يتوجه المصريون اليوم إلى صناديق الاقتراع للتصويت في جولة الحسم في الانتخابات الرئاسية الأولى بعد سقوط الرئيس المخلوع حسني مبارك، وسط أجواء مشوبة بالتوتر والترقب الحذر أثارها حكما المحكمة الدستورية قبل يومين بحل البرلمان وإبقاء رئيس آخر حكومات مبارك الفريق أحمد شفيق في السباق الرئاسي في مواجهة مرشح «الإخوان المسلمين» محمد مرسي. واستبق مرسي بدء «الصمت الانتخابي» ظهر أمس بتحذير من «تزوير الانتخابات»، معتبراً أن «التجهيز» لهذا بدأ بالفعل. وأكد أن التزوير سيتسبب في «اندلاع ثورة عارمة». وتعهد «استمرار الثورة حتى تحقيق أهدافها، والشعب لن يسمح بتزوير إرادته». وأكد في مؤتمر صحافي مساء أول من أمس أنه «لا مجال بأي حال من الأحوال لعودة نظام مبارك المجرم الذي أفسد الحياة السياسية ونهب اقتصاد البلاد وأجرم في حق الوطن والشعب». وشدد على أن «الثورة التي أسقطت مبارك وعصابته ما زالت قائمة ونشعر بمسؤولية أكبر». ونبه إلى أن «هناك من يسعى ويحاول ويفكر ويدبر سوءاً للشعب ويريد العبث بإرادة المصريين. لكن من يحاولون إجهاض الثورة في الخفاء سيحاكمهم الشعب لا محالة». وقال إن «تحرك الفاسدين كالسوس لن يفلح في تضليل الشعب لأن الشعب يعرف فسادهم وإجرامهم». وتعهد «القضاء على أعوان مبارك القلة الباغية التي تهدف إلى إعادة الوطن إلى نقطة الصفر». وأشار إلى «ضرورة نقل السلطة والانتهاء من المرحلة الانتقالية عقب إعلان النتائج الرسمية». وأضاف: «ستكون حياتي ثمناً لحرية الشعب ولأي محاولة تزوير، ومستمر (في الانتخابات) لما لمسته من عزيمة وإصرار لدى الشعب، ومحاولات النظام السابق عبر وسائله الخاصة لتغيير دفة فكره وآرائه لم تعد تنطلي على الشعب». وأضاف: «ستظل عيوننا ساهرة لتراقب عن كثب عملية الفرز وحماية صناديق الاقتراع من أي عبث مخطط له». ودعا المصريين إلى «ضرورة الذهاب بالملايين إلى صناديق الاقتراع لنقول لا للفاسدين والمجرمين». وتطرق إلى قانون الضبطية القضائية الذي أصدره وزير العدل ومنح عناصر الاستخبارات الحربية والشرطة العسكرية سلطة اعتقال المدنيين وإحالتهم على المحاكمة، معتبراً أنه «ينذر بالسوء ويتضح من ملامحه أن هناك من يريد العبث بإرادة الناس». لكن مسؤولاً عسكرياً استنكر «محاولات المشككين هواة التخوين وهز الثقة في حياد المؤسسة العسكرية»، متوعداً «عدم التهاون تجاه أي تجاوز خلال المرحلة الانتخابية وسنواجه أي خروج على الشرعية بمنتهى القوة والحزم، ونحذر كل من سيحاول اختبارنا فلن يجد منا إلا إصراراً وقوة على تحقيق ما أراده الشعب». وقال ل «الحياة» إن المجلس العسكري «يقف على مسافة واحدة من المرشحين». وبدأت ظهر أمس فترة «الصمت الانتخابي» التي تستمر حتى انتهاء التصويت مساء غدٍ. ويعاقب من يخرق الصمت أمام اللجان أو يوجه الناخبين بعقوبة تصل إلى السجن. وأفيد أن اللجنة المشرفة على الانتخابات كلفت أجهزة الأمن تنظيم حملات مرورية لإزالة الملصقات الدعائية من على السيارات وإزالة كل أشكال الدعاية في محيط لجان الاقتراع. ويقف أكثر من 50 مليون ناخب أمام معضلة الاختيار بين مرسي الذي يتخوف معارضوه من انتمائه إلى التيار الإسلامي فيما يجاهد هو لترويج لنفسه باعتباره «مرشح الثورة»، وبين منافسه شفيق العسكري الذي تلاحقه اتهامات بالفساد والمسؤولية عن قتل المتظاهرين، ويعتبر معارضوه وصوله إلى الحكم إعادة إنتاج لنظام مبارك، كما يتخوف كثيرون من استمرار هيمنة المؤسسة العسكرية على الحكم. ودعت «الجبهة السلفية» إلى «الحشد القوي» لانتخاب مرسي، محذرة من أن «الاستجابة لدعوات المقاطعة لن تصب إلا في مصلحة شفيق». وقالت في بيان أمس إنها «تشارك كل القوى الثورية والوطنية في رفض إعادة مصر إلى استبداد مبارك وحزبه مرة أخرى، بتبرئة المجرمين واتهام المناضلين وتفصيل القوانين تشريعاً وتطبيقاً إثباتاً وإلغاءً وإعطاء صلاحيات أوسع لمختلف الأجهزة العسكرية والأمنية لقمع الحريات وانتهاك الحرمات، إلى آخر منظومة الإجرام التي لم تعد خافية على أحد». وناشدت «جموع الشعب وكل الذين لا يرضون بالذل لأنفسهم ولا لأبنائهم ولا لأمتهم، حماية اللجان الانتخابية والصناديق بكثافة عددية تمنع أي اعتداء عليها أو تزوير». ودعت إلى «النزول إلى ميدان التحرير في القاهرة وإلى ميادين الثورة في المحافظات بعد انتهاء التصويت ليكون ذلك حماية لفرز الأصوات وإعلان النتائج، ولتعطي ميادين الثورة الشرعية الشعبية للنتيجة المعلنة، أو تسحبها منها إذا شابت الانتخابات أي علامات للتلاعب والتزوير». ورأت أنه «يجب الاستعداد لكل الاحتمالات والتضحيات، فإن ما نرجوه لأنفسنا ولمستقبل أطفالنا يستحق منا أكثر مما نقوم به». ودعت إلى «الحرص على وحدة الصف وتماسك الجبهة الثورية والشعبية، لأن سياسة التفريق كانت وما زالت من أكثر وسائل المستبدين لإذلال الشعوب». إلى ذلك، تسلمت أمس عناصر الجيش والشرطة المكلفة تأمين الانتخابات المقرات الانتخابية لتجهيزها. وأكد مسؤول عسكري ل «الحياة» أن قوات الجيش «تشارك بأكثر من 150 ألف ضابط وجندي، إضافة إلى 11 ألف عربة لنقل القوات، بخلاف طائرات تابعة للقوات الجوية لمراقبة الأوضاع وأخرى مخصصة للإخلاء والتأمين الطبي في حال الحاجة إليها».