«الاستثمار العالمي»: المستثمرون الدوليون تضاعفوا 10 مرات    قيود الامتياز التجاري تقفز 866 % خلال 3 سنوات    رئيسة (WAIPA): رؤية 2030 نموذج يحتذى لتحقيق التنمية    سعود بن مشعل يشهد حفل "المساحة الجيولوجية" بمناسبة مرور 25 عامًا    السد والهلال.. «تحدي الكبار»    ظهور « تاريخي» لسعود عبدالحميد في الدوري الإيطالي    أمطار على مكة وجدة.. «الأرصاد» ل«عكاظ»: تعليق الدراسة من اختصاص «التعليم»    «التعليم»: حظر استخدام الهواتف المحمولة بمدارس التعليم العام    إسماعيل رشيد: صوت أصيل يودّع الحياة    من أجل خير البشرية    وفد من مقاطعة شينجيانغ الصينية للتواصل الثقافي يزور «الرياض»    محمد بن راشد الخثلان ورسالته الأخيرة    مملكتنا نحو بيئة أكثر استدامة    نيوم يختبر قدراته أمام الباطن.. والعدالة يلاقي الجندل    في الشباك    بايرن وسان جيرمان في مهمة لا تقبل القسمة على اثنين    النصر يتغلب على الغرافة بثلاثية في نخبة آسيا    قمة مرتقبة تجمع الأهلي والهلال .. في الجولة السادسة من ممتاز الطائرة    وزير الخارجية يشارك في الاجتماع الرباعي بشأن السودان    الكرامة الوطنية.. استراتيجيات الرد على الإساءات    نائب أمير الشرقية يكرم الفائزين من القطاع الصحي الخاص بجائزة أميز    ألوان الطيف    ضاحية بيروت.. دمار شامل    «بنان».. جسر بين الماضي والمستقبل    حكايات تُروى لإرث يبقى    جائزة القلم الذهبي تحقق رقماً قياسياً عالمياً بمشاركات من 49 دولة    نقاط شائكة تعصف بهدنة إسرائيل وحزب الله    أهمية قواعد البيانات في البحث الأكاديمي والمعلومات المالية    الأمير محمد بن سلمان يعزّي ولي عهد الكويت في وفاة الشيخ محمد عبدالعزيز الصباح    تطوير الموظفين.. دور من ؟    السجن والغرامة ل 6 مواطنين ارتكبوا جريمة احتيالٍ مالي    قصر بعظام الإبل في حوراء أملج    كلنا يا سيادة الرئيس!    القتال على عدة جبهات    معارك أم درمان تفضح صراع الجنرالات    الدكتور ضاري    التظاهر بإمتلاك العادات    مجرد تجارب.. شخصية..!!    كن مرناً تكسب أكثر    نوافذ للحياة    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    الرئيس العام ل"هيئة الأمر بالمعروف" يستقبل المستشار برئاسة أمن الدولة    صورة العام 2024!    ما قلته وما لم أقله لضيفنا    5 حقائق من الضروري أن يعرفها الجميع عن التدخين    «مانشينيل».. أخطر شجرة في العالم    التوصل لعلاج فيروسي للسرطان    محافظ صبيا يرأس اجتماع المجلس المحلي في دورته الثانية للعام ١٤٤٦ه    وزير الخارجية يطالب المجتمع الدولي بالتحرك لوقف النار في غزة ولبنان    استعراض السيرة النبوية أمام ضيوف الملك    أمير الشرقية يستقبل منتسبي «إبصر» ورئيس «ترميم»    الوداد لرعاية الأيتام توقع مذكرة تعاون مع الهيئة العامة للإحصاء    أمير الرياض ونائبه يؤديان صلاة الميت على الأمير ناصر بن سعود بن ناصر وسارة آل الشيخ    أمير منطقة تبوك يستقبل القنصل الكوري    البريد السعودي يصدر طابعاً بريدياً بمناسبة اليوم العالمي للطفل    الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    الأهل والأقارب أولاً    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بشير الرشيدي: التطرّف صناعة خارجية... وأميركا أسهمت في «تأججها»!
