زادت حدة الاستقطاب في الاقتراع في جولة الحسم في انتخابات الرئاسة المصرية بين مرشح «الإخوان المسلمين» محمد مرسي والمرشح المدعوم من المجلس العسكري الحاكم الفريق أحمد شفيق، رئيس آخر حكومات الرئيس المخلوع حسني مبارك، في ظل ارتفاع القلق من نتائج الانتخابات، إذ بدت خريطة التصويت واضحة في أول أيام الاقتراع خصوصاً لجهة الفرز الطائفي، إذ حشد الإسلاميون لمصلحة مرسي، فيما حشد عناصر الحزب الوطني المنحل لمصلحة شفيق. أما شباب القوى الثورية فحاروا بين مرسي والمقاطعة. وبدت هذه الجولة كأنها «سباق مع الزمن»، فالقوى الإسلامية أمطرت أنصارها بآلاف الرسائل لحضهم على الاقتراع لمصلحة مرسي وظلت قيادات «الجبهة السلفية» و»الدعوة السلفية» و»الإخوان» و»الجماعة الإسلامية» تتابع عن كثب حشد الأنصار للاقتراع لمصلحة مرسي، ولم يقف الأمر عند مجرد التصويت بل تعداه إلى المشاركة في تأمين صناديق الاقتراع أثناء الليل لحمايتها من أي تلاعب. وطلب هؤلاء من أنصارهم المبيت أمام لجان الانتخاب كل في منطقته لرصد أي تجاوز في هذا الصدد. ولوحظ إقبال السلفيين على الاقتراع في هذه الجولة مقارنة بالجولة الأولى التي قاطع فيها عدد معتبر منهم التصويت لعدم وجود مرشح سلفي. في المقابل، حشدت قيادات الحزب «الوطني» المنحل في الأقاليم للتصويت لمصلحة شفيق، في ما بدا أنه أول معركة انتخابية حقيقية بين «الوطني» و «الإخوان» اللذين طالما تنافسا في الانتخابات التي جرت في عهد النظام السابق وكان التزوير سمتها. واتهم موقع «إخوان أونلاين» التابع للجماعة الكنيسة بتوجيه الأقباط للتصويت لمصلحة شفيق. وقال إن إحدى اللجان في القاهرة شهدت نقلاً جماعياً للأقباط والراهبات للتصويت لمصلحة شفيق «في مخالفة صريحة لقوانين اللجنة العليا للانتخابات». وفي وقت زاد الاستقطاب إلى حد التشدد، زاد أيضاً القلق من نتيجة الانتخابات، فسواء فاز شفيق أو مرسي لن تخلو الأجواء من غضب قد يسبب اضطرابات، لكنها قطعاً ستكون أشد وطأة في حال فاز شفيق الذي يحمله الثوار المسؤولية عن قتل وجرح العشرات أبان «ثورة 25 يناير» حين كان رئيساً للوزراء. وهددت القوى الإسلامية والثورية باندلاع «ثورة ثانية» في حال تزوير الانتخابات لمصلحة شفيق، إذ يعتبرون أن مجرد سقوط مرسي يعد دليلاً على التزوير، خصوصاً أنه حصد أكثر من 75 في المئة من أصوات المصريين في الخارج الذين اقترعوا قبل أسبوع. وسيُزيد فوز مرسي من قلق الأقباط وبعض القوى الليبرالية خشية اتجاهه إلى فرض مظاهر دينية إرضاء للقوى التي ساندته في الانتخابات، خصوصاً السلفيين، فضلاً عن أن قطاعاً من الثوار يرفض انتخابه، ويعتبر أن «الإخوان» لم ينحازوا إلى الميدان بعد تنحي مبارك طمعاً في مكاسب الانتخابات البرلمانية، لكن حل البرلمان بقرار من المحكمة الدستورية العليا ربما هدأ من روع هؤلاء الذين كانوا يشكون أساساً من «استئثار» الإسلاميين بالسلطتين التنفيذية والتشريعية. وبدا الاستقطاب والقلق واضحين على الناخبين الذين اصطفوا في طوابير طويلة والوجوم يعلو وجوههم، فيما قلت الحوارات الجانبية بينهم، في إشارة إلى أن كلاً حدد خياره، في انتظار النتائج.