الخرطوم - أ ف ب - الزعيم الاسلامي السوداني حسن الترابي الذي أقصاه الرئيس حسن البشير عن قيادة الحزب الحاكم فقيه متعدد اللغات، جهد من أجل بناء دولة الاسلام السياسي، بعدما أصبح العقل المدبر ل"مجلس ثورة الانقاذ" اثر انقلاب 1989. ولد الترابي في كسلا شمال شرق من عائلة دينية من الطبقة المتوسطة، وتتلمذ على يد والده، وهو قاض ورجل دين، وحصل الترابي على اجازة الحقوق من جامعة الخرطوم، ثم على الماجستير من جامعة بريطانية في 1957، ودكتوراه من السوربون في 1964. والى جانب الفرنسية والانكليزية. يتحدث الترابي الالمانية بطلاقة مما يسهل عليه الاتصال بوسائل الاعلام الاجنبية التي كانت تتلقف تصريحاته في شأن الثورة الاسلامية العالمية. وبعد عودته من الدراسة، أصبح الترابي الأمين العام ل"جبهة الميثاق الاسلامية" لدى تشكيلها. ومن هذه الجبهة انبثقت جماعة "الاخوان المسلمين" في السودان. واعتقل الترابي ثلاث مرات خلال السبعينات في ظل نظام الرئيس جعفر نميري، ومع ذلك شغل في 1979 منصب النائب العام. وأيد الترابي قرار نميري تطبيق الشريعة الاسلامية في 1983، وكان الشرارة التي أطلقت الحرب الاهلية في الجنوب. وبعد سقوط نظام نميري في العام 1986، تحالف مع ضابط مغمور رقي للتو الى رتبة فريق، هو عمر البشير، لقلب الحكومة التي جاءت عبر انتخابات ديموقراطية بقيادة شقيق زوجته زعيم حزب الأمة الصادق المهدي. ولكونه العقل المدبر لنظام الخرطوم، فرض الترابي قوانين مستمدة من الشريعة الاسلامية. ما أدى الى عزل السودان عن الأسرة الدولية، ولا سيما عن جارتيه مصر واوغندا اللتين اتهمتاه بمساندة الارهاب. وطبع اتجاه الترابي السياسة الخارجية للسودان على خلفية دعم المد القومي الاسلامي بهدف التحرر من الهيمنة الاميركية - الصهيونية. وفي نيسان ابريل 1991 أسس المؤتمر الشعبي الاسلامي، الذي نصب أميناً عاماً له، ليشكل منبراً للترويج لايديولوجيته. وعقد المؤتمر الذي يضم حركات وتنظيمات يسارية وقومية واسلامية من العالم اجمع، دورتين في كانون الأول ديسمبر 1993، وفي نيسان ابريل 1995 في الخرطوم. وفي شباط فبراير 2000، أغلقت السلطات مقر المؤتمر. وانتخب الترابي رئيساً للمجلس الوطني برلمان في العامين 1996 و1998، وبدأ بتشديد قبضته على السلطة، لكن علاقاته توترت مع البشير الذي عارض هيمنته على المؤتمر الوطني، الذي حل محل الجبهة القومية الاسلامية التي تم حلها في 1989، وتحولت في ما بعد الى حزب سياسي بموجب قانون التوالي السياسي، الذي اتاح تشكيل أحزاب سياسية وبدأ العمل به مطلع 1999. ووجه البشير الذي تتلمذ على يد الترابي ضربة قاسية لاستاذه مع إقصائه عن رئاسة المجلس الوطني وحل البرلمان في 12 كانون الأول ديسمبر الماضي واعلان حال الطوارئ وتعليق بعض مواد الدستور. وجاء القرار بعد 48 ساعة من تصويت النواب على تعديلات هدفت الى الحد من صلاحيات رئيس الدولة. وفجر القرار الصراع على السلطة بين الرجلين وداخل المؤتمر الوطني. وبدأ العد العكسي للتحالف بين قطبي السلطة العسكرية والاسلامية. ووافق الترابي في 23 كانون الثاني يناير على مقترحات المصالحة والتعايش مع البشير مكتفياً بمهام تنظيمية داخل الحزب بعيداً عن مقاليد الحكم، مع اتجاه البشير للتقارب مع جيرانه العرب والأفارقة. وابعد أنصار الترابي عن المناصب الحكومية مع تشكيل الحكومة وتعيين حكام جدد للولايات في 24 كانون الثاني يناير الماضي.