نشر في الحياة يوم 13 - 12 - 2011

علم النفس يكفل للمجتمع دروباً في الحياة مضيئة، فكل نواحي الحياة ذات صلة وطيدة بعلم النفس ومن خلاله نتعرف على أداء المثقف والسياسي والإعلامي والاقتصادي وغيرهم..
الدكتور بشير الرشيدي نشأ يتيماً وتربى في كنف والدته، يفخر أنه صناعة امرأة ويتباهى بذلك في كل محفل..
من يتتبع سيرته الذاتية يجد كيف هو ينتصر لنفسه ورغباته أكثر.. درس الجيولوجيا والنفط وهجر العمل فيها وعاد للدراسة من جديد في علم النفس وهناك وجد ضالته وانطلق بكل حرية وأثرى المكتبة العربية بالكثير من نتاجاته..
الدكتور بشير يرى أن التطرف صناعة غير محلية وأن أميركا أسهمت في تأججها في العالم كله، ويرى أن برامج الفتاوى والأحلام تظهر خيبات وعورات مجتمعنا، ويؤمن أن المرأة أقوى مما نتخيل لكنها لا تشعر بتلك القوة الكامنة فيها... فإلى تفاصيل الحوار:
لو أخذتنا معك في رحلة إلى كوامنك.. ماذا ينتظرنا هناك؟
- أظنك ستجد إنساناً مثل الملايين من البشر الذي يحملون صوراً ذهنية في أحداث أثرت في حياتهم وحياة من معهم ومن حولهم، حملت هذه الأحلام منذ الصغر وما زلت أحلم أن أترك أثراً في هذه الدنيا ليكون من الأعمال الدائمة بعد انتقالي إلى رحمة الله، فأنا إنسان يعشق الناس بغض النظر عن ألوانهم أو اختياراتهم الدينية أو خلفياتهم الاجتماعية وأسعى بكل صدق أن أحررهم من عوائقهم الداخلية والتي تقيد انطلاقاتهم. ستجد إنساناً نتاج تربية امرأة عظيمة علمتني معنى الحياة وحررتني من الخوف بغض النظر عن نوعه وقد كتبت تلك التجربة في كتاب «أمواج»، إذ سطرت ما كانت تلك المرأة تضع في عقلي من أفكار.
تلك المرأة هي أمي التي رعتني يتيما ًبعد وفاة والدي وعمري ثلاث سنوات فلم أشعر باليتم فقد كانت تمثل لي سنداً لا أحتاج معه إلى أب يسندني. إني أفتخر أن امرأة قامت على تربيتي وحدها ونجحت بكل المعايير التربوية والنفسية والاجتماعية وحررتني من الحاجة إلى الناس وحملتني مسؤولية ذاتي في تحقيق أهدافي في الحياة وأعطتني أن الحياة رحلة لطيفة أنا الذي أشكل ألوانها.
علمتني أمي أن الفشل هو محاولة للنجاح ولهذا لا أخاف منه، وعلمتني أن الأخطاء هي أدوات للتعلم وليس للتألم فإن أخطأت صلحت الخطأ وإن أذنبت تبت إلى الله وأن ظلمت أحداً اعتذرت منه وأعدت إليه مظلمته فإن لم يعذرني فذلك شأنه وليس لي شأن به. أجمل شيء في الحياة تعلمته من أمي أن الأمان هو مصنع الكبار فلا أذكر يوماً أنها عاقبتني رغم أن العقاب هو الأداة السائدة في عصري ولا أذكر يوماً أنها عنفتني رغم أن تحقير الذات ممارسة في مجتمعي ولكنها عاملتني على أني مسؤول عن حياتي وتحقيق غاياتي والتمتع بعلاقاتي.
