تعقد في موسكو الاثنين المقبل، جولة محادثات جديدة لوزراء الخارجية والدفاع في روسياوالولاياتالمتحدة، بحثاً عن حل للمسائل الخلافية بين البلدين، وفي مقدمها المشروع الأميركي لنشر درع صاروخية في شرق أوروبا. وقال مسؤول روسي بارز إن بلاده تتوقع أن يقدم الأميركيون"اقتراحات محددة"تشتمل على آليات لتقريب وجهات النظر. في غضون ذلك، حض حلف شمال الأطلسي واشنطن على النظر في اقتراحات موسكو حول"الدرع"، كما دعا الحلف روسيا الى"تخفيف لهجة خطابها"ضد سياسته، مشدداً على ضرورة التفاعل بينهما في بعض المناطق وخصوصاً في أفغانستان. وأورد بيان للخارجية الروسية أمس، أن جولة المحادثات الثانية بصيغة"2+2"ستتناول جملة ملفات الأمن الإستراتيجي العالقة بين البلدين، وأبرزها الدرع الصاروخية ومعاهدة الحد من الأسلحة التقليدية في أوروبا، ومعاهدة تقليص الأسلحة الهجومية الإستراتيجية. جاء ذلك غداة إعلان الرئيس الأميركي جورج بوش قراره إيفاد وزيري الخارجية والدفاع الأميركيين كوندوليزا رايس وروبرت غيتس الى العاصمة الروسية لإجراء جولة جديدة من المحادثات بعدما كانت الجولة الأولى بين الجانبين بالصيغة ذاتها والتي عقدت في موسكو في تشرين الأول أكتوبر الماضي، فشلت في تقريب وجهات النظر في أي من الملفات الخلافية. وأعلنت موسكو في حينه أن الجانب الأميركي تعهد تقديم اقتراحات جديدة. ونقلت وكالة أنباء"نوفوستي"الروسية أمس، عن مصدر ديبلوماسي بارز، قوله إن موسكو تتوقع أن يحمل الوزيران الأميركيان في الجولة المقبلة"الاقتراحات المحددة التي وعدا بها، وتتعلق تحديداً بمشروع الدرع الصاروخية التي تنوي واشنطن نشرها في أوروبا على رغم المعارضة الروسية القوية". وأوضح المصدر الروسي أن الاقتراحات التي تنتظرها موسكو تتعلق ب"إجراءات ثقة"تطالب بها روسيا لضمان عدم تعريض أمنها الاستراتيجي للخطر بسبب نشر النظام الصاروخي الأميركي قرب حدودها. روسيا تطالب بمراقبة المنشآت الصاروخية ومن بين هذه الإجراءات تمكين الخبراء الروس من التواجد في شكل دائم في منشآت الدرع الصاروخية في بولندا وتشيخيا، لمراقبة عملها وضمان أنها"ليست موجهة ضد روسيا"، علماً بأن البولنديين والتشيخيين يعارضون بقوة وجوداً روسياً دائماً على أراضي البلدين. ولمح المصدر إلى أن اللقاء الرباعي المقبل، مهدد بالفشل مثل سابقه باعتبار أن مشكلة الرقابة الروسية على نشاط منظومة الدرع الأميركية، ليست العقبة الوحيدة التي تمنع من تقريب وجهات النظر بين موسكووواشنطن، وأضاف:"حتى لو تقدم الأميركيون باقتراحات جيدة على هذا الصعيد فإنها لن تحل المشكلة الأساسية وهي إيجاد آليات مشتركة لدراسة المخاطر التي تهدد أوروبا وتبني سياسات جماعية لمواجهتها". وكانت موسكو اقترحت ضم الاتحاد الأوروبي إلى محادثاتها مع الأميركيين بهدف التوصل إلى حلول مشتركة لمشكلات الأمن الإستراتيجي في أوروبا. ويعتبر الروس أن واشنطن تتعمد عدم إشراك الأوروبيين في مناقشة القضايا الأساسية. ورأى المصدر الروسي ان واشنطن تسعى إلى"تقديم حلول جزئية للمشاكل القائمة"، لافتاً إلى"مماطلة"أميركية في مسألة توقيع معاهدة جديدة لتقليص السلاح الهجومي الاستراتيجي. وحذر من أن مواصلة هذه السياسة، تزيد من مخاطر تصاعد سباق التسلح الجديد في العالم الذي تسعى موسكو جاهدة الى تجنب إطلاقه. "درع"في تركيا؟ في المقابل، تحدثت مصادر أميركية عن احتمال توجه واشنطن الى بناء درع صاروخية في تركيا بهدف تضييق الخناق على إيران والتصدي لقدراتها الصاروخية. ولم يستبعد مصدر روسي تحدثت إليه"الحياة"أمس، أن تكون هذه"الأفكار"ضمن عناصر البحث خلال اللقاء الرباعي المقبل في موسكو، باعتبار أن هذا التوجه"يخفف من مخاوف موسكو من المشروع الأميركي ويثبت للروس أن الدرع الصاروخية ليست موجهة ضد بلادهم بل ضد المخاطر الناجمة عن إيران". في الوقت ذاته، توقع المصدر أن تكون قمة دول حلف الأطلسي المقررة بداية الشهر المقبل ويتوقع أن يحضرها الرئيس فلاديمير بوتين، حاسمة على صعيد المسائل الخلافية بين الطرفين، لجهة حلحلة بعض المسائل العالقة أو تصعيد المواجهة الحالية بين الطرفين في حال فشلت الجهود في تقريب وجهات النظر. "الأطلسي" في الوقت ذاته، قال الناطق باسم الحلف الأطلسي ناتو جيمس اباتوراي ان الحلف"يرى ان على واشنطن النظر في الاقتراحات الروسية حول منظومة الدفاع الصاروخية المزمع نشرها في أوروبا". وكانت روسيا اقترحت على الولاياتالمتحدة استخدام محطة رادار في غابالا في أذربيجان وأخرى للإنذار في ارمافير، بدلاً من نصب رادار أميركي في تشيخيا ونشر عناصر من الدرع الصاروخية في بولندا. وأضاف الناطق أن الحلف يأمل في الحصول على نتائج عملية من مشاركة الرئيس الروسي في قمة الناتو التي ستعقد في بوخارست، مشدداً على ضرورة التفاعل بين الطرفين في أفغانستان. ورأى ان"التعاون يحمل الفائدة لروسيا والناتو، مع أن المقصود بذلك ليس الاستقرار فحسب بل ومكافحة الاتجار بالمخدرات"، مشدداً على حرص الحلف على توسيع التعاون مع روسيا في مجال التدريب المشترك للخبراء في مجال مكافحة المخدرات. وأشار أيضاً إلى أن"عملية مكافحة الإرهاب لها أهمية كبيرة بالنسبة لروسيا والناتو"، لافتاً إلى أنهما"سيجريان تدريبات مشتركة بالقرب من سواحل النروج الصيف المقبل". وشكا اباثوراي من"لهجة خطابية عالية على مستويات عليا"للسلطة في موسكو، مؤكداً من"ان الخطاب الساخن الذي تصدر الصفحات الأولى للصحف، تجاوز قليلاً ما هو مقبول".