الشرقية تستضيف النسخة الثالثة من ملتقى هيئات تطوير المناطق    يونس محمود ينتقد ترشيح المنتخب السعودي للقب كأس الخليج    سلمان بن سلطان يدشن "بوابة المدينة" ويستقبل قنصل الهند    تحت رعاية خادم الحرمين.. «سلمان للإغاثة» ينظّم منتدى الرياض الدولي الإنساني الرابع فبراير القادم    رضا المستفيدين بالشرقية استمرار قياس أثر تجويد خدمات "المنافذ الحدودية"    افتتاح إسعاف «مربة» في تهامة عسير    بلسمي تُطلق حقبة جديدة من الرعاية الصحية الذكية في الرياض    وزارة الداخلية تواصل تعزيز الأمن والثقة بالخدمات الأمنية وخفض معدلات الجريمة    "مستشفى دلّه النخيل" يفوز بجائزة أفضل مركز للرعاية الصحية لأمراض القلب في السعودية 2024    وزارة الصحة توقّع مذكرات تفاهم مع "جلاكسو سميث كلاين" لتعزيز التعاون في الإمدادات الطبية والصحة العامة    أمانة جدة تضبط معمل مخبوزات وتصادر 1.9 طن من المواد الغذائية الفاسدة    نائب أمير مكة يفتتح غدًا الملتقى العلمي الأول "مآثر الشيخ عبدالله بن حميد -رحمه الله- وجهوده في الشؤون الدينية بالمسجد الحرام"    السعودية تستضيف الاجتماع الأول لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب    المياه الوطنية: خصصنا دليلًا إرشاديًا لتوثيق العدادات في موقعنا الرسمي    ارتفاع أسعار النفط إلى 73.20 دولار للبرميل    وزير العدل: مراجعة شاملة لنظام المحاماة وتطويره قريباً    أمير الشرقية يرعى ورشة «تنامي» الرقمية    توجه أميركي لتقليص الأصول الصينية    أمير نجران يدشن مركز القبول الموحد    رئيس جامعة الباحة يتفقد التنمية الرقمية    متعب بن مشعل يطلق ملتقى «لجان المسؤولية الاجتماعية»    وزير العدل: نمر بنقلة تاريخية تشريعية وقانونية يقودها ولي العهد    اختتام معرض الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي    دروب المملكة.. إحياء العلاقة بين الإنسان والبيئة    إسرائيل تتعمد قتل المرضى والطواقم الطبية في غزة    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    الجيش الأميركي يقصف أهدافاً حوثيةً في اليمن    استعراض أعمال «جوازات تبوك»    المملكة تؤكد حرصها على أمن واستقرار السودان    متحف طارق عبدالحكيم يحتفل بذكرى تأسيسه.. هل كان عامه الأول مقنعاً ؟    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    ماغي بوغصن.. أفضل ممثلة في «الموريكس دور»    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    التحذير من منتحلي المؤسسات الخيرية    الطفلة اعتزاز حفظها الله    إن لم تكن معي    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    أجسام طائرة تحير الأمريكيين    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    الأمير سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف.    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المديفر: ثقافتنا النفسية «ضحلة» بسبب تعليمنا ... والشارع السعودي مضطرب «غالباً»
نشر في الحياة يوم 28 - 09 - 2010

الدكتور عمر المديفر له رؤية واضحة في النسق الاجتماعي وتحولاته وقدم قبل عام بحثاً لافتاً للنظر حول المشروع السعودي وأبعاده يخبر فيه أننا نملك مشروعاً للدولة الحديثة لكننا لا نلتفت إليه.
يطالب الدكتور عمر في حواره مع «الحياة» معه أن نهتم كثيراً بإحياء مؤسسة الأسرة الأولى وأن لا نبحث عن القضاء بسرعة وأن تعود اللحمة الاجتماعية من أنفسنا وليس من الآخر، ضيفنا يملك رؤية واضحة لدور المرأة في المجتمع قد لا تسعد البعض لكنه يقدمها في إطار موضوعي يشفع لها أن تقرأ بحيادية مطلقة، يعتب كثيراً على سلبية وزارة الصحة تجاه الأمراض النفسية ويدعو لتغيير فلسفاتها في ذلك، ويتمنى أن تستطيع المؤسسات المدنية مد يد العون للمجتمع من داخل المجتمع وليس من خارجه... فإلى تفاصيل الحوار.