علم النفس والجيولوجيا
تخصص علم النفس.. هل حملك أم حملته؟ ومتى ضبطت نفسك متلبساً بحب هذا التخصص؟
- تخرجت في كلية العلوم تخصص كيمياء وجيولوجيا واشتغلت في شركة نفط الكويت لمدة شهر فاكتشفت أني لا أصلح للتخصصات التي تحد من تعاملي مع الناس، لست من عشاق الكيمياء أو الجيولوجيا رغم أني درست على أفضل الأساتذة في هذا المجال وعلى رأسهم الأستاذ الدكتور زغلول النجار.
لكنني لم أجد ذاتي في تلك المسارات العلمية رغم أن الإغراءات المادية في ذلك الوقت لمن تخصص في تلك المسارات كبيرة جداً ولكنني لم أجد ذاتي أتمتع في ممارسة عملي فقررت التخصص في علم النفس، واشتغلت فيه 30 عاماً وأظنني أسهمت في هذا التخصص إسهاماً حقيقياً ومن أهم إسهاماتي كتاب «كيف تواجه أحداث الحياة؟»، و«اكتشف ذاتك»، و«اكسب ذاتك»، و«كيف تحقق أهدافك؟»، وأسهمت في موسوعة التربية وكذلك في موسوعة الاضطرابات النفسية وأثريت المكتبة العربية بأكثر من 30 كتاباً في مجالات تنمية الذات البشرية وأحسب نفسي ممن قدموا شيئاً مذكوراً أسال الله أن يكون علماً نافعاً أجد ثماره» يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم».
كان الإنسان محور اهتمامي والقضية بالنسبة لي تحرير الإنسان من عوائقه الداخلية وأظن أني أسهمت أن أجعل علم النفس من أدوات الإنسان التي يستعين بها على مواجهة مشكلات الحياة، وحولته من دراسة أكاديمية إلى ممارسة عملية، ونقلته من أروقة الجامعة والتدريس إلى عالم المجتمع بكل فئاته
تحمل ماجستير في علم الصدمات.. لماذا هذا التخصص؟ وهل تجد أن شعوبنا العربية بحاجة إلى ممارسين في هذا التخصص؟
- علم الصدمات يحتاجه كل إنسان على وجه الأرض، فالحياة عبارة عن أحداث متتالية ومتوالية سواء فيما يحدث من براكين أو زلازل أو فيضانات أو حروب أو موت أو فقدان أو خسارة أو فراق وكلها تلك الأحداث هي عبارة عن صدمات للإنسان ولهذا يحتاج كل إنسان أن يتعلم كيف يواجه أحداث الحياة ومصائبها وكوارثها ومن هنا جاءت أهمية هذا العلم وهو علم لازم لكل إنسان وليس فقط للمجتمعات.
وجدت أن مفهوم الصدمة مرتبط بالصورة الذهنية عند الإنسان وليس مرتبطاً بالحدث الخارجية وأن صدمة الإنسان تنبع من تصوره الداخلي وليس من ذلك الذي حدث في المحيط الخارجي، فإذا استطاع الإنسان أن يفهم ذاته ويتعامل مع انفعالاته فقد حمى ذاته من الدمار الذي يمكن أن يحدث له في تلك الحالات النفسية الصعبة أو الصادمة.
هناك طبيب نفسي.. وهناك معالج نفسي.. وهناك معالج سلوكي واختصاصي نفسي.. ومسميات عديدة.. هل الدراسة تمنح مسمى التخصص.. أو هناك فروق معينة؟
- الطبيب النفسي هو المختص بالأمراض النفسية التي أساسها عضوية أو لها انعكاسات عضوية فهو يجب عليه أن يركز على الجسد وليست له علاقة بالعلاقات أو الانفعالات أو السلوكيات ولكنه أحياناً يضطر أن يتعامل مع تلك المحاور نظراً لأثرها في الجسد وقد يكون العقل جزءاً من الجسد، فالطبيب النفسي مختص بهذا الجانب العضوي من الإنسان ولكن بعض الناس يخلط نظراً لعدم وجود ضوابط في المجتمع حتى يضبط مساره وكل تخصص في علم النفس له مجال محدد.
