اعتبر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أن البرلمان الجديد الذي ستبدأ إجراءات انتخابه قبل نهاية الأسبوع المقبل «أخطر برلمان في تاريخ مصر»، محذراً خلال لقاء مع رؤساء تحرير الصحف أمس من سوء الاختيار «قد يعرض الدولة للانهيار أو يحدث شللاً فيها». وبدا أن تصريحات السيسي تشير إلى الصلاحيات الجديدة للبرلمان المقبل، فإضافة إلى التشريع ستكون لمجلس النواب الكلمة العليا في تشكيل الحكومة وإقالة الوزراء. ويأتي ذلك في وقت احتدمت النقاشات بين الأحزاب من أجل تشكيل تحالفات انتخابية، لكن تضارباً لوحظ في الإعلان عن تشكيل التحالفات التي بدأت بتحرك من الديبلوماسي المخضرم عمرو موسى لتشكيل تحالف على قاعدة دعم السيسي في البرلمان. غير أن جهود موسى لاحت بوادر فشلها مع خروج حزب «الوفد» وإعلانه تشكيل تحالف آخر سماه «الوفد المصري»، بالإضافة إلى إعلان حزب «المصريين الأحرار» الذي أسسه رجل الأعمال نجيب ساويرس خوض الانتخابات منفرداً، كما اتخذ حزب «الحركة الوطنية» بقيادة المرشح الرئاسي السابق أحمد شفيق خطوات أخرى باتجاه تشكيل تحالف ثالث، قبل أن يجري «الوفد» مناقشات مع موسى نفسه لضمه إلى تحالفه. وفي الوقت نفسه، يناقش موسى ضم نقابات وهيئات عمالية لخوض الانتخابات على قوائم تحالفه، وهو ما كان يسعى إليه نقيب المحامين سامح عاشور الذي اتفق مع نقيب الصحافيين ضياء رشوان والاتحاد العام لنقابات العمال والفلاحين على خوض الانتخابات بقوائم موحدة. هذه السيولة أثارت تساؤلات عن خريطة المنافسة في التشريعيات المقبلة. ومن المقرر أن تجتمع اللجنة القضائية المشرفة على التشريعيات خلال أيام لوضع اللمسات الأخيرة على الجدول الزمني للاستحقاق المتوقع إجراؤه في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل. وانتقد الرئيس السابق لحزب «المؤتمر» محمد العرابي تعدد التحالفات الانتخابية، مشيراً إلى أن «كل الأطراف تفتح اتصالات مع بعضها بعضاً... الشارع السياسي امتلأ بالتحالفات حتى باتت أكثر من الأحزاب، لا خريطة حتى الآن والأمور غير واضحة وفيها قدر من البحث عن المصالح الشخصية والنيات غير الخالصة». وتوقع أن تخلص تلك النقاشات إلى تشكيل ثلاثة تحالفات: الأول يحمل شعار «الوفد»، والثاني يقوده موسى، والثالث بقيادة حزب شفيق. غير أن عضو الهيئة العليا في «الوفد» عصام شيخة رجح انضمام موسى إلى تحالف حزبه، وإن أشار إلى أن النقاشات «جمدت خلال الأسبوعين الماضيين». وأشار إلى أن موسى يلعب دوراً في جسر الفجوة بين «الوفد» و «المصريين الأحرار». وقال إن «الوفد لديه مرونة في التنازل عن رفع اسمه على شعار التحالف، في مقابل زيادة حصته من المقاعد المخصصة للمنافسة بنظام القوائم، وهو ما يمكن تلبيته من أجل حصول تحالف مدني كبير». وتوقع أن تكون المنافسة بين تحالفين كبيرين الأول يضم «الوفد» وموسى والآخر بقيادة حزب شفيق. وحذر القيادي في «التيار الشعبي» عبدالعزيز الحسيني من أنه «في حال تفتت الأحزاب المدنية سيخسر الجميع، ويتصدر الفلول (رجال الحزب الوطني المنحل) مشهد البرلمان المقبل». وكان التيار الذي أسسه المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي أعلن أول من أمس اتجاهه للتحول إلى حزب سياسي. وأوضح الحسيني أن اجتماعاً من المفترض أن يكون عقد مساء أمس بين الأحزاب التي أعلنت دعمها لصباحي في الرئاسيات الماضية لعرض نتائج عمل مجموعة الاتصال التي أوكل إليها إجراء مشاورات الدخول في تحالفات مع الأحزاب. وبين الأحزاب التي دعمت صباحي «الكرامة» و «العدل» و «الدستور» و «التحالف الشعبي الاشتراكي» و «مصر الحرية». وقال الحسيني إن تلك الأحزاب «لديها الرغبة في تشكيل تحالف مدني كبير يضم بين طياته الأحزاب والتيارات المؤمنة بثورتي 25 يناير و30 يونيو، ليخوض على الأقل المنافسة على المقاعد المخصصة للقوائم بقوائم موحدة، وبغير هذا السبيل لا أظن أن أحداً سيكسب، ومن سينتصر في تلك المعركة هم أصحاب المال والنفوذ القبلي والعائلي... سيركب فلول الحزب الوطني، وهو ما سيعني غياب النضج السياسي لدينا والجميع خاسر».