هل تظن أن ثقافتنا النفسية ملائمة للتقلبات الاجتماعية الحاصلة في مجتمعاتنا...؟
- ثقافتنا النفسية ضحلة للأسف بسبب أن العملية التعليمية تخلو من أي مناهج نفسية مباشرة أو غير مباشرة، حتى إن المهندس والطبيب يتخرج وهو لم يدرس أي مادة أو موضوع في علم النفس، والوعي النفسي ضرورة لكثرة الضغوط والتقلبات في المجتمع الحديث، والذي يجعلنا أكثر حاجة للثقافة النفسية هو الزلزال الاجتماعي والقيمى الذي تمرّ به كل المجتمعات وبالذات المجتمعات المحافظة مثل المجتمع السعودي.
فالواقع أن الرأسمالية ثم العولمة ثم تلاشي الحدود والحواجز شكّل تحدياً لكل القيم الاجتماعية والدينية، وكذلك الترف المادي وتقديس الأشكال والمظاهر لا المخابر والأخلاق جعل الصدمة أعنف ولهذا قد يكون الحوار المعلن والمفتوح حول النفس الإنسانية وقيمها والقدرة أكثر على فهمها نوعاً من التدريب على الاختيار الأفضل في الحياة الفردية والجمعية.
برأيك هل نحن متشنجون أكثر من اللازم؟
- عدم الثقة بالنفس يجعلك تخشى أن ينتقصك الآخرون ولهذا يتحول النقاش إلى جدال متشنج، وإلى خلاف شخصي بدلاً من خلاف فكري أو خلاف رأي مجرد، وهذه عقلية أي مجتمع يشعر أنه مهزوم، ومع التجارب ومرّ الزمان يقلل التشنج في الغالب ولكن نعم نحن متشنجون إلى حد ما وسبب ذلك أن ما نسميه باللاشعور الجمعي غير واثق من نفسه ولذا يثور بسهولة.
الراقي الشرعي هل يغني عن الطبيب النفسي؟
- غالباً لا، فالرقية علاج شرعي معتمد لكل مرض نفسي أو عضوي، لكنها لا تضاده، وليس بالضرورة أن تغني عن العلاج المادي الحديث وغالب الناس لا يأتون إلينا إلا بعد المرور على راق شرعي من نوع ما أو آخر.
الخطاب الديني.. مرهق
متى يكون الخطاب الديني مرهقاً للنفس؟
- علاقة النفس مع الخطاب الديني علاقة معقدة، وهناك بعض الأبحاث اللطيفة حولها، وفيها معاني دقيقة، فحينما يكون الخطاب الديني يعتمد على الخوف واليأس والإحباط فهو ليس في صالح النفس البشرية وحينما يكون الخطاب رجاء وتبشيراً ودفعاً للأمام فإنه في صالح النفس البشرية، والخطاب الديني مكون أساسي للشخصية، ودخل كل منا في نقطة صلح أو صراع مع كثير من الأمور ومنها الفكرة الدينية فإن لم يستطع التوافق مع الفكرة التي يعتقدها صواباً فإنه يتضرر ويظهر عدم التوافق بأشكال عدة.
و الخطأ والمعصية وارتكابهما ليس دلالة على ذلك إلا أن الله جعل البشر ضعفاء وهم أهل الخطأ، بل وجعل ذلك قربة لهم يحب توبتهم بعدها سبحانه وتعالى ولذا فالخطاب الشامل الإيجابي المتفائل هو الأصوب وهو الذي يكون مسانداً للصحة النفسية، وعكسه هو خطاب ضار للنفس البشرية ومرهق لها.
