خطا الحكم السوداني خطوة نحو وضع حد للاقطاع السياسي في البلاد، تمثلت بوضع اليد على العقارات التي يملكها راعي طائفة الختمية، زعيم حزب الاتحادي الديموقراطي، محمد عثمان الميرغني وشقيقه الرئيس السابق لمجلس رأس الدولة احمد الميرغني. وأعلن مصدر سوداني، مقرب من الرئيس الفريق عمر البشير، "ان الحكومة السودانية ستباشر قريباً اجراءات بيع املاك السيد محمد عثمان الميرغني وشقيقه احمد الميرغني". ولوحظ ان قرار مصادرة املاك اسرة الميرغني، التي تمثل عماد طائفة الختمية ابرز طوائف السودان، لم يشمل الاراضي الزراعية والبساتين الشاسعة التي يملكها آل الميرغني في شرق السودان وشماله، في حين اقتصر الامر على املاك الاسرة وعقاراتها في الخرطوم. وفي الوقت الذي يواصل محمد عثمان الميرغني جولته الخليجية على عواصم تشهد فتوراً في العلاقات مع الخرطوم، ويواصل شقيقه احمد اقامته في القاهرة، بعد ان تردد في اواخر العام الماضي انه سيعود الى السودان. في هذا الوقت اقدم الحكم السوداني على خطوته الاقتصادية الطابع السياسية المضمون. وجاءت مصادرة املاك آل الميرغني في سياق التحرك السياسي الجديد الذي باشره البشير اثر افتتاح البرلمان المعين. وكان الرئيس السوداني قبل افتتاح البرلمان قرر دعوته الى "كل المعارضين السودانيين المقيمين في الخارج بالعودة الى البلاد مستفيدين من قرار العفو العام" بيد ان هذه الدعوة لم تلق الاستجابة المرجوة، ولا يعرف اذا كان محمد عثمان الميرغني وشقيقه احمد اعتبرا ان الدعوة التي اطلقها البشير تعنيهما شخصياً، ام انهما انتظرا اجراء خاصاً بهما، نظراً الى مكانتهما الدينية، ويتمثل في ضمانات معينة، ريثما يقبلا دعوة الحكم ويقررا العودة. وليس معروفاً حتى الان اذا ما كانت مصادرة املاك راعي الختمية وشقيقه ستتوقف عند هذا الحد ام انها ستطال عائلة المهدي بهدف وضع حد للاقطاع الزراعي المسيّس في السودان. واذا كان محمد عثمان الميرغني وشقيقه احمد يقيمان خارج السودان ويتحركان على اساس انهما من اقطاب المعارضة، اسوة بقيادات التجمع العلمانية، فان الصادق المهدي، رئيس الوزراء السابق وزعيم طائفة "الانصار" اختار البقاء داخل البلاد، واخذ بخيار المعارضة الهادئة مراهناً على معطيات داخلية تحمله على التفاؤل بإنهاء حكم البشير. وثمة مؤشرات اخرى تحمل على الاعتقاد بأن خطوة الحكم السوداني بحق آل الميرغني، هي جزء من خطة جديدة اعتمدها نظام البشير مع معارضيه في الخارج. حيث اعلنت الحكومة السودانية ان وزارة الخارجية "لن تجدد جوازات سفر الذين اختاروا عدم التجاوب مع دعوة الرئيس السوداني والعودة الى بلادهم لممارسة انتقاداتهم وفق الاصول المتبعة".