لماذا يجد المواطن اختلافاً بين أداء الممارسين في العلاج النفسي في المستشفيات الحكومية عن العيادات الخاصة؟
- حسب الخدمات التي تقدم، ففي المؤسسات الحكومية ليس هناك رقيب ولا حسيب ولا معايير لضبط الجودة يحاسب عليها الممارس ولكن في العيادات الخاصة المعيار هو الدولار فإن لم يجد المراجع ضالته ترك العيادة إلى غيره ومن هنا جاء الاهتمام بالمراجع اهتماماً كبيراً، إذ إنه مصدر الاستمرار في العمل.
الاضطرابات والأمراض النفسية.. لماذا تستثنى من بوالص التأمين الصحي؟
- نظام إداري، ولعدم وجود ضوابط واضحة للحالات النفسية وتقويمها ولهذا يصعب ضبطها من حيث تكاليف العلاج النفسي الذي يمكن أن يمتد إلى سنوات طويلة حسب المدرسة النفسية التي يتبعها المرشد النفسي.
الشكوى والألم
كثرة سماع الشكوى والألم.. ألا يحبطك؟
- هناك طرق للتخلص من الآثار يدرسها كل معالج وإلا فإنه سيكون الضحية الأولى لتلك الأمراض، ولا شك أن المرشد النفسي يواجه أزمة نفسية في بداية عمله، إذ يواجه مشكلات لا يستطيع عقله أن يتحملها وتنعكس على نفسيته، وأذكر في بدايات عملي أني كنت أعود إلى البيت وتنهال مني الدموع على مشكلات تواجه بعض الناس وأستمر في البكاء وأتعجب كيف يتحمل الإنسان مثل تلك المشكلات ولماذا يبتلي الله عباده بها، وكنت أعاني معاناة كبيرة وبعد ذلك تدربت على مواجهة تلك الصعوبات المهنية وتعلمت وضع حواجز نفسية بين ما أسمعه وما أتفاعل معه.
ولهذا يجب على المرشد النفسي أن يتعلم كيف يحصن نفسه من تلك الشحنات الانفعالية التي تتدفق من أصحاب المشكلات وكيف يحمي نفسي من تلك الحالات النفسية التي يسمعها.
والأصل في المرشد النفسي أن تكون حدوده داخل مكتبه ولا يحاول أن يخرج لمساعدة الناس في حل مشكلاتهم خارج نطاق مكتبه فإن ذلك مخالفة للأصول المهنية التي يجب أن يتدرب عليها، والقصص في ذلك كثيرة عندما يخرج المرشد النفسي لحل مشكلة شخص ما فإنه يكون قد خالف أصوله المهنية.
إن حل المشكلة ليست مهمة المرشد وإنما إرشاد المسترشد إلى حل مشكلته بنفسه ومهمة المرشد إعطاؤه الأدوات التي يحل بها تلك المشكلة وليس القيام بحل المشكلة. القضية أصول مهنية واضحة يجب أن يلتزم بها المرشد لحماية ذاته وكذلك عدم تخطي صلاحيتها.
كيف تتسلل إلى أعماق النفس وتحرك المفاتيح الصدِئة؟
- هناك طرق يتعلمها المرشد النفسي لكيفية إقامة وإدامة العلاقة مع المسترشد والدخول معه إلى خفاياه، والمدارس النفسية على اختلافها تعطي المرشد الأدوات التي تعامل معها مع المسترشد والطرق التي يدير بها الحوار حتى يصل إلى أصل المشكلة، وعلى سبيل المثال في مدرسة العلاج الواقعي يقوم المرشد في اتباع طرق واضحة للوصول إلى عقل المسترشد.