مؤسسات القضاء في بلادنا هل تملك خلفية جيدة في علم النفس من أجل ضبط مصالح أطراف النزاع؟
- الجواب غالباً لا، لكنها تملك رصيد تجربة وخبرة كبيرة يسمح لها بضبط المصالح ولو تزودت ببعض الثقافة النفسية فهذا أفضل لأداء القضاء، وفى بعض الأمور المحددة يستشير القضاة الأطباء وفي أحيان كثيرة يأخذون التقرير الطبي النفسي في الاعتبار ولكن هناك حاجة لعمل مشترك لصالح المجتمع سواء من حيث معالجة بعض المجرمين، أو التمييز بين المريض النفسي وغيره، أو الحكم على بعض الأشخاص من حيث التكليف الشرعي.
ما الفرق بين خريج كلية الطب تخصص أمراض نفسية وبين خريج قسم علم النفس بكليات التربية؟
- الفرق شاسع مع احترام كل مهنة، فليس هناك أحد أفضل من أحد، ولكن المهنية تقتضي أن نقدر ونحترم حدود كل مهنة، ومشكلة علم النفس أن الخريج الذي تخرج ودرس مدة 4 سنوات يسمى لدينا أخصائي، على رغم انه غير مؤهل إطلاقاً، بينما الطبيب النفسي يمضي على الأقل 11 عاماً ليمكن أن يطلق عليه طبيباً نفسياً، والفارق أن الأطباء يُدربون على التعامل الشمولي مع المرض والاضطراب في العقل والنفس، والتفاعل معه بآليات عدة أشهرها الدواء، أما الأخصائي النفسي فبحسب تدريبه يمكنه ممارسة مهام جزئية مثل قياس أو علاج نفسي (بشرط الحصول على التدريب اللازم بعد إنهاء مرحلة البكالوريوس)، وخريجو علم النفس أشكال وأنواع ومشارب مختلفة لكن الذي نتحدث عنه هم خريجو ما يسمى بعلم النفس العيادي.
ينصحوننا بالكشف الدوري والتحليل كل 6 أشهر، أنتم أطباء النفس هل تنصحوننا بشيء؟
ننصح بإدارة الضغوط بقدر الإمكان والحفاظ على توازن جيد في الحياة، وإذا شعر الإنسان بأنه غير قادر على تحقيق مهام حياته اليومية العادية فعليه التأمل في حاله مع نفسه، وإذا احتاج المساعدة من متخصص فعليه أن لا يبخل على نفسه.
السياق الإجتماعي والقصف
نتحدث أكثر مما نعمل ونطرح فكرة ولا ننجزها... من يعطلنا؟
- خلق البشر بإمكانات لا حدود لها، فهو يفكر ويتخيل أكثر مما يتكلم. ويتحدث أكثر مما يفعل، ولكن ما تقوله له علاقة بالنسق الاجتماعي القائم على شيء من الإحباط و تقليل حجم قدرات الأفراد، فمنها قولهم لم يترك الأول للآخر شيء - مثلاً-، فالسياق الاجتماعي المرتبط باللاوعي الجمعي محبط في العموم لتفوق الآخر وللقصف المستمر للهوية والقدرة السعودية.
وهذا كله يصب في أن تتوقف أفكارنا عند حبر التفكير والحديث فقط، وأنا أتعجب أحياناً من أخبار يقصد بها التعجب مثل سعودي يخترع وامرأة سعودية تأخذ جائزة، أو المرأة السعودية تثبت نفسها!! السؤال المهم هل لدينا شك في أنفسنا ولماذا يكون ذلك؟ لنبارك كل انجاز لكن من دون أن نوحي انه حدث استثنائي.
العنف ضد الأطفال لماذا يأخذ حقه الكامل على أرض الواقع... وأين المؤسسات الداعمة؟
- المجتمع السعودي المسلم قام على أساس الأسرة وأنها مؤتمنة على أبنائها، وأن الجد والجدة والعم والعمة والخال والخالة يتدخلون عندما تضيع حقوق الأطفال، ولكن حينما تفككت الأسرة نتج فراغ واضح في المنظومة.
فمن يساند الأم والأب ويحمل عنهم بعض الحمل، و من ينقذ طفلاً من أب معتل نفسياً، ومن ينقذ طفلة من أم مضطربة، ثم ظهرت العمالة المنزلية ومن يضمن أنها لا تؤذي الأطفال في خضم غياب فعلي أو معنوي للوالدين، ولهذا نشأت الحاجة و تصدى المجتمع لها بأشكال عدة ونشأت لجان الإصلاح و دور الحمايه ومؤسساتها، بل ربما أعطي الموضوع أكبر من حجمه احياناً من خلال تمريض المجتمع السعودي، لكن أعتقد أن المجتمع متحرك في هذا الاتجاه على أصعدة عدة.
