بعد 14 سنة امضاها في مصر منذ اطاحته في 6 نيسان ابريل 1985، عاد الرئيس السوداني السابق جعفر نميري الى الخرطوم، وكان في استقباله ممثل للرئيس عمر البشير ووزراء، وحشد من المواطنين قدر بحوالى عشرين الف شخص، تجمعوا امام المطار وعلى الطريق المؤدي الى مقر اقامة نميري. وكان متوقعاً مساء امس ان يستقبل البشير الرئيس السابق الذي القى كلمة لدى عودته عبَّر فيها عن عزمه على بناء تنظيم سياسي لأنصاره يساهم في "وحدة السودان"، ونوَّه بالمنجزات التي تحققت خلال توليه الرئاسة لفترة 16 سنة. راجع ص6 واستقبل نميري بالزغاريد والهتافات، في حضور ممثل البشير وزير شؤون رئاسة الجمهورية اللواء بكري حسن صالح، وعدد من الوزراء أبرزهم نائب نميري سابقاً ابو القاسم محمد ابراهيم ووزير الصناعة بدرالدين سليمان. وفور هبوط الطائرة السودانية الخاصة قرعت الطبول في مطار الخرطوم، ونزل الرئيس السابق 69 سنة وصلّى ركعتين ثم القى كلمته التي نوه فيها بدور الحكومة في سن قوانين تسمح بالحريات والتعددية الحزبية والمشاركة في السلطة والتداول السلمي. ولم يتعرض نميري لمعارضيه الذين هددوا باجراءات قانونية ضده، او عبروا عن رفضهم عودته الى السودان، وبينهم اعضاء التجمع المعارض. الى ذلك عبر وزير الاعلام في حكومة نميري الدكتور اسماعيل الحاج موسى عن استيائه مما يتردد عن فتح ملفات، وقال ل"الحياة": "لو عمل كل نظام لمحاكمة النظام السابق لطغت الدماء على التسامح، وكل الحكومات في السودان واجهت معارضات مسلحة ومحاولات انقلابية حسمتها بالمحاكمات والاعدامات وليس نميري وحده". وزاد انه "مع المحاسبة الدقيقة لكل من اخطأ في حق البلاد، ولكن في صورة قانونية بعيدة عن تصفية الحسابات". اما أبو القاسم هاشم الذي يشغل موقتاً منصب الأمين العام لحزب التحالف فعبر عن ارتياحه الى الحشد الضخم الذي استقبل نميري، وقال: "بدأ العمل السياسي وسط القواعد قبل اسابيع، وفي حضور الرئيس نميري ستعقد اللجنة المركزية التمهيدية للحزب اجتماعاً يوم الأربعاء في حضور ممثلين عن كل القيادات وشخصيات عامة، وبعد الاجتماع سيبدأ العمل الفاعل في بناء التنظيم وفتح ابوابه للجميع". الدكتور عثمان ابو القاسم الوزير في عهد نميري، وأبرز قادة تنظيم التحالف اعتبر ان "نظام مايو لم يسقط عام 1985 بل سقطت تلك الصيغة المشوهة البعيدة عن روح الثورة". في القاهرة، أجرى وزيرا الخارجية المصري عمرو موسى والسوداني مصطفى عثمان إسماعيل محادثات استمرت نحو خمس ساعات، وأبديا في مؤتمر صحافي تفاؤلاً بتحسن العلاقات بين بلديهما. ورحّب إسماعيل بعرض موسى دوراً للقاهرة في المصالحة السودانية، في حين رفض الوزير المصري الخوض في الخلافات بين مصر والسودان في شأن مثلث حلايب، مؤكداً أن الحدود لا تشكّل مشكلة بين البلدين. وأفيد في الخرطوم ان الوزير إسماعيل ينقل "رسالة مهمة" من الرئيس عمر البشير إلى الرئيس حسني مبارك. كذلك عُلم في العاصمة السودانية أن محادثات إسماعيل وموسى تناولت "الضرورة الملحة لإقرار مبادئ جديدة للتعاون الأمني بين البلدين في إطار اتفاق" يُعد الأول من نوعه بينهما.