أكد أول تقرير يعده فريق المراقبين العرب إلى سورية استمرار وجود آليات عسكرية في معظم المدن التى زارها المراقبون واستمرار المظاهر المسلحة والقتل وانتهاكات حقوق الانسان، مشيراً إلى «مضايقات» تعرضت لها البعثة العربية من الحكومة السورية والمعارضة على حد سواء. وعلى رغم النتائج التي تشير الى عدم التزام سورية كلياً ببنود البرتوكول مع الجامعة العربية، أوصى التقرير باستمرار عمل المراقبين في عملهم مع تزويدهم أجهزة تكنولوجية حديثة للقيام بمهمتهم بنجاح وأن تترك المعارضة والحكومة البعثة ل «التحرك بلا وصاية». وتسلم الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي تقريراً تفصيلياً من رئيس البعثة الفريق أول مصطفى الدابي حول ما رصدته البعثة على مدى 10 أيام من أحداث ساخنة في قرى ومحافظات سورية. وقالت مصادر عربية اطلعت على التقرير ل «الحياة» إن البعثة تجولت في معظم المناطق السورية وأن هناك مضايقات تعرضت لها من قبل الحكومة والمعارضة وأن «كل طرف يريد أن يقنع البعثة بأنه على حق وأن هناك انتهاكات من الطرف الآخر». وأشارت المصادر إلى أن هناك صوراً لآليات عسكرية على أطراف المدن وتظاهرات يطلق عليها الرصاص وصور لقتلى وانتهاكات مستمرة في مجال حقوق الانسان. وكشف مصدر مطلع أن التقرير رصد استمرار المظاهر المسلحة والقتل وأن أفراد في البعثة رصدوا وجود قتلى في الشارع والحكومة تتهم المعارضة بقتلهم والمعارضة تحمل القوات السورية مسؤولية قتلهم أثناء التظاهرات. وأكد التقرير أن هناك معتقلين لم تفصح الحكومة عن مكان اعتقالهم وهل هم أحياء أم أموات، وأن الحكومة ابلغت البعثة الافراج عن 3484 معتقلاً لكن لم يتسن للبعثة التحقق من أنهم معتقلون سياسيون أم من مرتكبي الجرائم الجنائية. وقال التقرير إن هناك «تضييقاً» على وسائل الإعلام بخاصة التي تكتب ضد النظام ومنع رسمي لقناتي «الجزيرة» و «العربية». وعلى رغم النتائج التي تشير الى عدم التزام سورية كلياً ببنود البرتوكول مع الجامعة العربية، اوصى التقرير باستمرار عمل البعثة مع تزويدها بعدد كاف من المراقبين والاستعانة بأجهزة تكنولوجية حديثة للقيام بمهمتهم بنجاح وأن تترك المعارضة والحكومة البعثة ل «التحرك بلا وصاية إذ أنها كفيلة برصد كل شيء بمنتهى الحيادية والشفافية». وحصلت «الحياة» على تقرير «غرفة عمليات» الجامعة المكلفة بالاتصال بالبعثة والذي جاء في 83 صفحة. وأفاد التقرير بأن هناك اعتراضاً شديداً من منظمات المجتمع المدني الدولية وبعض وسائل الإعلام العالمية على اختيار رئيس بعثة المراقبين محمد الدابي لكونه مسؤولاً عسكرياً في السودان في وقت شهد فيه هذا البلد اضطرابات وانتهاكات لحقوق الانسان. وأفاد التقرير بأن حكومات اعترضت على اختيار الدابي من بينها الولاياتالمتحدة الأميركية، وان رد الأمين العام للجامعة كان أن «البعثة هي الأولى من نوعها في تاريخ الجامعة ما يجعل من الخبرة العسكرية للفريق الدابي تصب في مصلحة المراقبين وكيفية التعامل مع الوضع هناك». ودافع العربي في التقرير عن مهمة البعثة. وقال: إن مهمتها الحفاظ على المدنيين وتهدئة الأوضاع والعمل على حل الأزمة بالطرق السلمية على رغم أن الرأي العام كان يظن أن الهدف من البعثة هو وقف العنف وحل الأزمة نهائياً كما أن بعض السوريين النشطاء كانوا يرون أن مهمة البعثة يجب أن تبدأ بوقف السلطات السورية عن أعمال العنف والقتل لكن المراقبين ذهبوا إلى سورية رغم ذلك متغاضين عما حدث، وشدد الامين العام بأن أهيمة البعثة هو استيضاح الحقائق وأن إيفاد البعثة خطوة أساسية لحل الأزمة وأن تعمل على قدم وساق لتحقيق هذا الهدف. وأكد الامين العام للجامعة العربية أن نداءات الرأي العام طالبت بزيارة البعثة مدينة حمص في اليوم الأول بعدما وصلت فيها الاضطرابات إلى درجة عالية، مشيراً الى ان البعثة لبت تلك النداءات وتواجدت في حمص لمدة أيام. وأكد الأمين العام أن إجمالي ردود الفعل تجاه البعثة صبت في اتجاه منح المراقبين الفرصة قبل إصدار الحكم على مهمتهم ودعوة السلطات السورية لمنحهم الحرية الكاملة للتنقل والاتصال بالمعارضة. وأشار التقرير: إلى أن المعارضة السورية شنت حملة على الدابي منذ وصوله إلى حمص وأن موقف المعارضة كان متشككاً