الآباء المضطربون نفسياً كيف يمكننا حماية أطفالهم من عبثهم؟
- بتنشيط المؤسسة الأهم الأسرة، والأسرة الممتدة وبعد ذلك تفعيل التدخل الصحي لمساعدة الأب أن يتعافى نفسياً ويستمتع بأبنائه وطفولتهم فهو المحروم أولاً وأخيراً، وذوي الاضطراب الشديد على أهلهم الأخذ على أيديهم أو حتى مصادرة حقهم في الأبوة وليس التخلي عن الطفل الضعيف الذي لا يستطيع حماية نفسه، الشرطة والتدخل القانوني أو حتى نقل الأب إلى المستشفى النفسي رغماً عنه خطوة يجب التفكير فيها في كثير من الأحيان، المشكلة تكمن في عدم تقدير المخاطر والمجاملة وعدم التحرك لحماية الطفل وهذه مسؤولية مجتمع وقبل ذلك الأفراد المطلعين على الموضوع.
قلت في حديث لك... الأزمة السعودية هي أزمة صناعة الإنسان وليست أزمة حقوق وواجبات لماذا أخفقنا... وما هي خيارات الإصلاح؟
- ليس تشخيص الواقع يوحي حتماً بالإخفاق، وأنا أقصد أن الكثير من الناس يطالب بقوانين ومحاسبة، وهذا أمر مشروع والبعض الآخر يطالب بحقوق والآخر يطالب بواجبات وهذه أيضاً أمر مشروع، لكن المشكلة أن الجهد الكبير الذي بذل في الدولة السعودية كان موجهاً للتعليم (وهو صناعة إنسان) والبناء الأسمنتي والمادي، ولكن خلال هذا المسار نتج عندنا إنسان متعلم حرفياً لكنه غير قادر على فهم دوره وأنه حجر مهم في البناء وأن ممارسته هي التي تصنع يوميات الحياة.
خذ مثلاً مشكلة في مدرسة يتدخل المدير لحلها بعنف أو بحكمة،لكنه لا يناقش الطلاب، ولا يبذل جهداً في استخدام المشكلة وحلها لتطوير شخصياتهم أو قدراتهم، ومن ثم تحل المشكلة لكن الطالب يتعود انه ليس جزءاً من الحل، هذا الطالب لن يحافظ على نظافة مدرسته لأن الحل عامل نظافة، ولن يساعد مدرساً مبتدئاً على النجاح في تدريسه لان الحل مدرس آخر أو خصوصي، ولن يصلح حاسوب المدرسة العطلان لأن الحل شركة الصيانة أو الاستبدال!! السؤال هل سيكون هذا الطالب من صناع الحياة في المستقبل؟ هذه هي المعضلة في ظني وهنا القصور في صناعة الإنسان الحقيقي .
على خلفية الحوار الوطني الذي شاركت فيه أكدت أن المرأة السعودية عندنا لا تعيش صراعاً واقعياً مع الرجل... هل تظن أنها بلا مشكلات حقيقية أم أنها بلا قوة قادرة على المواجهة؟
- لا أحد من دون مشكلات إلا الموتى، لكن قضية المرأة وافتعال صراع بينها وبين الرجل فكرة خطرة تتسلل إلى الواقع ونغفل عنها، ومن ثم ستصبح هذه الثقافة النشاز مشكلة.
فتتزوج فتاة وهي ترى انها مقبلة على صراع مع الرجل، بل لا أبالغ لو قلت أن الرجل السعودي تحت القصف بشكل مؤسف فهو يوصف: بالعنف والخيانة والاستغلال والبخل إلى آخر هذه الألفاظ، أنا أقول إن غالب العلاقات بخير وعلاقاتهم تكاملية، ويوجد خلاف ووجهات نظر وأخطاء من كل الأطراف، والصراع ليس الأصل إطلاقاً.
