دمشق ولقاءات في كل الاتجاهات وإنشاء مجموعات حول سورية، ودعوات للمعارضة لتوحد صفوفها، أو حتى وعد بالاعتراف بحكومة انتقالية تمثيلية في المستقبل كما أعلنت فرنسا أواخر آب (أغسطس). كذلك أطلقت أفكار ولدت ميتة مثل قيام مناطق عازلة للنازحين السوريين ومناطق حظر للطيران. واعتبر بيتر هارلينغ المتخصص بشؤون سورية في مجموعة الأزمات الدولية «في الأساس فان المجتمع الدولي لا يقوم سوى بتكرار أفكار ليعطي الانطباع بأنه يبحث عن حلول لا يؤمن بها في الحقيقة». وأضاف: «إن العزلة الديبلوماسية والإدانة الإعلامية والعقوبات الاقتصادية وانشقاق شخصيات -لا تنتمي إلى النواة الصلبة- لا تؤثر كثيراً في نظام» دمشق. والجديد الوحيد يكمن في رأي هارلينغ في المبادرة المصرية التي تتناول المسالة في إطار إقليمي يشمل إيران. لكنها تصطدم بتشكيك الدول الكبرى التي تطالب بأن تحترم طهران أولاً التزاماتها الدولية في ما يتعلق بالملف النووي. وقال هيثم كامل من مجموعة الأبحاث يوراسيا «لا أعتقد أن هناك أمراً هاماً يمكن فعله في ما يتعلق بسورية. إن الخيارات (بالنسبة إلى من يرغبون في تنحي بشار الأسد) محدودة حتى وإن لم تكن الديبلوماسية ميتة». لكن النزاع «يهدد أكثر فأكثر الاستقرار الإقليمي» كما أضاف، فيما أشار هارلينغ إلى المشاكل التي تسبب بها ومنها «التوترات الطائفية وبروز مقاتلين متطرفين وانهيار المؤسسات».