وتستند هذه الطرق إلى إقامة علاقة قبل أن تفتح المشكلة ثم اتباع إجراءات معينة لكي يتواصل مع المسترشد ولك خطوة من إقامة العلاقة وتطبيق الخطوات لها تدريبات طويلة حتى يجيدها المرشد ليصل إلى مبتغاة، فالعملية عملية مهنية علمية تقوم على أسس واضحة وليس سوالف بين شخصين أو نصائح يقدمها المرشد للمسترشد أو تفاعل بين شخصين حسب الظروف ولكنها ذات أسس مهنية واضحة يقود فيها المرشد النقاش ويوجه الكلمات ليصل إلى النتائج.
كثيراً ما نجد رجلاً هيناً ومتسامحاً يعيش مع امرأة متسلطة وقوية، والعكس صحيح.. هل هذا مفاده أن الحياة مع الضد أجمل؟
- توافق بين الطرفين حسب أنماط الشخصية وهناك شرح واف في علم النفس لتلك الأنماط.
الغرف المغلقة والمظلمة
حين تتعلق الأمور لمناقشة أدق خصوصياتنا ومشكلاتنا النفسية.. نلجأ أولاً إلى الغرف المغلقة والمظلمة.. هل فضاءات حياتنا مقيدة وقاسية؟
- الحياة رحلة لطيفة وليس فيها تعقيد، لكننا لا نعرف كيف نواجه أحداث الحياة وقد كتبت في هذا كتاب بنفس العنوان أعلم الناس كيف يواجهون أي مشكلة تعترض طريقهم فالقضية علم ومهارة وليس تعقيد في الحياة.
فالحياة يمكن أن تكون قاسية عندما لا تعرف كيف تتفاعل مع معطياتها وأحداثها ويمكن أن تكون سهلة هينة لينة عندما تعرف كيف تواجه أحداثها، مثلها كمثل أي آلة في الوجود فمن لم يعرف قيادة السيارة يجد صعوبة بالغة في القيادة وقد يؤدي به إلى الهلاك عند محاولة قيادة السيارة في الطريق العام من دون معرفة بكيفية تلك القيادة ولكن عندما يتعلم كيف يقود السيارة فإن الأمر يكون في غاية السهولة، العملية تدريب على كيفية مواجهة أحداث الحياة وقد ألفت كتاباً في هذا المجال سميته «أمواج» تحدثت فيه عن كيف تكون الحياة أمواجاً ويتعلم الإنسان ركوب تلك الأمواج دون أن يغرق بها.
إلى أي مدى تتفق مع مقولة أن «الجنس» هو محور غالب الاضطرابات النفسية؟
- لا شك في أثره الكبير ولكن المبالغة في ذلك غير مقبولة وقد أفرد عالم النفسي فرويد فكراً مميزاً في هذا المجال وأظنه يعكس واقعاً كان يعيشه ذلك العالم في مجتمعه وتحدث عنه وهو قضية أساسية في كل المجتمعات البشرية ولكن الأصل ليس الجنس فهو ليس مصدر كل المشكلات ولكنه يشكل مشكلة في حد ذاته كما يشكل غيره مشكلة القضية مرتبطة بأصلين: بالثقافة في المجتمع وكذلك شخصية الفرد.
كمتخصص في المجال النفسي، هل تجد فعلا أن مشكلات «الشذوذ الجنسي» أكثر تفشياً في المجتمعات المحافظة؟
- أظن القضية مرتبطة بالثقافة وليست بالمحافظة أو الانغلاق، ولا شك أن للانغلاق أمراضه الكثيرة وكذلك الانفتاح له أمراضه الكثيرة القضية في كيفية التصدي لتلك الأمراض في الحالتين كلتيهما.