أما قدرة المرأة على المواجهة فانا أخالفك الرأي فالمرأة ذات قوة خفية منذ القدم، ولم يكن ضعفها الجسدي سبب ضعف بل قوة في كثير من الأحيان، وفي المجتمع الحديث خرجت المرأة من دائرة الدور الأسري المهم بحجة انه لا قيمة مادية مباشرة له ويعتبر عطالة عند بعض الرأسماليين الجهلة، وخرجت إلى ادوار أخرى تتفاوت في أهميتها ودورها فعال ومشهود منذ القدم، ولكنها اضطرت إلى اللهاث خلف الرجل لملاحقته بحثاً عن المساواة وتطورت العلاقات أو أعيدت صياغتها فأصبحت المرأة ذات قوة ظاهرة بدلاً من القوة الخفية، ولكن لم تقبل المرأة أن تكون مماثلة للرجل في القوة الظاهرة العقلية المنطقية فحسب، بل استخدمت نفسها واستخدمتها الرأسمالية من خلال قوتها الخفية فأصبحت موظفة مبيعات لأن الرجل يتأثر بها صوتاً وشكلاً فتحولت المساواة إلى متاجرة بجسد أو صوت بأشكال عدة، وكل هذا بحث عن أن تكون مماثلة للرجل!.
الحقيقة أن المرأة تتكامل مع الرجل ويوجد لهذا التكامل صور متطرفة منها تبرير التعدي على المرأة ومصادرة حقوقها وهذا قد ينبع من تراث القسوة أو من الفكرة القائمة على شريعة الغاب، لكن الإسلام والمجتمع المسلم أقل تورطاً في هذه الممارسات المرفوضة والشواهد لا تحصر وهو غير مثالي ويشهد صراعاً بين أفكار موروثة ظلامية معارضة للشريعة وبين عدل الشريعة وتكريمها، والظلم ظلمات ونصرة المرأة واجبة، ولكن زعم الصراع يدفع ثمنه المجتمع ككل والمرأة خصوصاً، ولذا معالجة للظلم يجب أن لا تنطلق من فكرة الصراع.
الأمان الأسري والكوادر المحلية
برنامج الآمان الأسري... كيف تقرأ إطاره النفسي على أرض الواقع...؟
- برنامج الأمان الأسري نواة جيدة لمشروع وطني حقق انجازات في مجال التوعية والتدريب لكن هناك حاجة للبحث عن الكوادر المحلية وتوظيفها بأشكال عدة لصالح البرنامج، وهناك حاجة أيضاً لتحريك وتفعيل النظام الاجتماعي السعودي من خلال الأسرة الممتدة والجد والجدة وغير ذلك، مشكلة المخلصين الناشطين أنهم يبحثون عن حل قانوني لمشكلة اجتماعية معقدة آخر حلولها القانون وليس أولها، والقضاء كان في ما ثبت لديه من حالات رادع بشكل جيد ومن ثم نحن بحاجة إلى البحث في الحفاظ على الأسرة الفعالة وليس عقاب من يخطئ من دون مساعدته.
في مشكلاتنا وقوف في اليمين يقابله وقوف باليسار... كيف يمكننا إيجاد حراك في المنتصف؟
- أصحاب المنتصف يجيدون السكوت في كل المجتمعات غالباً ولهذا يبدو التدافع قوياً لكن لو دققت لوجدت الغالبية هم أهل الوسط في كل القضايا، الحوار السعودي - السعودي أيضاً له منابر محدودة والمنابر مستقطبة أصلاً، فالإعلام له وجهة والمنبر له وجهة، و حدة الطرح تخلق ردود فعل تزيد البون مسافة.
علاوة على أن الطرح القائم على الاتهام يزيد الطين بلة، المنتصف يحركه أهله وناسه ويحركه أن يتحول الإعلام على الأقل إلى وسط للجميع من دون اتهام، إذا كلما زاد التعبير عن الوسط ظهر واتضح واستطاع الناس تبادل وجهات النظر بحسن نوايا وحسن تلق.
