لم تنتهِ مهمة قوات الجيش التي أمنت عملية الاقتراع في اليوم الأول من جولة الحسم في الانتخابات الرئاسية أول من أمس عند حد انتهاء عملية إدلاء الناخبين بأصواتهم، إذ كانت تنتظرها مهمة أصعب تتمثل في تأمين الصناديق المكدسة بأوراق الاقتراع والتي باتت ليلتها في مقار اللجان الانتخابية انتظاراً لاستكمال الناخبين الإدلاء بأصواتهم أمس. فما إن انتهى الملايين من الاقتراع أول من أمس وأغلقت لجان الانتخابات أبوابها، حتى اتجهت الأنظار إلى كيفية تأمين الصناديق علماً أن تجارب تزوير الانتخابات في ظل النظام السابق عادة ما اعتمدت على تبديل الصناديق داخل اللجان في وضح النهار بأخرى تحتوي آلاف الأصوات لمصلحة مرشحي الحزب الوطني المنحل. وعلى رغم أن الجيش تعهد «تأميناً عالي المستوي للصناديق»، إلا أن الإسلاميين وقوى ثورية أبدوا قلقاً شديداً من حصول تزوير، وحرصت جماعة «الإخوان المسلمين» على مبيت مناصريها أمام لجان الاقتراع حيث باتت الصناديق ليلتها. وعلى رغم احتدام الصراع طوال يومي الاقتراع بين مناصري المرشحين محمد مرسي وأحمد شفيق ووصوله في أحيان كثيرة إلى حد الاشتباكات، فإن الأمر بدا مختلفاً مع انتهاء اليوم الأول من الاقتراع، إذ تقاسم الطرفان الطرقات وفناءات المدارس للمبيت، وظهرت بوادر تعاون في بعض المناطق لجهة أن بعضهم أخذ يلعب الكرة بين فريقين: شفيق ومرسي. وأظهر الإسلاميون أنهم على «قلب رجل واحد» في حماية الصناديق، بتبادل السلفيين وأعضاء «الإخوان» نوبات حراسة الصناديق، كما تكفل السلفيون بالتأمين في بعض المناطق التي يسيطر عليها التيار السلفي تاركين ل «الإخوان» مهمة متابعة العملية الانتخابية في الصباح. وكان القضاة المشرفون على المقار الانتخابية شرعوا مع انتهاء مواعيد الاقتراع أول من أمس في تشميع الصناديق للتأكد من عدم فتحها والعبث بمحتوياتها، وحرروا محاضر بنقلها إلى حجرات متراصة في المدارس التي شهدت عملية الاقتراع، وتأكدوا من إغلاق نوافذها وأبوابها، ثم عهد للجيش تأمين هذه الحجرات من الخارج، وهو بدوره سمح لوكلاء ومندوبي المتنافسين بالمشاركة في عملية التأمين كي لا يتسرب الشك إلى نفوسهم، فبات عدد منهم أمام المقار التي تكدست بها الصناديق. واتهم أنصار مرشح «الإخوان» بلطجية من أنصار شفيق المحسوب على المجلس العسكري الحاكم، بمحاولة اقتحام لجان مدرسة كفر حجازي في مدينة المحلة الكبرى (دلتا النيل) بغرض سرقة الصناديق. وأكدت اللجنة العليا للانتخابات أن رؤساء اللجان لم يُبلغوا بعد فتح اللجان أمس بأي عبث بأي حرز من الأحراز التي تركت مساء أول من أمس في اللجان سواء في النوافذ أو الأبواب أو الصناديق.