من واقع خبرتك العملية، ألا تتمنى صدور تشريعات تقضي بالفحص النفسي للزوجين قبل الارتباط؟
- لست من الداعين إلى ذلك ولكنني أتمنى أن يصدر تشريع يجرم أن يضرب كل والد أو والدة ابنه أو ابنته بغض النظر عن السبب فليس الضرب أداة تربية وإنما هو عبارة عن عدوانية يمارسها الوالدان على الأطفال، ما يترك آثاره عاهات نفسية مدى الحياة.
لقد وجدت من خلال الجلسات الإرشادية أن الضرب يشكل جريمة كبرى في مجتمعاتنا وهو ممارسة يومية تنم على وجود ميول عدوانية عند كثير من الأسر في مجتمعاتنا العربية ويمارس التسلط على الأطفال بطريقة بشعة.
والأغرب من ذلك استشهادهم بأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بضرب الأولاد عند عشر سنوات وما علموا أن تلك الأوامر فقط مقصورة على الصلاة وليس على السلوك بعمومه فلم يروَ عنه - صلى الله عليه وسلم- أنه ضرب قط ولهذا أتمنى أن يخرج تشريع ٌيحمي الأجيال من هؤلاء المتسلطين من الوالدين على الأولاد مهما كانت نواياهم في ممارسة الضرب، فليس الضرب أداة تربوية وإنما هو أداة تدميرية في كل الأحوال ولا أستثني حالة واحدة.
ما مدى تقويمك لحالة الصحة النفسية لشبابنا وفتياتنا.. وهل ترى أنهم أسعد حالاً من الأجيال السابقة؟
- ليس عندي شك في ذلك وأن حاضرنا خير من ماضينا وأظن أن مستقبلنا سيكون أحسن من حاضرنا والشواهد على ذلك لا تعد ولا تحصى ففي مجتمعاتنا العربية زادت نسبة التعليم والتمدن وتعدَّلت أحوالنا الاجتماعية والثقافية والصحية والتعليمة القضية نمو في كل جانب ولكننا نحتاج إلى تنمية في جوانب كثيرة لكن المقارنة بين الماضي والحاضر شاسعة فهي تصب في مصلحة الحاضر.
رخصة ممارسة الطب النفسي هل تحتاج - في رأيك - لشروط معينة؟
- هناك فرق بين الطب النفسي والإرشاد النفسي أظن أن كليهما يحتاج إلى ضوابط وشروط صارمة ورقابة دائمة على تلك الممارسات. وما يجري في بعض الدول الخليجية من إعطاء ترخيص لممارسة العلاج النفسي أو الإرشاد النفسي أظنه جريمة في حق المجتمعات لأن الرقابة على تلك المكاتب معدومة وليس في ذلك عدالة، فحماية المواطن من غير المختصين أمر من واجبات الدولة.
وأريد أن أضيف قضية أخرى وهي أهمية وجود رقابة على كل من يدعي العلاج بالرقية أو بغيرها ومن دون هذه الرقابة فإننا نمارس جريمة مشتركة مع كثير من الدجالين والمنحرفين الذي يستخدمون علم النفس أو الدين كوسيلة للتسلط على الناس وادعاء النصح والعلاج والإرشاد.
المظهر «المتدين» للطبيب النفسي.. هل يعطيه قبولاً أكثر؟
- القضية مرتبطة بالثقافة وليست بالمظهر حسب المجتمعات، والذي يعطي القبول الأكثر هو المهنية الواضحة في الممارسات الإرشادية وليست المظاهر الخارجية التي يتصف فيها الشخص.
يتشابه المجتمع الخليجي في تركيبته الاجتماعية والاقتصادية.. هل يتشابه أيضاً في مشكلاته وأمراضه النفسية؟
- نعم يتشابه في مشكلاته النفسية وأظن القضية إنسانية وليست اجتماعية.