الشارع السعودي هل هو مضطرب حين يعبر عن مشاعره؟
- أحياناً نعم، حينما يخرج عن المعقول والمألوف ولكن لا أظن أن هذا هو الغالب إطلاقاً، المشكلة أحياناً انه لا يعبر إطلاقاً! وأظن أن بيوتنا المسورة أكثر من اللازم خلقت خصوصية لكل واحد منا ولكن أيضاً خلقت بعض العزلة التي تؤثر في البنية المجتمعية والله اعلم.
لك بحث منشور حول المشروع السعودي... لماذا تشعر أن بلادنا تسير بلا مشروع واضح؟
- العكس تماماً بلادنا لديها مشروع محدد وهذا الذي وثقته ورصدته في بحث المشروع السعودي وتجدده المنشور في مجلة الدبلوماسي نوفمبر 2009، وكان له صدى جيد لدى المثقفين ولله الحمد، أنا قلق أننا لا ندرك المشروع السعودي ولا نبحث تفاصيله ولا نعمل على تطويره وتحويله إلى هوية وطنية مستقلة ولهذا كتبت هذا البحث.
أليس غريباً أن تبحر في هذا المشروع وأنت ذو صبغة طبية نفسية ما الدافع الذي جعلك تسلك مساراً مختلفاً عن تخصصك الأصيل؟
- التدريب على العلاج الأسري تحديداً يعطي المعالج عمقاً وإحاطة وقدرة أكثر على قراءة وتحليل الظواهر الاجتماعية والتي فيها السياسي والاقتصادي والتقني، ولهذا اعتقد أنني استخدمت التفكير التحليلي الأسري إضافة إلى انتمائي العميق لهذا الوطن كي اخرج بهذا الوصف والتحليل والذي أردته شرارة لبدء حوار لا أجوبة حتمية عن تساؤلات أو ما شابه ذلك.
كيف وجدت التفاعل مع ورقتك من الجهات ذات العلاقة؟
- ليس عندي تصور محدد للأسف إذ لم يحصل بيني وبين أي جهة ذات علاقة أي تواصل. واعتقد أن التقصير مني حيث لم اجتهد في ذلك، ولعل الفرصة تسنح لإيصاله ونقاشه مع متخذي القرار.
بين صراع التيارات كيف نهدئ النفوس قليلاً؟
- نهدئ النفوس بأن لا يتحول الصراع إلى صراع شخصي وسخرية من الأشخاص، وبأن يكون الأصل حسن الظن بالآخر حتى لو أخطأ، وأن الحوار الهادئ ينتج أفكاراً أعمق، ومن يخالفك الرأي يدفع بفكرتك إلى الأمام لأنك ستفكر أكثر وستنضج فكرتك أكثر، ولهذا حينما يكون لدينا ثقة بأنفسنا وقدرتنا على الإبحار حتى في أعتى العواصف والتحاور من أجل صالحنا وصالح الوطن، لو استحضرنا الأهداف لما حصل استقطاب البتة لكن حظوظ النفس وسوء الظن هي المشكلة.
بين كندا وأميركا لمن تصفق في التعليم الطبي؟
- أعتقد أنها متقاربة لكن التعليم الأميركي أحدث ممارسة ولكن أقل اهتماماً بالمريض ككل من حيث المعاناة والمواساة على رغم وجود برامج لذلك لكن بالذات الطب النفسي المدرسة الأميركية فيه بيولوجية بتطرف.
وزارة الصحة تعيش في الستينيات
كيف تقرأ حضور الصحة النفسية في الجهات ذات العلاقة بوزارة الصحة؟
- وزارة الصحة لازالت تعيش في الستينيات فيما يتعلق بالصحة النفسية، وهي فترة كان المريض النفسي يعالج داخل عنابر تنويم في مستشفيات مخصصة، ولكن حالياً كل مستشفى عام يجب أن يكون فيه جناح وعيادات طب نفسي وهذه توصيات منظمة الصحة العالمية، تخيل أن مستشفى الشميسي بالرياض - مجمع الملك سعود الطبي - بضخامته ليس فيه طبيب نفسي ولا عيادة نفسية واحدة.
