أدى اختراق سوري جديد للحدود اللبنانية فجر أمس، الى مقتل شاب وإصابة آخر وتوقيف السلطات السورية لثالث بعدما أُطلقت النار من زورق سوري على قارب صيد لبناني كان قبالة شاطئ بلدة العريضة اللبنانية الشمالية في المياه الإقليمية، ما سبب توتراً على الحدود. وقطع أهالي البلدة الطريق في الجانب اللبناني وأشعلوا الإطارات احتجاجاً، فيما شهد الجانب السوري استنفاراً عسكرياً، فيما قالت وكالة «سانا» السورية للأنباء إن القارب «للتهريب». وأعلن المكتب الإعلامي في رئاسة الجمهورية أن الرئيس ميشال سليمان «تابع مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والوزراء المختصين وقادة الأجهزة الأمنية المعنية الحادثة التي وقعت فجراً قبالة بلدة العريضة مستنكراً إطلاق النار الذي أدى الى سقوط ضحية». وإذ أكد الرئيس سليمان «ضرورة احترام سيادة كل دولة على أراضيها»، دعا الى «التعاون بين الجانبين لمنع تكرار ما حصل»، طالباً «تسليم الأشخاص الذين احتجزوا بالسرعة الممكنة ومباشرة التحقيقات ومراجعة الإجراءات الواجبة لتجنب حصول مثل هذه الحوادث مستقبلاً». وأفاد مكتب ميقاتي أنه تابع «موضوع الاعتداء الذي استهدف ثلاثة صيادين لبنانيين من قبل زورق حربي سوري، وأجرى لهذه الغاية اتصالات مع قائد الجيش العماد جان قهوجي والمراجع الأمنية المختصة». وشدد ميقاتي على «وجوب الإسراع بمعالجة الحادث من قبل لجنة التنسيق الأمنية اللبنانية – السورية، وإعادة الصيادين اللبنانيين»، وقال: «إننا ندين هذا الاعتداء الذي حصل، وقد شددنا على وجوب اتخاذ الإجراءات المناسبة لعدم تكراره». وكان الشبان الثلاثة خالد وفادي وماهر حمود من بلدة العريضة وهم صيادو أسماك أبحروا فجر أمس من أجل الصيد وعند وصولهم على بعد 500 متر من الشاطئ في المياه الإقليمية اللبنانية اقترب من قاربهم زورق سوري وأطلق النار باتجاههم فأصيب كل من ماهر وخالد بحسب شهود عيان. وأفاد سكان البلدة أن الزورق السوري ما لبث أن اقترب من القارب وسحبه الى المياه الإقليمية السورية، وتحديداً الى مرفأ طرطوس. وعندما علم الأهالي بأن الفتى ماهر حمود (16 سنة) أصيب وما لبث أن فارق الحياة، وأنه وابنيّ عمه نقلوا الى سورية، قطعوا الطريق الدولية المؤدية الى المعبر نحو سورية بالإطارات المشتعلة، وأخذوا يهددون بالهجوم على مركز الأمن العام السوري الحدودي وإحراقه بعد أن رشقوه بالحجارة، إلا أن القوى الأمنية الموجودة هناك حالت دون وصولهم إليه. وتبين أن الشاب خالد حمود أصيب بدوره في بطنه ورجله نتيجة إطلاق النار عليهم من الزورق السوري. وانتقلت والدة الفتى القتيل ماهر الى سورية لمحاولة استعادة جثته إلا أن الأمن السوري أبلغها أن إجراءات نقله تقتضي الحصول على إذن رسمي بذلك من السفارة اللبنانية في دمشق فعادت الى بلدة العريضة بعد ظهر أمس. وتبين أن الشاب الثالث فادي موقوف لدى السلطات السورية. وأكدت مصادر رسمية ل «الحياة» أن الشبان الثلاثة من عائلة فقيرة، وكانوا يسعون الى صيد السمك الذي يعتاشون منه وأنهم لم يتجاوزوا الحدود اللبنانية، ما دفع الرئيس سليمان الى التركيز في تصريحه على «ضرورة احترام سيادة كل دولة». وحتى مساء أمس كانت الطريق الدولية ما زالت مقطوعة نتيجة غضب الأهالي، فيما الجنود السوريون في حال استنفار من الجهة الثانية من الحدود التي تبعد في بعض الأماكن زهاء 100 متر. واعتبر نائب رئيس البرلمان فريد مكاري أن «نظرية الحكومة النأي بالنفس لا تنطبق على التعديات السورية»، ودعا الى «الدفاع عن النفس... وصولاً الى تقديم شكوى الى مجلس الأمن». وكلّف سليمان وميقاتي لجنة الارتباط اللبنانية – السورية والأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني – السوري نصري خوري باستعادة الصيادين الثلاثة. وأفادت وكالة «سانا» السورية للأنباء من جانبها مساء، أن «عناصر دوريات الموانئ السورية في محافظة طرطوس تمكنت من ضبط قارب لبناني للتهريب بعد تسلله من شمال لبنان الى المياه الإقليمية السورية قبالة قرية الخرابة». ونقلت الوكالة السورية عن الرائد علي يونس من ضباط مديرية الموانئ أنه «أنذر القارب المتسلل أكثر من مرة، لكن أفراد طاقمه لم ينصاعوا للأوامر ورموا حمولته من الصناديق في البحر محاولين الهروب باتجاه شمال لبنان». وأضاف أنه لدى توجهه «الى سطح القارب المتسلل لطلب ثبوتياته قام آخرون في خمسة قوارب لبنانية أخرى قدمت من المياه الإقليمية اللبنانية بإطلاق النار باتجاه القارب ما أدى الى إصابة اثنين من أفراد طاقم القارب اللبناني المتسلل». وأشار الرائد يونس الى أنه «تم قطر القارب المتسلل الى ميناء طرطوس التجاري وطلب الإسعاف لنقل المصابين الى المشفى وسلم الثالث حياً الى الجهات المختصة». وقالت «سانا» إن «عناصر من الجهات المختصة اشتبكت ليل أول من أمس، مع مجموعة إرهابية حاولت التسلل عبر الحدود (البرية) في منطقة تل كلخ وقتلت 3 من أفرادها بينما فر أفراد باقي المجموعة في اتجاه الأراضي اللبنانية». واتهم مصدر رسمي سوري «المجموعة الإرهابية بأنها كانت تحاول إدخال كميات من الأسلحة الى سورية، تمت مصادرتها مع ذخائرها». لكن مصادر لبنانية رسمية أبلغت «الحياة» أن قوارب الصيد لا تغادر الشاطئ إلا بإذن من وحدات الجيش اللبناني المولجة حفظ أمن الموانئ.