مشكلات الإدمان وانتشار المخدرات بين فئات الشباب في الخليج، هل الوفرة المادية ظلمت أبناءنا؟
- ليست القضية مرتبطة بالوفرة المادية وإنما باستثمار طاقات الشباب فكل المجتمعات ذات الوفرة أو الندرة تنتشر بها المخدرات.
الإرهاب والعنف
الإرهاب والعنف انتشرا كظاهرة في المجتمع الخليجي، هل تجد أن التغير الذي طرأ على تركيبة الأسرة الخليجية اقتصادياً واجتماعياً أسهم في انتشارهما؟
- كان لي شرف المشاركة بخطة دولة الكويت في مواجهة الإرهاب والتطرف وقد وجدنا في المجتمع الكويتي أن التطرف عبر تاريخه هو مستورد من الخارج وليست له أصول اجتماعية كويتية وهذا الحديث موثق في تلك الخطة وقد تتبعنا مسارات التطرف منذ مئة سنة ووجدنا أن ليس للتطرف مجال في المجتمع الكويتي ولكنه يستورد فيتلقاه الشباب الكويتي ويمارسونه.
التطرف، أحد المؤشرات السوداء في تاريخنا.. لماذا لم يظهر إلا في السنوات الأخيرة؟ هل هو نتاج لأمر غير واضح؟
- التطرف موجود منذ فجر التاريخ ولم يتوقف ولكن في السنوات الأخيرة تبنت الولايات المتحدة الحرب على التطرف فجعلت القضية ذات أولوية في العالم وهي ليست كذلك ولكنها بالنسبة لهم كذلك وحيث إنها تملك سلطان الإعلام والمال والمؤسسات فقد جعلت التطرف أولية حسب تصوراتها ومصالحها الوطنية.
انتشار مراكز الإرشاد الأسري في منطقة الخليج، هل هي مؤشر وعي.. أم أنها حاجة؟
- كلاهما.
تطوير الذات، اكتشاف الذات، كسب الذات.. هل قدمت ما يريح القارئ أو أنها وسعت هوة الانفصال عن الواقع؟
- أظنها أسهمت في بحر لا نهاية لها ولكن تلك الإسهامات تحتاج إلى مؤسسات تتبنى تلك الأفكار حتى تؤتي ثمارها في المجتمعات المختلفة ومن دون تلك المؤسسات في تلك الكلمات ستكون مؤسسات تبني بناء ليست له قيمة وهذا الفرق بين الغرب والعالم الثالث أن الغرب يحول الفكرة إلى مؤسسة والعالم الثالث يبقيها فكرة حتى تتلاشى.
هل تجد إقبال الناس على كتب تطوير الذات وبرامج البرمجة اللغوية ودورات الطاقة.. نوعاً من البحث عمّا هو مفقود؟ أم أنه من متطلبات العولمة الآن؟
- أظنها حاجة عند كل الناس يجدها الباحثون عن الكنز.
هل ترى أننا نجيد لغة الحوار مع الآخر؟ هل فعلاً نحن نستخدم تراثنا الحقيقي أم أن النَّعرات العصبية تحكم قبضتها أكثر؟
- ثقافة المجتمع لا تؤيد الحوار مع الآخر بل تمارس دمار الآخر والشعور بالتسلط على الآخرين والتحكم به تجد يمارس على نطاق الأسرة والمجتمع والثقافة ولهذا ليس لدينا هذه الثقافة التي تعطينا التحاور مع الآخر، وهذا ينطبق مع أولادنا وزوجاتنا فالحق ما يراه المتسلط حقا سواء كان زوجاً أو أباً أو مفكراً أو سياسياً أو غير ذلك.
اتجاه الناس - بسطاء ومثقفين - لبرامج تفسير الأحلام والفتوى في كل ما يتعلق بخصوصيات حياتهم.. ماذا يعني؟
- يعني أن التخلف ما زال ضارباً بجذوره في مجتمعاتنا مثلها كمثل التلبس بالجن والخوف من السحر والعين رغم أن العين حق لكن لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا.