ومع ذلك نستمر في بناء مستشفيات نفسية بدلاً من إعداد جناح داخل كل مستشفى عام، وعزل المريض وأقسام الطب النفسي يسهم في بقاء وصمة المرض النفسي، والإعلام السعودي حسب دراسة أجريتها لعب دوراً مشابهاً فهو طالب بعزل المريض النفسي وحماية المجتمع منه، على رغم أن المريض النفسي ليس هو الأخطر ولا الأكثر جرماً بحسب إحصاءات عالمية معروفة، طبعاً وزارة الصحة لديها إدارة عامة للصحة النفسية والكل مجتهد لكن المشكلة في الفلسفة المتبعة والتي لم تناقش إطلاقاً داخل تجمع علمي أو لقاء استشاري.
العيادات الحكومية للأمراض النفسية ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب؟
- إلى حد ما الأداء في المستشفيات التابعة لوزارة الصحة خصوصاً غير جيد والقطاع الخاص ليس ببعيد، والسبب أن الطب النفسي في السعودية تأسس وتطور في ظل وجود كوادر من دول عربية محدودة المستوى لا بسبب منها بل لأن تدريبهم محدود للغاية مقارنة بشمال أميركا وأوروبا، ولم تستطع المستشفيات تجاوز هذه الأزمة ولن تتجاوزها والله أعلم في الوقت المنظور
قصور الاهتمام بالكشف النفسي قبل الزواج متى ينتهي؟
- لا يعرف في العالم كله وسيلة للكشف النفسي قبل الزواج وفشلت أبحاث كثيرة في إيجاد علاقة نجاح أو فشل زواجي بين شخصيات عدة، فقد ينجح المتماثلان في الشخصية وقد يفشلان، والعكس صحيح، والمفتاح هو المرونة والتناسب العام، ولذا لا يمكن حالياً التوصية بإجراء كشف نفسي قبل الزواج.
سبر أغوار المريض السعودي والتسلل إلى الزوايا المظلمة فيه... هل هي رحلة شاقة؟
- جداً، إذا عمل الطبيب في مجال العلاج النفسي لا الدوائي فقط ، فان التعرض لأحاسيس الناس وفهمها والتفاعل معها ليس شأناً سهلاً بل يؤثر في رصيد التحمل النفسي، ولهذا يطور الأطباء مهارات عدة للتعامل مع هذه الظواهر وهناك نقاش عن احتراق الأطباء وكيفية مساعدتهم، المشكلة الأخرى أننا كأطباء قد ننظر للمجتمع من خلال الفئة المضطربة والأحداث الاستثنائية ويقع بعضنا في التعميم وسوء الظن مما يخلق نفسية مرهقة للغاية فيفشل باعتباره طبيباً نفسياً.
لماذا التأمين الطبي لا يشمل الحالات النفسية...؟
- الحقيقة لا يوجد سبب وكل الأسباب التي تذكر موهومة أو مفتعلة ونابعة من عدم إعطاء المرض النفسي حقه، فلو أصيب احد ما بجلطة في القلب لاستنفرت غرفة الإسعاف ولكن لو قدم مريض نفسي في حالة خطرة فلن يحرك احد ساكناً، يقولون إن المرض النفسي مزمن وهذا صحيح لكن كل الأمراض مزمنة واقلها غير المزمن فالسكر مزمن والضغط والصدفية والقولون العصبي وعرج على كل الأمراض ولكن التأمين يغطي تكاليفها بكل سعة صدر أما المرض النفسي فلا.
ويقولون إنها مسألة تكلفة والحقيقة أن المرض النفسي محدود التكاليف بل عملية واحدة مثل المرارة تكلف ما يكلفه المريض النفسي مدة ستة أشهر ربما، وهناك من تحيز ضد المرض النفسي بحجة انه بتصرف الإنسان وانه يملك أن يعالج نفسه وهذا أيضاً تحيز ضد المرض النفسي فمصابي الحوادث بعضهم متهور تسبب لنفسه ولكن يعالج على التأمين، كلها أسباب واهية ومرجعها إلى عدم الإحساس بأهمية المرض النفسي.
على رغم أن البنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية أقرت في أبحاث كثيرة أن الأمراض النفسية هي الأعلى تأثيراً على إنتاجية الفرد ولذا دول متقدمة تجاوزت هذا المطب والعمل جار لدينا على تجاوزه ولعل الله ييسر ذلك قريباً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.