منذ البداية، كما أثار قول أحد المراقبين أنه شهد القناصة بأم عينه بعض الارتباك وأن المعارضة السورية ترى أن ايفاد البعثة إلى سورية هو سيناريو عربي – روسي بدعم من إيران يهدف إلى عدم اسقاط النظام السوري. كذلك افاد التقرير بأن المعارضة السورية قالت إن هواتف المراقبين تتعرض للتنصت من قبل النظام وأن الجيش يغير ألوان آلياته وملابسه إلى الالوان التي تستخدمها قوات حفظ السلام وذلك بغرض التمويه. وأكد التقرير أن غرفة العمليات تلقت 11 بلاغاً تتهم فيها السلطات السورية بعدم السماح لها بالتنقل داخل سورية أو الدخول لسورية ومنها التلفزيون الصيني ومراسلوه الذين شكوا من رفض السلطات السورية منحهم تصاريح بالتنقل في مدن مثل حمص وحماة، وبلاغ آخر من شبكة «سي ان ان» الاميركية التي منعتها السلطات السورية من اصطحاب أدوات البث عبر الأقمار الاصطناعية وأن هناك تسع هيئات إعلامية رفضت السلطات السورية منحها تأشيرات دخول إلى الاراضي السورية على رغم أنها كانت سمحت لها بالدخول في أوقات سابقة. وكانت اللجنة العربية المعنية بالأزمة السورية اجتمعت أمس برئاسة رئيس الوزراء وزير خارجية قطر الشيخ حمد بن جاسم لمناقشة التقرير الأول لبعثة المراقبين برئاسة الدابي الذي استعرض نتائج عشرة أيام من عمل فرق المراقبة العربية في المدن والأحياء السورية والنظر في الخطوات الواجب اتخاذها للتعامل مع الوضع الراهن في ظل ما ورد في التقرير. وشارك في الاجتماع وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو، ووزير الدولة للشؤون الخارجية بقطر خالد العطية، ووزير الشؤون الخارجية السعودي نزار بن عبيد مدني، ووزير الشؤون الأفريقية والمغاربية بالجزائر عبدالقادر مساهل، ومندوب سلطنة عمان لدى الجامعة العربية السفير خليفة بن علي الحارثي، ومندوب السودان السفير كمال حسن علي، والامين العام للجامعة العربية وكبار مساعديه والدابي وعدد من المراقبين لاطلاع الوزراء على الأوضاع في سورية ومشاهدتهم وسير عمل الفريق. ويأتي الاجتماع وسط ضغوط من المعارضة السورية وانتقادات من بعض العواصم الدولية التي تطالب بسحب فرق المراقبين. وقال نائب الامين العام للجامعة العربية السفير أحمد بن حلي في تصريحات قبيل الاجتماع إن تقرير المراقبين يشتمل على صور وخرائط ومعلومات شاملة عن الأحداث التي شاهدها المراقبون على أرض الواقع من أجل إبراز نتائج مهمتهم هناك، إلى جانب تقييم الوضع في سورية والخطوات التي يمكن اتخاذها خلال الفترة المقبلة. وشدد بن حلي على ضرورة إعطاء الفرصة الكاملة للمراقبين وتعزيز دورهم من خلال زيادة عددهم ومعداتهم. وطالب بن حلي بعدم استباق الأحداث. وأكد الامين العام المساعد رئيس غرفة عمليات بعثة مراقبي الجامعة العربية السفير عدنان عيسى الخضير أن عدد البعثة الآن في سورية بلغ 165 مراقباً وأن البعثة مستمرة في عملها وتأدية مهماتها بموجب البروتوكول الموقع مع الحكومة السورية في هذا الشأن. وقال في بيان إن «موضوع سحب المراقبين غير مطروح على أجندة الاجتماع الوزاري العربي لأن موضوع سحب المراقبين هو أمر يقرره مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية كونه الجهة التي أقرت هذا البروتوكول». وعرض رئيس الوزراء القطري على اللجنة نتائج محادثاته مع الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون في شأن إمكان الاستفادة من خبرات المنظمة الدولية والمجلس الدولي لحقوق الانسان والمفوضية السامية لتوفير الخبرات للمراقبين العرب في عملية المراقبة، كما عرض الامين العام نبيل العربي تقريراً حول نتائج مشاوراته واتصالاته مع مختلف الأطراف المعنية خصوصاً المعارضة من أجل كيفية التعامل مع الوضع الراهن سياسياً وميدانياً. وتظاهر عشرات المعارضين السوريين أمام مقر اجتماع اللجنة العربية الوزارية. وانتقدوا أداء البعثة. من ناحية أخرى، دان وزير الخارجية المصري محمد عمرو التفجيرات التي شهدتها دمشق يوم 6 كانون الثاني (يناير) الجاري والتي راح ضحيتها عدد من المدنيين. وأعرب عمرو عن قلقه من استمرار أعمال العنف في سورية، مشيراً إلى أن التطبيق الكامل والأمين لكل بنود خطة العمل العربية، بما في ذلك تسهيل مهمة وفد مراقبي جامعة الدول العربية إلى سورية.