أنصار الرئيس السوداني السابق جعفر نميري وكبار مساعديه، في السودان وفي الخارج، منقسمون على انفسهم، بين راغب في التعاون مع نظام الفريق عمر البشير وبين رافض لهذا "التطبيع" ما لم تنه الحكومة السودانية ارتباطاتها مع الجبهة القومية الاسلامية بزعامة الدكتور حسن الترابي. الرائد المتقاعد ابو القاسم محمد ابراهيم، النائب الاول للرئيس نميري، اعلن في الخرطوم الشهر الماضي "ان ثورة الانقاذ التي قادها البشير مشابهة لثورة مايو التي قام بها نميري في العام 1969" وأن مؤيدي نميري في الخرطوم قرروا التعاون مع النظام الحالي "ليس بهدف الحصول على المكاسب وانما لدعم الوطن وتقدمه". الا ان نميري اصدر بياناً في القاهرة باسم "تحالف القوى الوطنية السودانية" بزعامته اعلن فيه "ان الرائد المتقاعد ابو القاسم محمد ابراهيم يتحدث بصفة شخصية ولا يحق له التحدث عن ابرام تحالف مع نظام البشير"، مؤكداً ان الرائد ابراهيم "اعفي من العمل الداخلي منذ فترة طويلة ولم تفوضه أية هيئة داخلية التفاوض مع سلطة الجبهة او التصريح باسم المايويين"، وأن "تحالف القوى الوطنية السودانية" الاسم الجديد لتنظيم المايويين "يهدف الى اسقاط الفريق البشير". وكانت "الوسط" كشفت الزيارة السرية التي قام بها الرائد ابو القاسم محمد ابراهيم الى القاهرة، في الاسبوع الاول من آب اغسطس الماضي، حاملاً الى نميري عرضاً مغرياً للعودة الى السودان والتعاون مع حكومة البشير. لكن الرئيس السابق لا يزال متمسكاً بشروط عدة للعودة ابرزها لا عودة الى الخرطوم ما لم يفك نظام البشير تحالفه مع الجبهة القومية الاسلامية. ويتوقع مراقبون ان تؤدي "اجتهادات" الرائد ابراهيم وردود فعل الرئيس السابق نميري "الغاضبة" الى تشرذم واضعاف المايويين - اي انصار نميري - داخل السودان. في الوقت نفسه ترى مصادر مطلعة في القاهرة ان انقسام "المايويين" يمكن ان يضعف مركز البشير الذي يمثل العسكريين السودانيين المسلمين المتحالفين مع الجبهة القومية الاسلامية. وتعتقد هذه المصادر ان تعاون المايويين في الخرطوم مع الفريق البشير كان سيعزز سلطة العسكر السوداني، ويمكنه من اعداد حركة تمرد على سلطة الجبهة القومية الاسلامية التي تسيطر سيطرة كاملة على مختلف مرافق الدولة، عدا القوات المسلحة المخترقة من شتى التيارات، وأكبرها تيار "المايويين". ويبدو ان نميري غير مستعد لخوض معركة أخرى من معاركه التكتيكية المعروفة، تفاؤلاً بامكانية الانقضاض على الجبهة القومية الاسلامية من داخل النظام. وبعضهم يرد تصلب نميري وتمنعه الى "كبر السن وفقدان المرونة الذهنية"، فيما يتحدث آخرون عن "ضغوطات"، لا يتوفر اي دليل عليها، تمنع نميري عن العودة الى الخرطوم.