أقدم شاب أردني على إطفاء سيجارة في وجه أحد الأشخاص، بعدما شاهده يدخن بنهار رمضان في أحد أسواق مدينة إربد - شمال الأردن، لينقل بعدها المدخن إلى المستشفى لتلقي العلاج. وبحسب صحيفة «السوسنة» الأردنية، فقد كان أحد الشباب في طريقه إلى المسجد لصلاة العصر، حين شاهد أحد الأشخاص يختفي في إحدى زوايا الشارع ويدخن سيجارة، فجُنَّ جنون الشاب، ليتوجّه إليه فوراً ويقوم بالصراخ في وجهه وتأنيبه ووعظه وبيان حرمة الإفطار، إلا أن صاحب السيجارة شتمه واستهزأ به، وقال له: «ماليكش دخل». عندها نزع الشاب السيجارة من يده وأقدم على إطفائها في وجه صاحبها، انهال بعدها عليه باللكمات والضرب حتى أفقده وعيه، فهرب الشاب بعد ذلك واختفى عن الأنظار، ليتم نقل «صاحب السيجارة» إلى المستشفى لمعالجة وجهه مما سبّبته له «السيجارة». أعشق قراءة التعليقات حول بعض الأخبار، لأنها توضح لي كيفية تفكير عينة من أفراد المجتمع، والحقيقة أن تحت هذا الخبر نشر 107 تعليقات، 99 تعليقاً مدحت صنيع الشخص الأردني منها: «كفو والله - كفو يا الشنب - من رأى منكم منكراً فليغيره بيده - والله لو منك كنت حشوت فمه بالتراب وفقأت عينه نظراً لاستهتاره بحرمة رمضان - بيض الله وجهك - رجل من ظهر رجل - منكر وغيرته بيدك يا نشمي - أكيد بيحرم يشرب سيجارة طول عمره - ليش ما طفيتها في لسانه علشان ما يجادلك في الحق مرة أخرى - والله لو مكانك كنت قتلته، يشرب سيجارة برمضان!». 8 من أصل 107 تعليقات استنكروا فعلته، وتمنوا لو أنه خاطبه باللين والنصيحة، خصوصاً أن الرجل كان متخفياً في إحدى الزوايا وليس مجاهراً: «ليس بهذه الطريقة ندعو لله وليس بهذه الطريقة نستخدم أيدينا - لماذا هرب؟ لأنه يعلم في قرارة نفسه عدم أحقيته بضربه وحرقه وشتمه وهو صائم». منطق غريب «بصراحة» يؤمن به الكثيرون، وأعتقد أنه يعود لسوء فهم الحديث الشريف، وأن سوء الفهم هذا أسهم في ازدياد هذه التصرفات تحت ستار الدعوى لله. دائماً أسأل نفسي: هل الغضب للنفس أم لله؟ لو كانت فعلاً خالصة لله، لحببنا الله لعباده بصورة لينة وحكيمة، ولو كانت للنفس ولرفض النصيحة العلنية سينتج منها آثار سيئة، منها الضرب والحرق والهرب من المكان. «الكثيرون» نسوا الآية الكريمة (ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك)، وأثق أنهم يغضبون لأنفسهم ولا يغضبون لرب العالمين، والدليل استسهال ضرب الناس واستسهال قتلهم كما جاء في تعليق أحدهم أعلاه. فهل جريمة شرب السجائر في رمضان كجريمة قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق؟ منطق غريب جداً يسهم في خلق مشكلات جمة، والأخطر من المشكلات «تشويه لدين الرحمة واللين والمنطق تحت ستار الغضب لله»! [email protected] s_almashhady@