الرواية.. هل حققت من خلالها حالة إبداع أدبي، أم أنك استخدمتها كوسيلة لمعالجة مشكلات نفسية واجتماعية؟
- كتابة الرواية تفريغ شحنات انفعالية وتوصيل أفكار تربوية ونفسية وهي أداة التواصل مع الذات ومع الآخرين وفيها عرض للفكر كما أراه في الحياة وهي في البداية متعة والنهاية رسالة .
الدراما في فضائيات الخليج.. هل تصور حياة الخليجيين الحقيقية، وهل تلامس «الهمَّ» الخليجي؟
- لا أظن ذلك.
الربيع العربي
في ظل التغيرات العربية الأخيرة، ألا ترى أهمية خضوع رموز الأنظمة العربية لدورات مكثفة في القيادة والديموقراطية واحترام إرادة الشعوب؟
- أرى خضوع رموز السياسية والسلطة إلى الرقابة الشعبية وأن الشعب من خلال مؤسساته هو الرقيب على تلك الممارسات في عالم السياسة، أظن أن التسلط صفة يمارسها كل إنسان في السلطة ما لم يضبط في معايير خارجية بغض النظر عن مستوى السلطة التي يحملها، وإذ إن السياسيين في أعلى مراتب السلطة فإن الرقابة عليهم يجب أن تكون أقوى وأكثر شفافية فهم في خدمة الشعب ولهذا لا بد للشعوب من مراقبتهم من خلال مؤسسات كما يتم الآن في الغرب وأميركا.
تدريب الذات القيادية.. من هم رواد هذا المجال؟
- كثيرون في كل أنحاء المعمورة فهي قضية إنسانية منذ فجر التاريخ وكل يغني على ليلاه.
الغرق في الدراسة والبحث والكتابة والتدريب.. هل فوت عليك أمراً أحببته أو أضاع فرصة من يديك؟
- لست من الذين يبكون على الأطلال لكنني أنصح أن يسلك الإنسان ما يحبه وقد سلكت ما أحببته في وقته وأمارس ما أحبه الآن في وقتي.
الأمان الوظيفي يجعل البعض يخنع ويرضى بالقليل.. ما رأيك؟
- أحرص وبشدة على مساعدة الإنسان على أن يتحرر من أي عائق داخلي يوقف تقدمه وتناولت كثيراً مفهوم التحرر من الأمان الوظيفي، إذ شددت فيه على أن الإنسان يستطيع أن يبحث عن ذاته وقد يجدها أكثر في العمل الحر فليس بالضرورة أن الوظيفة اليومية أو الحكومية هي من يمنح النفس الأمان، وفي المقابل أعيب على القادرين ألا يقدموا على هذا الأمر.
إن معظم من لديهم خوف التخلي عن العمل مترددون ولا يقدمون ونسوا أن الله يرزق من يسعى، فالأمن الوظيفي شعور يتملك الإنسان بسبب صورة ذهنية نمطية تكونت نتيجة تراكم خبرات معينة، وقد يتكون الخوف لأن التجربة التي تحرر النفس غائبة، فما الذي يمنع التجربة في العمل الحر أو الخاص؟ فتسعة أعشار الرزق في التجارة.
ضعف المرأة في مجتمعنا منبعه من أين؟
- المرأة ليست ضعيفة في الخلق أو السلوك أو العلاقات ولكن ينقصها أن تشعر بقوتها أولاً، وأن تفخر بهذه القوة، وعلى المجتمع أن يتوقف عن وصفها بالضعيفة أو الفريسة، فهذا يسهم في دفعها لتحقير ذاتها، مؤكداً أن الخيار دائماً بيد المرأة فإما الشعور بالتقدير وإما التحقير.
بحثت عن السلام الداخلي في السجون العراقية من خلال الصدمات
سيرة ذاتية...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.