لم تنتهِ مهمة قوات الجيش التي أمَّنت عملية الاقتراع في اليوم الأول من المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية مع انتهاء عملية إدلاء الناخبين بأصواتهم، إذ كانت تنتظرها «مهمة أصعب» تتمثل في تأمين الصناديق المكدَّسة بأوراق الاقتراع والتي باتت ليلتها في مقار اللجان الانتخابية انتظاراً لاستكمال الناخبين الإدلاء بأصواتهم أمس. فما أن انتهى الملايين من الاقتراع أول من أمس وأغلقت لجان الانتخابات أبوابها، اتجهت الأنظار إلى كيفية تأمين الصناديق، علماً أن تجارب تزوير الانتخابات في ظل النظام السابق عادة ما اعتمدت على تبديل الصناديق داخل اللجان في وضح النهار بأخرى تحتوي على آلاف الأصوات لمصلحة أعضاء الحزب الوطني المنحل. ورغم أن الجيش أكد تكفله تأمين هذه الصناديق، إلا أن قلقاً انتاب القوى السياسية ومراقبين من حدوث أي تجاوزات تعكر صفو أول أيام الاقتراع الذي أشاد الجميع بمروره من دون مشاكل كبرى. وكان السؤال الأبرز صباح أمس هو كيف باتت الصناديق ليلتها؟ بداية قام القضاة المشرفون على المقار الانتخابية بتشميع الصناديق للتأكد من عدم فتحها والعبث بمحتوياتها، وحرروا محاضر بنقلها إلى حجرات متراصة في المدارس التي شهدت عملية الاقتراع، وتأكدوا من إغلاق نوافذها وأبوابها، ثم عهد إلى الجيش تأمين هذه الحجرات من الخارج، وهو سمح للمرشحين ومندوبيهم بالمشاركة في عملية التأمين لئلا يتسرب الشك إلى نفوسهم. وأمضى عدد من المرشحين ومندوبي المرشحين الليل في المقار التي تكدست بالصناديق. ومع طوال ساعات الليل والحاجة الملحة إلى اليقظة، لم يجد مندوبو المرشحين بُدًّا من ابتكار وسائل للترويح عن أنفسهم كي لا يغافلهم النوم، فراحوا يشكلون فرقاً للعب كرة القدم في أفنية المدارس أمام حجرات الصناديق، وبعضهم دخل في نقاش طويل حول أحقية مرشحيهم بالفوز بالمقعد البرلماني انتهى هذه المرة من دون خلافات كادت تتحول إلى اشتباكات أثناء ساعات النهار. وما إن أشرق الصباح حتى تنفست قوات الجيش الصعداء، إذ لم يُهاجم أي من المقار التي خزنت فيها الصناديق، وهو ما أضاف نجاحاً إلى نجاح الجيش في تأمين عملية الاقتراع. وقال رئيس اللجنة العليا للانتخابات المستشار عبدالمعز إبراهيم إن رؤساء اللجان الانتخابية لم يُبلغوا بعد فتح اللجان أمس عن أي عبث بأي حرز من الأحراز التي تركت مساء أول من أمس في اللجان سواء في النوافذ أو الأبواب أو الصناديق. وأشادت «الجمعية المصرية لدعم التطور الديموقراطي» التي تتابع الانتخابات بنجاح قوات الجيش المدعومة بالشرطة في تأمين مقار اللجان وعدم تعرض صناديق الاقتراع لأي محاولات تخريب. وذكرت في تقرير أنه «رغم التوتر الذي صاحب عملية مدّ التصويت إلى يومين خوفاً من اندلاع أحداث عنف نتيجة بقاء الصناديق في اللجان، إلا أن غرفة عمليات الجمعية المصرية لم تتلق أي شكاوى في هذا الشأن»، مشيرة إلى أن «أداء القوات المسلحة كان عاملاً حاسماً في إقرار الهدوء» مساء أول من أمس «وشكل رادعاً للكثير من محترفي البلطجة في الانتخابات وقضى على أسطورة العنف المصاحب دوماً للعملية الانتخابية في مصر».